الزواج في لبنان… للمقتدرين فقط!
أدّت الأزمة الاقتصاديّة والمعيشيّة التي ضربت لبنان منذ العام 2019 وتفاقمت مع تفشي وباء كورونا إلى مشكلات اجتماعية خطيرة جداً، فزمن الأعراس والاحتفالات الضخمة والفساتين الفخمة ولّى ولن يرجع قريبًا كما يبدو، وحتى فكرة الزواج والشروع بتكوين أسرة أصبح حلمًا بعيد المنال لدى أي شاب وشابة لبنانية.
فإن صحت الأرقام والإحصاءات أم لا، فالواقع الاجتماعي اللبناني الوحيد الذي نشاهده هو ارتفاع نسبة العازبين والعازبات في مجتمعاتنا وعمر الزواج الى ارتفاع عامًا بعد عام.
تقول سالي، 35 عامًا، لـ”لبنان 24″، انها إلى اليوم لم تلتقِ بعد بشخص جديّ لديه الامكانات لأن يكون شريكَ حياتها، أما الذين صادفتهم خاصة في السنوات الأخيرة فقدراتهم المادية لا تمكنهم من بناء عائلة جديدة مستقلة، لذلك تفضل البقاء عازبة في هذه الأحوال الصعبة.
أما جورج، 45 عامًا، فيقول أنه يعيش واقعًا مأسويا فكل ما جناه منذ بداية حياته العملية بات مجمدًا في المصارف منذ أربع سنوات، وهو محبط ولا ينوي حتى التعرّف على أية فتاة، وقد بلغ عمرًا تخطى به سن الزواج المتعارف عليه في مجتمعاتنا وتقاليدنا الموروثة.
أرقام مقلقة
أكّد الخبير الإحصائي في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين لـ”لبنان 24″ أن “الأزمة الإقتصادية التي عصفت بلبنان منذ نهاية عام 2019 وما زالت مستمرة أدّت إلى تراجع في معدلات الزواج بنسبة 18% بين 2018 و2022، فعقود الزواج التي سجّلت في العام 2018 أي قبل الأزمة بلغت 36.287 عقدًا، وتراجعت بشكل لافت بين عامي 2019 و2020 لتصل في العام 2022 إلى 29.770”.
وقال شمس الدين أن “أرقام العام الحالي لم تصدر بعد، لكن أصداء النتائج الأولية تدلّ على أنها انحدرت الى مزيد من التراجع عما كانت عليه في العام 2022”.
واعتبر “أن أهم الأسباب التي أدّت إلى هذا التراجع هو توقف البنوك ووزارة الاسكان عن منح القروض السكنية للافراد، فقبل الأزمة كانت تلك القروض تعطى لحوالى 10 آلاف مواطن سنويًا، وانعدامها اليوم يعني جمودا في حالات الزواج لعدم تمكن معظم المواطنين الشباب من تأمين شقة سكنية لتكوين أسرة”.
وتابع: “ما زاد من تفاقم الأوضاع السكنية هو ارتفاع قيمة الايجارات وزيادة الطلب عليها بعد استحالة امكانية شراء المنزل، وبالتالي لقد أصبح الزواج ترفًا يعجز أغلب اللبنانيين عن تحقيقه أو يبقى مشروعًا مؤجلاً”.
الخوف من الإنجاب
تعليقًا على هذه الظاهرة أشارت الأخصائية النفسية ماريا ماجدالينا شلح الى أن “لبنان يعاني من أزمات اقتصادية كبرى، مما قد يجعل الوضع المالي للشروع بالزواج صعباً”.
وعن الخوف من الانجاب، قالت شلح أنه “في ظل الأزمة الاقتصادية قد يعود القلق من عدم القدرة على تأمين احتياجات الأسرة التي باتت مكلفة جدًا في ظل غياب الجهات الضامنة، فكل ما يتعلق بالامور التربوية والصحية أصبح على عاتق المواطن اللبناني”.
وأضافت: “تلك الظروف الصعبة جعلت الكثير من الأسر تتردد قبل الشروع بالإنجاب خوفًا من عدم تمكنها من توفير الرعاية الصحية للمواليد الجدد. لذا فان هذه النظرة الواقعية للامور أدت الى تأجيل اتخاذ القرار بأي ارتباط أو بإلغائه كليًا”.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook