آخر الأخبارأخبار دولية

صور معتقلين فلسطينيين شبه عراة في غزة.. هل يعاقب القانون الدولي على هذه الممارسات؟

منذ 7 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، أثارت صور الفلسطينيين الذين اعتقلهم الجيش الإسرائيلي وهم شبه عراة في قطاع غزة موجة من التعاطف. وينفي الجيش الإسرائيلي وقوفه وراء تصويره في تلك الوضعية لكنه يؤكد أنه تم تجريد هؤلاء المعتقلين من ملابسهم كإجراء أمني. لكن كثيرين يطرحون تساؤلات بشأن قانونية مثل هذه التصرفات، فيما يعتبر نشر صور مهينة لمعتقلين بمثابة جريمة حرب، وفق تأكيد منظمة هيومن رايتس ووتش لمراقبون فرانس24.

عشرات الفلسطينيين أو مئات منهم شبه عراة وسط الشارع وقد جردوا من معظم ملابسهم وعصبت أعينهم وجثوا على ركبهم: هذا ما تظهره منذ بداية شهر كانون الأول/ ديسمبر الجاري عدة صور ومقاطع فيديو وثقت عملية اعتقال جماعية نفذها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة.

بدأ تداول أول صور عملية الاعتقال في يوم 7 كانون الأول/ ديسمبر الجاري على حساب مناصرة لإسرائيل في تطبيق تلغرام. وكان الجيش الإسرائيلي قد نفذ عمليات اعتقال لعشرات الفلسطينيين، بينهم كثير من المدنيين وفق ما أوضحه مقال لأسرة تحرير مراقبون فرانس24، وتم التقاط صور ومقاطع فيديو لهذه الحادثة.

وتظهر صورة ومقطع فيديو بالخصوص عشرات الفلسطينيين المعتقلين وهم يرتدون ملابس داخلية فقط وقد أحاط بهم جنود من الجيش الإسرائيلي. كما تظهر تسجيلات مصورة أخرى نشرت في 7 كانون الأول/ ديسمبر الجاري مجموعات من المعتقلين، أيضا بملابس داخلية فقط، أثناء نقلهم في شاحنات أو محاطين بجنود إسرائيليين في منطقة رملية وقد جثوا على ركبهم وعصبت أعينهم.

صورة تظهر جنودا من الجيش الإسرائيلي عشرات من سكان مدينة بيت لاهيا في قطاع غزة وهم شبه عراة قبل أن يتم نقلهم في شاحنات. صور من تويتر/ تركيب مراقبون © صور من تويتر/ تركيب مراقبون

منذ تلك الفترة، تم تناقل صور أخرى لمجموعات من المعتقلين الفلسطينيين عبر الإنترنت مثل تلك الصورة التي تظهر رجلا بملابس داخلية فقط واقفا على رصيف، ونشرت هذه الصورة في 9 كانون الأول/ ديسمبر 2023.

في 12 كانون الأول/ ديسمبر، نشرت القناة التلفزيونية الإسرائيلية إن 12 على حسابها في تطبيق تلغرام صورة لبعض مئات من المعتقلين الفلسطينيين وهم محاطين بالرمال دون تقديم توضيحات بشأن سياق التقاطها.

صورة لمعتقلين فلسطينيين في قطاع غزة نشرت تواليا في 9 و12 كانون الأول/ ديسمبر 2023.

صورة لمعتقلين فلسطينيين في قطاع غزة نشرت تواليا في 9 و12 كانون الأول/ ديسمبر 2023. صور من تويتر/ قناة إن12 الإسرائيلية/ تركيب مراقبون © صور من تويتر/ قناة إن12 الإسرائيلية/ تركيب مراقبون

وإذا ما كان مصدر هذه الصور مجهولا، إلا أن بعض المؤشرات تترك انطباعا بأن جنودا من الجيش الإسرائيلي هم من التقطوها. حيث أن معظم هذه المشاهد المصورة، التي لا نرى فيها سوى جنودا ومعتقلين، التقطت إلى جانب عسكريين إسرائيليين أو حتى على متن عربات تابعة للجيش. زد على ذلك أنه يمكن أن نرى في أحد مقاطع الفيديو قميصا أخضر لزي عسكري تابع للجيش الإسرائيلي كان يرتديه الشخص الذي تولى التصوير.

لكن في المقابل، يؤكد الجيش الإسرائيلي أنه ليس مسؤولا بشكل مباشر على نشر هذه الصور عبر قنواته التقليدية. وفي 10 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، صرح مستشار الأمن القومي في إسرائيلي تزاشي هنيغبي بأن هذه الصور “لا تخدم مصلحة أحد” معربا عن أمله في توقف تداولها.

معتقلون جردوا من ملابسهم لأسباب أمنية وفق رواية الجيش الإسرائيلي.

أوضح الجيش الإسرائيلي أيضا أن ظروف اعتقال هؤلاء الفلسطينيين ارتبطت بأسباب أمينة.

“يكون من الضروري في بعض الحالات، في حال الاشتباه بوجود إرهابيين، أن يتم تجريد المعتقلين من ملابسهم حتى يتم تفتيشهم بغية التأكد من أنهم لا يحملون سترات تحمل عبوات متفجرة أو أسلحة، وفق تأكيد مصدر في الجيش الإسرائيلي لموقع التحقق من الأخبار شيك نيوز Check News.

“لم تتم إعادة ملابس المعتقلين لهم بشكل فوري (للتوقي) من حالات يمكن أن يتم خلالها إخفاء أشياء قد تستخدم لأغراض عدائية (فريق التحرير: مثل السكاكين). تمت عملية إعادة الملابس للمعتقلين عندما كان ذلك ممكنا”.

جريمة حرب في حال نشر صور مماثلة مباشرة من الجيش الإسرائيلي؟

في المقابل، يمكن أن يشكل النشر المتعمد لصور معاملة مهينة لآدميين انتهاكا للقانون الدولي،ـ وفق توضيح منظمتي هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية غير الحكوميتين لفريق تحرير مراقبون فرانس24.

“التقاط صور لمعتقلين يمكن أن يكون له ما يبرره في بعض الحالات” يقول أحمد بن شمسي مدير الاتصال والإعلام لهيومن رايتس ووتش في منطقة الشرق الأوسط . “ولكن عملية نشر مثل هذه الصور تمثل جريمة حرب، لأن ذلك يظهر نية في الإهانة ونشر معاملة سيئة لآدميين”.

تم ذكر هذه النقطة في المادة الثالثة من اتفاقية جنيف التي تعود لسنة 1949 “التي تطبق على كل طرف في نزاع مسلح في فلسطين وفي إسرائيل، وتنص على أن كل شخص معتقل من طرف من أطراف النزاع يجب أن يتلقى، في كل الظروف، معاملة إنسانية”.

في هذا الصدد، وصفت منظمة هيومن رايتس ووتش أيضا مقاطع الفيديو التي نشرها حركة حماس لرهائن إسرائيليين بأنها “جريمة حرب”.

“الممارسات الممنوعة تشمل انتهاك كرامة الشخص خصوصا من خلال معاملة مهينة وتسيء لكرامته” وفق تأكيد المنظمة غير الحكومية الأمريكية التي أشارت أيضا إلى أن كل انتهاك لهذه المادة يعد جريمة حرب.

بدورها، أشارت منظمة العفو الدولية غير الحكومية إلى نفس النقطة في حديثها مع فريق تحرير مراقبون. وتقول تشيرينا جيرولون المسؤولة عن برامج النزاعات في هذه المنظمة غير الحكومية إن المادة 13 من اتفاقية جنيف الثالثة، المتعلقة بأسرى الحرب تؤكد على “ضرورة حماية أسرى الحرب ضد جميع أعمال العنف أو التهديد، وضد السباب وفضول الجماهير. وتحظر تدابير الاقتصاص من أسرى الحرب”.

“يشمل مصطلح فضول الجماهير استخدام كل تجهيزات إعلامية يمكن أن تسمح بتحديد هوية المعتقلين مثل الصور ومقاطع الفيديو والتي يمكن أن تدخل، في إطار فضول الجماهير. وبالتالي فإن أي عملية تداول ونشر ونقل هذه المحتويات الإعلامية يجب أن يتم وفق مقتضيات هذه الاتفاقية”

قناة تلغرام رسمية يشرف عليها الجيش الإسرائيلي، وفق تأكيد صحيفة هآريتز

وعلى الرغم من أن الجيش الإسرائيلي لم ينشر أيا من هذه الصور على حساباته الرسمية في منصة إكس (تويتر سابقا) أو وسائل تواصل اجتماعي أخرى، إلا أن تداول الصور ومقاطع الفيديو للمعتقلين بدأ في 7 كانون الأول/ ديسمبر الجاري بعد الظهر عبر تطبيق تلغرام من خلال حسابات كثيرة مناصرة لإسرائيل، تنقل باستمرار صورا لعمليات الجيش الإسرائيلي.

تم تداول هذه الصور بعد مرور بضع ساعات من قناة في تطبيق تلغرام  يطلق عليها “‘72 فيرجينز – أنسنسورد 72 Virgins – Uncensored”. وكشفت صحيفة هآريتز الإسرائيلية من جهتها في 12 كانون الأول/ ديسمبر الجاري بأن هذه القناة تمثل حسابا رسميا يشرف عليه الجيش الإسرائيلي.

ونقلا عن مسؤول عسكري رفيع المستوى في الجيش الإسرائيلي، قالت الصحيفة إن هذه القناة تحت إشراف مصلحة العمليات النفسية التابعة للجيش الإسرائيلي. فيما نفى الجيش الإسرائيلي من جانبه هذه المعلومات.

معتقلون “تم التعامل معهم وفق مقتضيات القانون الدولي”؟

ماذا بشأن وضع هؤلاء المعتقلين أنفسهم؟ يرد الجيش الإسرائيلي في تصريحات لعدة وسائل بأن هؤلاء المعتقلين “تلقوا معاملة تحترم مقتضيات القانون الدولي”.

وبالرغم من أن الكثير من الفلسطينيين الذين تم اعتقالهم أطلق سراحهم في وقت لاحق وفق تأكيد عدة شهود، إلا أن أشخاصا آخرين ما يزالون رهن الاعتقال إلى غاية نشر هذا المقال في 13 كانون الأول/ ديسمبر الجاري. ويتعلق الأمر بالخصوص بصحافي الخدمة العربية في وسيلة الإعلام ذي نيو أراب The New Arab, ضياء الكحلوت الذي اعتقل  من جملة المحتجزين شبه عراة في 7 كانون الأول/ ديسمبر الجاري. وطالبت منظمة مراسلون بلا حدود بتقديم معلومات بشأن اعتقاله وذلك في رسالة نشرتها على حسابها في منصة إكس يوم 11 كانون الأول/ ديسمبر الجاري.

منذ مطلع كانون الأول/ ديسمبر الجاري، أي بعد نهاية الهدنة الإنسانية المؤقتة، أكد الجيش الإسرائيلي أنه اعتقل “ما يقارب 140 إرهابيا تابعين لحماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة” من دون تقديم توضيحات في أي إطار تم اعتقال هؤلاء الأشخاص في إطار العمليات العسكرية خلال الأيام الماضي.

ودائما حسب صحيفة هآريتز في تقرير نشر يوم 10 كانون الأول/ ديسمبر الجاري،  فإن الجيش الإسرائيلي يقدر بأن ما بين 10 إلى 15 بالمئة من المعتقلين لديه “مرتبطون بحركة حماس”.

وفي الوقت الذي يحيط فيه كثير من الغموض بشأن مصير هؤلاء المعتقلين، يذكر أحمد بن شمسي من منظمة هيومن رايتس ووتش بأن كل واحد من المعتقلين يحق له عدد محدد من الحماية القانونية: “ينص قانون الحرب على أنه يجب إعلام هؤلاء الأشخاص بشكل سريع بالأسباب التي أدت إلى احتجازهم”. وهو ما يعني أنه في حال بقاء شخص في حالة إيقاف دون توجيه أي تهمة له بعد انقضاء 48 ساعة، يجب أن يتم إطلاق سراحه”.

ويوضح المسؤول في المنظمة غير الحكومية الأمريكية أن كل سجين يجب أن يحظى بفرصة الاعتراض على احتجازه. حيث يقول: “إذا لم يتم احترام أي من هذه الحقوق، فإنه احتجاز شخص يمكن اعتباره غير قانوني ويشكل انتهاكا لمعاهدة روما” التي أسست بمقتضاها محكمة الجزاء الدولية.

//platform.twitter.com/widgets.js


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى