أمام مشهدية المجازر الإسرائيلية… ما نكتبه تافه ومملّ
أمّا الموضوع الأهم لحديث الصالونات والصحف والمواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي ولمطالع النشرات الإخبارية فهو موضوع قيادة الجيش مع اقتراب موعد إحالة قائده الحالي العماد جوزاف عون إلى التقاعد في العاشر من شهر كانون الثاني المقبل، وعمّا إذا كان التمديد له سيكون هو الأرجح من بين المخارج المطروحة لتلافي الفراغ في قيادة الجيش في هذا الوقت المفصلي، مع ما لهذه المؤسسة، التي لا تزال الملاذ الآمن، من أهمية وطنية خاصة.
والذين تتبعوا ما يصدر من تصريحات وحملات متبادلة حول موضوع التمديد للعماد عون يعتقد أن الدنيا بألف خير، وأن هموم المواطن باتت محصورة بما يمكن أن يقوله بعض من هؤلاء السياسيين، الذين تباعد بينهم وبين ناسهم مسافة ضوئية تُقاس بالسنين. فهموم المواطنين في مكان غير المكان الذي يحاول بعض رجال السياسة وضعهم فيه، وهو المكان الذي لا يشبههم بشيء، بل يشبه المصالح التي تجمع هؤلاء السياسيين حينًا، وتباعد بينهم أكثر الأحيان.
فإذا كان المواطنون قد ملّوا مما نكتبه ومما نحاول أن نقدّمه من مادة جديدة جديرة بالقراءة، وتخاطب عقولهم وليس غرائزهم، فإنهم لم يعودوا بالتأكيد يهتمّون بما يقوله هذا السياسي أو ذاك الزعيم، مع ما بات راسخًا في أذهانهم من أن أغلبية ما يسمعونه لا يخلو من كمّية غير مبالغ فيها من الدجل السياسي لأغراض شعبوية لم تعد حبائلها تنطلي على أحد.
لا نعمّم. ولكن إذا اقتضى الأمر فإن التعميم يصبح أداة من بين أدوات كثيرة للدفاع عن وجهة نظر لا نزال نعتقد أنها الأصح نسبيًا في ما يتعلق بأي محاولة للمسّ بهيبة المؤسسة العسكرية، لأننا مقتنعون بأن ما يُبقي لبنان واقفًا على رجليه هو هذا التفاني الذي يبديه جميع المنتمين إلى “مؤسسة الانصهار الوطني” في تنفيذ ما يُطلب منهم من مهام أمنية.
من هنا، فإن المسّ بمعنويات الضباط والرتباء والجنود في هذه الظروف الصعبة، التي يمرّ بها البلد، هو بمثابة “الخيانة العظمى”، بغض النظر عمّا يتم تداوله من حلول لتحاشي الوصول إلى أي فراغ في القيادة العسكرية. فإذا كان موضوع عدم تسريح العماد جوزاف عون والتمديد له لسنة أو إلى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية هو الحلّ فلتأخذ الأمور مسارها الطبيعي، ولتؤخذ المصلحة العليا للوطن في الاعتبار، لأن الاستقرار العام خطّ أحمر، وهو فوق أي اعتبار آخر.
أمّا إذا كان هذا الحلّ متعذّرًا، وهو ليس كذلك، فليؤخذ القرار المناسب، الذي من شأنه أن يؤّمن ديمومة الاستقرار، وديمومة بقاء المؤسسة العسكرية – الأم الأمل الباقي بقيامة قريبة لوطن لم نعد نعرف ماذا نكتب عنه، وهو الذي لا يزال الأجمل على رغم ما يُلصق به من تشوهّات وبشاعات هي بعيدة كل البعد عن طبيعته وطبيعة أهله، الذين يحبّون الحياة وثقافتها.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook