آخر الأخبارأخبار محلية

كيف عبثت حرب تشرين الاول بصحة اللبنانيين النفسية؟

يترقب اللبنانيون يوميًا أوضاع الحرب المندلعة في غزة وتطوراتها والوضع المتوتر في جنوب لبنان، والاسئلة نفسها يطرحونها على بعضهم البعض وعلى انفسهم “هل الحرب قادمة؟”، “هل تتوحد الجبهات؟”، “هل تعلن الحرب ويقع المحظور؟”.

يشهد لبنان هذه الايام بفئاته وبطوائفه وكما جرت العادة عند كل مفترق طريق وعند تقرير كل مصير انقسامات حادة وتباينات في وجهات النظر، فانقسام  الشعب اليوم يندرج بين من يريد الحرب وبين من يرفضها، وفي كلا الخيارين الامر لن يمرّ مرور الكرام على صحة اللبنانيين النفسية. 

 
يقول خليل، مواطن لبناني يبلغ الستين من عمره، يسكن في منطقة الجديدة، أنه لا يفارق التلفاز منذ أحداث 7 تشرين الاول، وهو متخوف من الانعكاسات الخطيرة  على الداخل اللبناني، مستذكرا ما مر به مع افراد عائلته من تجارب مريرة عاشها خلال الحرب الاهلية.

 

 أما فادي، رجل خمسيني، من سكّان منطقة جزين، فيكشف لـ”لبنان 24″ أنه قد “جهز ما يجب تجهيزه من مستلزمات  كالغذاء والدواء، في حال أجبر على الهروب هو وعائلته الى مكان اكثر امانا من بلدته التي قد تتعرض للقصف حينما تتوسع رقع المعارك”.
 
 
ماذا يقول “علم النفس”؟

 
أشارت الاخصائية النفسية تاتيانا نصار لـ”لبنان 24″ الى أن “الشعب اللبناني عانى ويعاني من أزمات متواصلة تمتد منذ ما قبل عام ٢٠١٩، وما زالت مستمرة لا بل تصاعدت وتيرتها في الآونة الاخيرة، وهذه الفترة الطويلة من القلق الدائم تعني ان الجهاز العصبي لدى معظم المواطنين قد تعب، والـirritability أي ما يعرف بالغضب المستمر او العصبية المفرطة هي ردة فعل طبيعية في الحالات غير الطبيعية خلال الازمات والحروب، وما يزيد من حدتها هو اننا ننتقل من أزمة الى ازمة اكثر خطورة من دون استراحة”.

 
وأضافت نصار: “سرعة الانفعال التي يشتكي منها المواطن اليوم ناجمة عن ردة فعل لا ارادية يصدرها اللاوعي عندما يشعر الانسان انه في حالة خطر، وهذا النمط المعاش في التخبط والقلق يحتم علينا التأقلم معه وحماية أنفسنا من ضرره بأسرع وقت قبل ان يتملكنا، واي خطأ او ازعاج نختبره بطريقة مضاعفة، سيكون له ردة فعل ستظهر كأنها مبالغة”.

 
أما عن الشعور بالذنب لدى المواطن اللبناني المتأتية من الصعاب والالام المحيطة به، فتقول الاخصائية النفسية: “الـ”Survival guilt” أو ذنب النجاة هو نوع من التعاطف يشعر به شخص أمن بنفسه من المخاطر ونجا من الاذية، في حين ان أشخاصا اخرين على معرفة بهم او هم من المقربين منه قد اصابهم الاذى وطاولتهم الاعمال الاجرامية ولم يسلموا. ولهذا الامر تداعيات تخلق عند الناجين من الناس  عقدة الذنب، وهذه راسخة في طبيعتنا البشرية والتي يستصعب عليها ان تنظر الى الظلم والوجع عند الآخرين وهي عاجزة عن مساعدتهم” .
 
 
آليات دفاعية

 
في سؤال الى نصار عمّا اذا كان الابتعاد عن الاخبار هو حلّ من الحلول النفسية، فأجابت: “الابتعاد عن الأخبار ليس حلاً، فالكبت والإنكار لا يساعدان الانسان على تحسن حالته النفسية، ولكن من الممكن ان نلجأ لقراءة الأخبار بدل من مشاهدة مقاطع عنيفة منها عبر التلفاز، وكأخصائية نفسية أنصح بالمتابعة عبر القراءة وتجنب قدر المستطاع مشاهدة الفيديوهات، ومن المهم أيضا وضع حدّ لعدد الساعات التي نقضيها  في القراءة والمتابعة”.

 
وعن كيفية تخطي الظروف المؤلمة، تشير الاخصائية الى أنه “علينا بناء آليات دفاعية او طرق قد تساعد على التأقلم مع الاوضاع الصعبة، مثل التواصل مع الآخرين والتعبير عن مخاوفنا وعن الذنب الذي نشعر به وعن الغضب، فهذه من أهم أساليب التأقلم”.

 
وتابعت: “الرياضة وتمارين الاسترخاء مهمان، والعمل على مساعدة الآخرين ودعمهم بشتى الوسائل والطرق (مادية، عاطفية، مقاطعة المنتجات، التوعية عبر النشر على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها)، وكذلك من المفيد جدا المشاركة بنشاطات اجتماعية تدعم وتساعد الناس، وفي حالة الضرورة علينا عدم التردد باستشارة أخصائية نفسية “.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى