ميقاتي في الرياض… تذكير بزمن كان لبنان حاجةً عربية
فحضور الرئيس ميقاتي القمة العربية والإسلامية، وهو الآتي من بلد يعرف أكثر من غيره مرارة الحروب وما تتركه وراءها من كوارث ومآسي وويلات، بشرًا وحجرًا واقتصادًا، كان له وقع خاص لدى جميع القادة العرب وقادة العالم الإسلامي، لأنه حمل معه حلًّا قابلًا للتنفيذ، خصوصًا أن قادة الدول الغربية لم يعد في وسعهم تحمّل وزر ما يقوم به المحتل الإسرائيلي من أعمال غير إنسانية ضد أهل غزة، ولم يعد في استطاعتهم السكوت طويلًا عمّا يرتكبه هذا المحتّل من مجازر ضد الإنسانية، ولم يعودوا قادرين على صمّ آذانهم عمّا تطالبهم به شعوبهم المتضامنة مع غزة الجريحة والمنكوبة، وهم باتوا يتطلعون إلى مبادرة ما تأتيهم من العرب ومن العالم الإسلامي لكي يستطيعوا أن يمارسوا ضغطهم على هذا الكيان الغاصب للقبول بالحل المؤقت المتمثل بالنقاط التي اقترحها رئيس حكومة لبنان على قمة الرياض، تمهيدًا للحل الدائم، الذي لا بدّ منه في نهاية المطاف، لأن المنطق لا يمكنه التسليم بأن الحرب ستمتد إلى ما لا نهاية. ولا بدّ أيضًا من أن يجلس الجميع إلى طاولة المفاوضات برعاية أممية توصلًا إلى حل نهائي وهو الحلّ، الذي لا مفرّ منه، وهو “حل الدولتين”.
فما اقترحه الرئيس ميقاتي لجهة ضرورة وقف الأعمال العدائية ضد الفلسطينيين لمدة خمسة أيام، حيث تقوم “حماس” بإطلاق سراح بعض الرهائن الإسرائيليين، وتفتح إسرائيل معابرها الحدودية أمام المزيد من المساعدات الإنسانية هو بداية لحلّ أشمل. وإذا لم يتم خرق هذا الوقف لمدة 120 ساعة، فسوف تبدأ المفاوضات من أجل إطلاق سراح الرهائن المتبقين في مقابل إطلاق سراح السجناء الذين تحتجزهم إسرائيل، لاقى تجاوبًا وترحيبًا من القادة العرب، الذين توافقوا على حتمية أن تكون هذه المبادرة مقدمة لازمة وضرورية للتأسيس لقمة دولية تضع حدّا نهائيًا لمعاناة أهل فلسطين، وهذا الأمر لا يمكن التوصل إليه إلا بعد أن يسكت المدفع ويتوقف انهمار الصواريخ على رؤوس الأطفال.
فكما طبعت قمة بيروت عام 2002 بمبادرة أطلقها العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبد العزيز، فإن قمة الرياض ستُطبع من جديد بهذه المبادرة على وقع كلمة الرئيس ميقاتي، خصوصًا إذا تم التوافق العربي على اعتمادها ،وبذلك يكون العرب والمسلمون قد نجحوا في تحويل أبشع أعمال العنف التي يشهدها أصغر قطاع في العالم فيه هذا الحشد البشري الهائل إلى مشروع لسلام دائم ومستدام بين الإسرائيليين والفلسطينيين بعد انهيار اتفاقيات أوسلو.
فما قاله الرئيس ميقاتي في كلمته لاقى استحسانًا عربيًا واسلاميًا، وهو الذي أكد أن “فلسطين قضية عربية أولًا وأخيرًا، ونكبتُها نزلَت بعالمنا العربي ومزَّقَت شرقَه عن غربِه، ومشروعُ التوسّعِ والتهجير ما زال أساس السياسة الإسرائيلية. لذلك، نحن مدعوون لأن نُطلق صرخة انسانية واحدة، بأن وجعَ فلسطين هو وجعُنا، ودمَها دمُنا، ومصيرَها مصيرنا، فهي مهد السيد المسيح ومسرى الرسول عليه الصلاة والسلام. فعلينا العملُ معاً لوقف فوري غير مشروط لإطلاق النار، وفتح المعابر وإدخال المساعدات لإخواننا في غزة، ولاستنباط مسار سياسي جدّي وفعّال يدفع باتجاه حل عادل وشامل ودائم لقضيتنا المحورية. من أجل التوصُّل إلى حل للصراع العربي الإسرائيلي، يبقى “حل الدولتيْن” بمثابة أفضل المسارات للمضي قُدُماً والسعي إلى بناء مستقبلٍ أفضل لنا جميعاً. من الضروري السعي لتحقيق السلام العادل والشامل والدائم، على أساس “مبادرة السلام العربية” التي اطلقت في قمة بيروت عام 2002.
وأكد أن خيارنا في لبنان كان ولا يزال هو السلام، وثقافتنا هي ثقافة سلام مبنيةٌ على الحق والعدالة وعلى القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية. لكننا شعب ما رَضِي، ولن يرضى بالاعتداءات على سيادته وعلى كرامته الوطنية وسلامة أراضيه، وعلى المدنيين من أبنائه، وبخاصة الأطفال والنساء. وبالرغم من كل هذا وذاك، نُجدّد اليوم أمامكم التزام لبنان الشرعية الدولية – لا سيما القرار 1701 – ونُشدّد على ضرورة الضغط على إسرائيل لتنفيذ كافة مندرجاته وإلزامها بوقف استفزازاتها وعدوانها على وطننا. “
مصدر الخبر
للمزيد Facebook