آخر الأخبارأخبار محلية

أولويات أوروبية وأميركية في انعكاسات الحرب على لبنان

كتبت هيام قصيفي في” الاخبار”: تختلف أولويات واشنطن والعواصم الغربية تجاه احتمالات دخول لبنان في الحرب. ثمّة انتظارات سياسية لحرب غزة تتعلق بموقع إسرائيل المستقبلي. لكنّ الحاجة اليوم الى استقرار لبنان تبدو واضحة لحسابات مختلفة.

Advertisement

لا تتعلق مقاربة الوضع اللبناني فقط بقرار الحرب والسلم. ثمّة غياب للإمرة السياسية، بما يتخطى وجود حكومة تصريف الأعمال، لأن استحقاقاً مصيرياً كالذي يواجهه لبنان يحتاج الى إدارة أزمة حقيقية، غير متوافرة. فهل من السهل، مثلاً، بحث هؤلاء الموفدين مع قائد للجيش وضع الحرب وآفاقها، فيما هو على طاولة تجاذب السياسيين قبل انتهاء ولايته بشهرين يمكن أن تتوسع الحرب خلالهما. وهل يمكن الركون فعلياً الى أجوبة واضحة وملزمة، فيما الهيكلية السياسية مضعضعة، وتختلف مقاربتها حتى على مستويات الصف الأول؟
المفارقة الثانية في اختلاف أولويات الموفدين الغربيين تحت خانة تحييد لبنان: تريد الولايات المتحدة وأوروبا الاستقرار، وهناك سعي جدّي مع الجهات الفاعلة لمنع إحداث توتر داخلي على تماسّ مع مجريات غزة. تختلف التحذيرات الغربية لمواطنيها، وهو شأن داخلي كما هو نوع من الضغط المعنوي، عن التعامل مع لبنان كساحة محتملة للحرب، إذ يستمر الضغط لانتظار تحوّلات الحرب، وحين تنتهي «المنازلة بحدودها المعروفة حتى الآن»، يصبح لبنان من ضمن الملفات العالقة التي تحتاج الى حل شامل. وأي مسّ داخلي بالأوضاع لا يؤتي ثماره، ويزيد من الأعباء التي لا ضرورة لها. ولأميركا منذ بداية الحرب نظرة أخرى، لا تتعلق بمصالحها المباشرة، أو وجودها العسكري الذي رفعت من شأنه على مستوى المنطقة. ما يعني واشنطن اليوم، وهي تقف الى جانب إسرائيل، ألّا يتحوّل لبنان إلى مشكلة إضافية، هي في غنى عن التعاطي معها. لذلك تحرص على إيصال رسائل واضحة، وتبدو حتى الآن مرتاحة الى مستوى ما يجري في الجنوب من رسائل متبادلة محدودة.
يمثل لبنان لواشنطن غير ما يمثله لدول أوروبية، لحاجة معروفة تتعلق بدور القوات الدولية العاملة في الجنوب. ومن الصعب تجاوز كل ما أحاط أممياً وأوروبياً بدور القوة الدولية في السنتين الأخيرتين. من هذه الزاوية، يصبح لكلام وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس وزيارة نظيره الفرنسي سيباستيان لوكورنو لبيروت مغزى مختلف عن حاجة لبنان الى الاستقرار. فباريس تهدف من زيارة وزير دفاعها إلى البحث جدياً في كل ما يمسّ عمل القوة الدولية، ليس فقط لجهة حماية الحدود، البحرية (ألمانيا) والبرية (فرنسا) بالمعنى التقليدي، بل وجودها كقوة دولية وسلامة أفرادها، فلا تتحوّل إلى خاصرة رخوة لأوروربا، علماً أن لفرنسا وألمانيا موقفاً حالياً غير منسجم إجمالاً مع سياسة البلدين المعهودة في ما يتعلق بالوضع في المنطقة. للمرة الأولى، تقف ألمانيا بهذا الشكل وراء الموقف الأميركي، الى جانب إسرائيل، وتقف فرنسا موقفاً مرتبكاً، وتخطو خطوات متعثّرة، كما هي عادة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون منذ تولّيه منصبه، رغم ما يمكن أن يرتدّ على باريس من إدارته للأزمة الحالية. لكنّ كليهما ينظران من ضمن موقف أوروبي – بريطاني نظرة موحّدة الى حرب غزة. أما لبنانياً، فيتعاطيان مع إيطاليا على قاعدة حماية جنودهما في الجنوب، من دون أن يحصرا تدخّلهما بهذا الملف، ولا سيما باريس التي تسعى الى ترويج سياستها الديبلوماسية بعدم استثناء أحد من اللاعبين الكبار. وذلك من ضمن استراتيجية وقف حرب غزة وطرح حلول طويلة الأمد، يستفيد منها لبنان، وتستفيد منها أوروبا التي لا تريد دولها توسّع الصراع، ونقله بوجوه مختلفة الى بلادها. وهذه أولوية لا أحد أوروبيّاً يستخفّ بها.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى