آخر الأخبارأخبار محلية

وتيرة الاشتباكات تتراجع نسبيًا جنوبًا.. هل غيّر حزب الله تكتيكه؟!

 
على وقع اشتداد العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي شهد في الأيام القليلة الماضية “أعنف” جولاته على الإطلاق، بالتوازي مع “عزل كامل” للقطاع المُحاصَر أصلاً، تُوّج بقطع تامٍ للاتصالات والإنترنت فيه، كانت “جبهة” جنوب لبنان تشهد ما يمكن وصفه بالهدوء النسبيّ، وإن حافظ على صفة “الحذر”، حيث تراجعت وتيرة الاشتباكات بعض الشيء، ولو لم تخفت كليًا، مع استمرار عمليات “حزب الله”، والقصف الإسرائيلي المضاد.

 
جاء تراجع وتيرة الاشتباكات جنوبًا كذلك بالتوازي مع حراك دبلوماسيّ وسياسيّ لافِت، توّجه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بجولة عربيّة بدأها تحت عنوان تعزيز موقف لبنان ودعم وقف إطلاق النار في غزة وتجنيب الفوضى الأمنية الشاملة في المنطقة، في وقتٍ لم تتوقف تحذيرات السفارات الأجنبية لرعاياها، بل مطالبتهم بمغادرة الأراضي اللبنانية “فورًا”، وطالما أنّ ذلك لا يزال مُتاحًا من خلال رحلات الطيران التجاريّة المجدولة.
 
وفي وقت أعلن “حزب الله” عن كلمة مرتقبة لأمينه العام السيد حسن نصر الله، يتوقع أن يكسر من خلالها سياسة “الصمت” التي اعتمدها الحزب في إطار “الحرب النفسية” التي يخوضها مع العدو، طُرِحت علامات استفهام عن دلالات كلّ ذلك، فهل غيّر “حزب الله” تكتيه العسكري، وربما السياسي؟ وهل يؤشّر ذلك إلى انخفاض أسهم سيناريو الحرب؟ ولماذا لم ينعكس ذلك تراجعًا في وتيرة “التهويل الأمني”، خصوصًا من جانب السفارات؟!
 
كل السيناريوهات على الطاولة
 
لا يعني الهدوء النسبيّ الذي سيطر على أجواء الجنوب شيئًا وفق ما يقول العارفون، فهو ليس دليلاً على أنّ “الجبهة” هدأت بالمُطلَق، طالما أنّ “الاستنفار” لا يزال على أشدّه من الجانبين، وطالما أنّ “التأهّب” يراوح مكانه، خصوصًا بعد “إفراغ” المستوطنات الإسرائيلية المحاذية للحدود الجنوبية، بعد عملية “الإخلاء” التي جرت فيها خلال الأسبوع الماضي، تحضيرًا للسيناريوهات التي يمكن أن تطرأ على الواقع الأمني في المنطقة.
 
وعلى الرغم من أنّ خيار الحرب لا يزال بعيدًا وفق العارفين، فالعدو الإسرائيلي لا يرغب بتوسيع رقعة القتال، وفتح المجال أمام تطبيق نظرية “وحدة الساحات” التي لن تؤدي سوى لاستنزاف قواته، وهو ما يؤكده السياسيون الإسرائيليون الخائفون من قوة “حزب الله”، ولا الأخير قد يكون راغبًا بأكثر من “إلهاء” الإسرائيليين، ومنعهم من “التفرّد” بغزة التي تُرِكت وحيدة، فإنّ كلّ السيناريوهات تبقى مطروحة على الطاولة.
 
ويشدّد العارفون على أنّ تراجع وتيرة الاشتباكات قد يكون هو الآخر جزءًا من “التكتيك” الذي يخوضه “حزب الله”، فهو لا يريد “طمأنة” إسرائيل، ولا شركاءها في الغرب، لجهة “نواياه” في المرحلة المقبلة، خصوصًا على وقع “الارتباك الواضح” الذي يُظهِره الإسرائيليون، العاجزون حتى إشعار آخر عن تنفيذ “الاجتياح البري” الذي يتوعّدون به قطاع غزة، والذي استبدلوه على ما يبدو بتوغلات بري “محدودة”، وربما “لرفع العتب”.
 
“تكتيك حزب الله”
 
يختصر العارفون بأدبيّات “حزب الله” التكتيك الذي يخوضه، على أنّه قائم على “عنصر المفاجأة والتشويق” في إطار ما تُعرَف بـ”الحرب النفسيّة”، فالحزب رفض أن يعطي كلّ سائليه في الداخل والخارج إجابات وافية وواضحة عمّا يُعِدّ له في المرحلة المقبلة، سواء لجهة احتمال انخراطه ذاتيًا في القتال، أو لجهة توسيع رقعة عملياته العسكرية، أو حتى لجهة ردّ فعله على أيّ غزو برّي يمكن أن يقدم عليه الاحتلال، في أيّ لحظة.
 
وإذا كان “حزب الله” يؤكد أنّ صمت أمينه العام السيد حسن نصر الله يندرج في هذه الخانة، في ظلّ التحليلات الإسرائيلية التي لا تتوقّف عن أسبابه وخلفياته وحيثياته وتبعاته، تمامًا كما حصل مع الفيديو الذي سُرّب في عطلة نهاية الأسبوع، والذي لم يدم أكثر من ثوانٍ معدودات، لكنه كان كافيًا لفتح باب التكهّنات على مصراعيه عن الدلالات والعِبَر، فإنّ العارفين بأدبيّاته يؤكدون أنّه ماضٍ بـ”تكتيكه” هذا حتى النهاية، طالما أنّه يجدي نفعًا، ولو ارتباكًا وحيرة.
 
ويشدّد هؤلاء على أنّ رسالة “حزب الله” من كلّ ما سبق تبقى واحدة، وقد عبّر عنها الكثير من قادته “غير الصائمين عن الكلام”، وعنوانها “نريدهم أن يبقوا قلقين وألا يطمئنّوا”، علمًا أنّ الحزب يعتبر “استنفار” العالم كلّه للوقوف على “نواياه” مؤشّرًا ممتازًا، ودليلاً على أنّ “الحزب” هو الذي يفرض قواعد اللعبة هذه المرّة، وأنّ الإسرائيلي الذي “يقف على رِجلٍ واحدة”، كما قال عنه السيد نصر الله يومًا، بات “يستنجد” بالعالم في مواجهة الحزب.
 
بالنسبة إلى العارفين، فإنّ “جبهة الجنوب” ستبقى على حالها، طالما أنّ الحرب في غزة مستمرّة، وطالما أنّ أيّ وقف لإطلاق النار لم يُعلَن، وفقًا لشروط المقاومة أولاً وأخيرًا. بالتالي، قد تخفّ وتيرة الاشتباكات أو تزداد بين الفينة والأخرى، لكنّ ذلك سيكون في أحسن الأحوال “وقتًا مستقطعًا” بين مرحلتين. أما “شبح” توسيع رقعة الحرب وامتداد القتال إلى الداخل، فيبقى طيفه حاضرًا، رغم كلّ شيء!

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى