آخر الأخبارأخبار محلية

تفاهم كبير خلف لقاء باسيل-فرنجية.. هل يعني شيئًا؟!

صحيح أنّ اللقاء الذي جمع بين رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل ورئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية جاء في سياق “الجولة التشاورية” التي بدأها الأول، وتشمل مختلف القوى السياسية “المتجاوبة” مع ما يصفها بـ”المبادرة”، وصحيح أنّه جاء من وحي الأجواء “الحربية” التي تشهدها المنطقة، ولبنان في صلبها، وهو المهدَّد بانتقال كرة النار إليه في أيّ لحظة، وقد وصلت إلى ذروتها على حدوده الجنوبيّة.

 
لكنّ الصحيح أيضًا أنّ اللقاء الذي عُدّ من “سابع المستحيلات” قبل الحرب الإسرائيلية على غزة، وانعكاساتها “الثقيلة” على لبنان، من البوابة الجنوبية تحديدًا، يكتسب أهمية استثنائية للكثير من الأسباب والاعتبارات، أهمّها أنه يكسر “القطيعة” بين الجانبين، التي وصلت لحدّ “التراشق بالشخصي” بينهما إن جاز التعبير، فضلاً عن كونه يفتح باب التكهّنات أمام تبعات محتملة على مستوى استحقاقات الداخل، وعلى رأسها انتخابات الرئاسة التي يسعى باسيل لتحريكها.
 
ولعلّ “توقيت” اللقاء الذي جاء بعيد الإعلان عن اتصال جمع باسيل مع الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، عبر خطّ آمن، كسر هو الآخر “قطيعة” بين الجانبين يعتقد كثيرون أنّ فرنجية كان “سببًا مباشرًا” لها، يأتي ليزيد من حجم الأسئلة المطروحة، فهل يعني اللقاء بين باسيل وفرنجية شيئًا في السياسة؟ وما حقيقة الحديث عن أنه يؤسّس عمليًا لتموضعٍ “استراتيجي” جديد ستكون له انعكاساته على خط الملف الرئاسي، من بوابة تحصين الساحة الداخلية؟
 
“تفاهم كبير”
 
في تصريحات باسيل وفرنجية بعد اللقاء الذي جمعهما، برز “حرص” على انتقاء الألفاظ والعبارات، فباسيل الذي أعرب عن “سعادته” بزيارة رئيس تيار “المردة”، تعمّد الحديث عن “تفاهم كبير على مختلف الأفكار”، ولو وضعه في سياق “مواجهة خطر الحرب”، وذهب أبعد من ذلك، حين تحدّث عن “رفع الحواجز في هذه الظروف”، الأمر الذي أعطاه كثيرون منحى إيجابيًا، وإن تباينت تفسيراته، كما تفاوتت الاستنتاجات بشأنه.
 
الجو الإيجابي نفسه عكسه بشكل أو بآخر فرنجية، الذي كرّر بدوره الحديث عن “تفاهم بنسبة كبيرة”، حدّدها بـ”99% من الأمور”، وإن نفى الحديث في الرئاسة، باعتبار أنّ “البلد أهم من الموضوع الرئاسي وأهمّ منّا جميعًا”. وكان لافتًا أنّ رئيس تيار “المردة” أدرج باسيل ضمن “الخط الاستراتيجي الواحد”، الحريص على لبنان وأمنه ومواجهة الأزمة بـ”وحدة الموقف”، مع تشديده على أنّ “هذا موقف كلّ إنسان وطني وشريف”.
 
لكنّ الموضوع الرئاسي الذي غاب نسبيًا عن الكلام الرسمي، حضر في دردشة رئيس تيار “المردة” مع الصحافيين، حيث أكد أنّ “التيار الوطني الحر” لا يزال على موقفه، مع إبدائه “الاستعداد للتعاون” في حال انتخابه، وهو ما يفسّر قول العارفين إنّ اللقاء بين باسيل وفرنجية لا يعني حصول “انقلاب” في التموضعات أو التوازنات على المستوى الرئاسي، خصوصًا أنّ الظروف الحالية تبدو “أكبر” من الانتخابات الرئاسية، إن جاز التعبير.
 
“ليونة” قد تعني شيئًا
 
مع ذلك، ثمّة من يسأل إن كانت “الليونة” التي أظهرها باسيل يمكن أن تعني شيئًا في السياسة، ويكون لها تبعاتها، خصوصًا أنّ “الحراك” الذي يقوده الرجل لا يقتصر على مواجهة سيناريو الحرب، بل إنّه يضع “تحصين الساحة الداخلية” في أساس “مواجهة الحرب”، ويتحدّث صراحةً عن “إعادة الانتظام للمؤسسات” في هذا الإطار، وهو ما يتطلّب انتخاب رئيس للجمهورية، ومن ثمّ تأليف حكومة، تستطيع أن تتصدّى للمسؤوليات الملقاة على عاتقها.
 
يقول العارفون إنّ لا مؤشّرات تدل حتى الآن على أنّ هذا الاحتمال وارد، فـ”التفاهم الكبير” الذي تحدّث عنه باسيل لا يشمل المقاربة الرئاسية، وفرنجية قطع الشكّ باليقين حين قال إنّه لا يزال مرشحًا، وإنّ “التيار الوطني الحر” لا يزال على موقفه، ما يعني أنّ الأمور تراوح نفسها رئاسيًا رغم كلّ شيء، ولو أنّ ما حصل وفق هؤلاء، والذي وصفه باسيل نفسه بـ”كسر الجمود وتخطي الحواحز”، يمكن أن يفتح الباب أمام تفاهمات من نوع آخر.
 
في هذا السياق، يعتقد العارفون أنّ اللقاء بين باسيل وفرنجية قد يكون “الخطوة الأولى” في مسار إعادة النظر بالكثير من المقاربات الرئاسية وغيرها، فهو بشعار “تخطي الحواجز” يمكن أن يعني الكثير، تمامًا كما أنّ الجو “الإيجابي” الذي رافق جولة باسيل على من يفترض أنهم “خصوم” له، فضلاً عن كسر القطيعة مع السيد نصر الله في زمن يغيب فيه الأخير عن الإعلام، يفتح الباب على مصراعيه أمام “توازنات” جديدة، أبعد ما تكون عن “الاستفزاز”.
 
قد يقول قائل إنّ أيّ “رهان” على لقاء باسيل وفرنجية ليس في مكانه، فهو يأتي ضمن جولة تشاورية لا علاقة لها بالانتخابات الرئاسية من قريب أو بعيد. وقد يقول آخر إنّ البحث بالرئاسة أصلاً ليس في زمانه، فالبلاد التي تواجه خطر الحرب، ليست في “ترف” البحث عن رئيس. قد تصحّ المقولتان، لكنّ الثابت يبقى أنّ أيّ تلاقٍ، مهما كان عنوانه وشكله، يبقى مفيدًا أقلّه لناحية التأسيس لـ”وحدة موقف” لا بدّ منها في مثل هذه الظروف!


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى