آخر الأخبارأخبار محلية

حرب غزة تضع العالم على شفير أزمة: شتاء أوروبا قاسٍ ولبنان لن يسلم

على مساحة 360 كم مربع في قطاع غزة، ترتكب اسرائيل محرقة جماعيّة قد تكون الأكثر إرهابًا في تاريخها الدموي، تسعى من خلالها لإبادة 2.3 مليون فلسطيني أو تهجيرهم وتصفية قضيتهم. فضلًا عن الخسائر الكبيرة في الأرواح، هناك تبعات مدّمرة للحرب، من نوع آخر، تتجاوز نطاق غزة، لتطال أبعد بقعة جغرافية في العالم. فمع استمرار الحرب وتزايد المخاوف من احتمال توسع نطاقها لتطال جبهات أخرى في المنطقة، بدأت التداعيات تظهر على الإقتصاد العالمي الذي لم يتأثر في الأسبوع الأول للحرب إلّا بشكل محدود، لكن في الأسبوع الثاني وغداة قصف اسرائيل لمستشفى المعمداني في القطاع، قفزت أسعار خام برنت إلى 93 دولارًا للبرميل، وسط مخاوف من أن يرتفع السعر إلى 150 دولارًا في حال توسع نطاق الحرب ليشمل جبهات أخرى.

Advertisement

نطاق الحرب يحدّد نسبة ارتفاع أسعار النفط

تحدثت وكالة بلومبيرغ عن ثلاثة سيناريوهات للاقتصاد العالمي على خلفية حرب غزة، تمحورت كلّها حول ارتفاع أسعار النفط، وارتفاع معدلات التضخم، وتباطؤ النمو، ولكن بنسب مختلفة، وذلك يتوقف على نطاق الحرب. إذا اقتصر الصراع على غزة تترواح الزيادة في أسعار النفط بين 3 إلى 4 دولارات. في حال امتدت إلى لبنان وسوريا يرتفع السعر بنسبة 10%. أمّا السيناريو الثالث، فيتحدث عن ارتفاع أسعار النفط إلى 150 دولارا للبرميل، في حال نشبت حرب بين ايران واسرائيل وفق بلومبيرغ.  
الدكتور شربل سكاف الاستاذ الجامعي المتخصص في شؤون الطاقة لفت في حديث لـ “لبنان 24” إلى أنّ تمدّد الحرب في الشرق الاوسط من شأنه أن يهدّد استقرار الاقتصاد العالمي برمّته، معتبرًا أنّ التأثيرات ستطال اقتصادات الدول بما فيها الإقتصاد الأوروبي والأميركي، كما سيتأثر سلبًا الإقتصاد الصيني. ليبقى الإقتصاد الروسي المستفيد الوحيد من الحرب، كونه يعتمد على تصدير المواد الأوليّة لا سيّما كل ما يختص بالوقود الأحفوري على أنواعه.
سكاف اعتبر أنّ الإقتصاد العالمي لا يمكن أن يحتمل ارتفاع سعر برميل النفط الى 150 دولارًا، خصوصًا أنّه يعاني من تبعات الحرب الروسية على أوكرانيا، وقبلها من تداعيات فيروس كورونا، وما سبّبه من تضخّم وطبع عملات “في حال تمددت الحرب سنكون على شفير أزمة اقتصادية عالمية وانهيار اقتصادي”.
شتاء أوروبا صعب بعد حرب غزة
الغاز الطبيعي لن يكون بمنأى عن حرب غزة، لاسيّما وأنّ توقيت اندلاعها على أبواب فصل الشتاء يرفع من تبعاتها السلبية، بحيث تتزايد حاجة الدول الأوروبية إلى الغاز في الأشهر المقبلة “وفي حال كان الشتاء قارسًا، يرتفع حجم الإستهلاك الأوروبي للغاز، عندها ستحتاج هذه الدول إلى استيراد كميات أكبر، ومن مصادر أخرى. كما سترتفع أكلاف سلاسل التوريد، بفعل ارتفاع أكلاف التأمين على الحرب نظراً الى ارتفاع نسبة المخاطر جرّاء عبور بواخر الشحن أو الطائرات الى منطقة البحر المتوسط” وفق سكاف.
فضلًا عن ارتفاع الطلب على الغاز، هناك عامل أمني مرتبط بمسار الحرب يطال بشكل مباشر أنابيب الغاز التي بدأت تتأثر بالفعل، أولّها إيقاف تدفّق الغاز من خزان “تمار” ثاني أكبر خزان في اسرائيل، بسبب قرب الخزان من ساحل غزة وقابليته للتعرّض لهجمات، ما أدّى إلى توقّف تدفق الغاز إلى مصر عبر خط أنابيب غاز شرق المتوسط، ومن المتوقع أن يؤثر ذلك على تصدير مصر للغاز الطبيعي إلى أوروبا ودول أخرى. كما تمّ إغلاق خط أنابيب غاز “بلتيكونيكتور” في بحر البلطيق بين فنلندا وإستونيا، بسبب اشتباه بحدوث تسرّب، والذي يلعب دوراً حاسماً في توريد الغاز إلى أوروبا من النرويج. انطلاقًا من هنا يرى سكاف أنّه “لا يكمن عزل البعد الطاقوي عن ما يحدث من صراعات. وهناك من يعتبر أنّ مجريات الحرب في غزة ليست مرتبطة فقط بالصراع التاريخي الفلسطيني الاسرائيلي، لا بل كردّة فعل على مشروع الممر الاقتصادي الذي يربط بين الهند ودول الخليج وأوروبا”.
أنابيب الغاز تلعب دورًا في المساعي الدوليّة الهادفة لعدم تمدد رقعة الحرب، في السياق يلفت سكاف إلى أنّ شركة “قطر للطاقة” وقعت قبل أيام قليلة اتفاقيتي بيع وشراء طويلتي الأجل لتوريد شحنات الغاز إلى محطة “فوس كافاوو” للغاز الطبيعي المسال في جنوب فرنسا، بداية من 2026 ولمدة 27 عامًا، كما وقّعت اتفاقية مماثلة مع شركة ” Shell‏” البريطانية لتوريد ما يصل إلى 3.5 ملايين طن سنوياً من الغاز الطبيعي المسال من قطر إلى هولندا.
مخزون النفط الأميركي يتهاوى
“في حال طال أمد الحرب لشهرين لن يكون الإقتصاد الأميركي بمنأى عن تبعاتها، بصرف النظر عن موقع الولايات المتحدة كدولة عظمى” وأبرز مؤشر على ذلك هبوط مخزون النفط الأميركي بوتيرة أعلى من التوقعات بمقدار 4.5 مليون برميل، وفق تقرير صادر عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية، الأربعاء الماضي. كما هبط مخزون النفط في أكبر مركز للتخزين في كوشينغ، في ولاية أوكلاهوما، إلى 21 مليون برميل، أو أدنى مستوى له منذ عام 2014. وتقترب الإمدادات في الموقع من الحدود الدنيا اللازمة للتشغيل. وقد تلجأ إدارة بايدن إلى استخدام المخزون مرّة جديدة للحدّ من ارتفاع أسعار البنزين، خصوصًا أنّها مقبلة على انتخابات رئاسية.
شظايا الحرب تطال اقتصاد لبنان
لبنان الذي يعاني من أزمة اقتصادية حادّة لن يسلم من تبعات الحرب في غزة ببعدها الإقتصادي، هذا في حال لم تمتد الحرب إلى داخل أراضيه. أبرز التداعيات،وفق سكاف، تتمثّل في ارتفاع أسعار النفط بما يرفع من حاجته إلى الدولار لشراء المحروقات، في وقت يعاني من شح في الدولار ومن عجز كبير في الميزان التجاري.  
الصراع في بقعة هي الأهم على صعيد إنتاج النفط والغاز، واحتمال تمدّده ليطال أطرافًا أخرى في الشرق الأوسط، سيجعل العالم أجمع يعيش حربًا اقتصادية كبرى، ستدفع أثمانها شعوب الأرض قاطبة. فهل يشكّل البعد الإقتصادي حافزًا لدول القرار كي تضع حدّا للإجرام الإسرائيلي، بعدما تجاهلت البعد الإنساني المتمثّل بالآف الضحايا في مستشفى المعمداني؟
 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى