أنظروا إلى مرفأ بيروت.. حرب غزّة تكشف مخططاً إسرائيلياً كبيراً
فعلياً، تُمثل غزة بوضعها الحالي “خاصرة رخوة” لإسرائيل، ووضعها الحالي في ظلّ وجود “حماس” المتحالفة مع إيران، يشكل عائقاً أمام تنفيذ تلك القناة التي تُعرف بإسم قناة “بن غوريون”. لهذا السبب، باتت إسرائيل تبحثُ عن حُجّة لتنفيذ عملية تطهير غزة من “حماس”، وإزاء هذا الأمر راحت تحشدُ كل قوّتها لإنهاء الحركة عسكرياً ووجودياً. الفرصةُ الآن سانحة تماماً أمام تل أبيب باعتبار أنّ الدعم الدولي كله مُكرّس لها بشدة، وذلك بعكس جولات القتال السابقة ضد “حماس”. الآن، هناك حاملات طائرات وصلت إلى المتوسط، وهناك إصرار دولي على تكريس دعم كبير لإسرائيل لا نهاية له. السرّ هنا هو أنّ تل أبيب تعتبرُ “كنزاً” لأوروبا وللأميركيين، فمن خلال القناة البحرية المذكورة، سيكون هناك طريقٌ جديد يوفر الكثير على الدول الغربية، كما أنَّ إسرائيل ستُصبح همزة وصلٍ بين العالمين، الشرقي والغربي وستصبح ملتقى جديداً يجمع قاراتٍ ببعضها البعض. كذلك، فإن إسرائيل ومن خلال تلك القناة، يمكن أن تعجل نفسها مركزاً أساسياً على صعيد الغاز لاسيما أنها تعتبرُ اليوم موئلاً أساسياً لذاك المورد الطبيعي في ظلّ أزمة الطاقة العالمية.
لهذين الأمرين، شدّت أوروبا الرحال بإتجاه إسرائيل لدعمها، فوجود “حماس” في غزّة يُعتبرُ عائقاً أمام مخطط تستفيدُ منه الدول الغربية بالدرجة الأولى. مع هذا، فإن ما يتبين هو أنّ العملية التي نفذتها “حماس” يوم 7 تشرين الأول تحت عنوان “طوفان الأقصى”، شكلت “شحمة على فطيرة” بالنسبة لإسرائيل. هنا، يمكن القول إن تل أبيب ضحّت بأمنها وصورة جيشها من أجل قبض الثمن الأكبر، فهي في الأساس تحظى بثقة الغربيين “أمنياً”، وترى أنَّ الجميع معها وبالتالي لا تخشى من نظرة بعض الدول العربية إليها باعتبار أن الصراع العربي – الإسرائيلي مستمرّ وبشدة ولن ينتهي، وبالتالي مهما حصل من تسويات ستبقى نظرة العداء تجاه إسرائيل قائمة رغم كل مساعي السلام والتطبيع.
المسألة الأكثر خطورة هنا هي أن تلك القناة البحرية التي تريد إسرائيل تأسيسها تستهدفُ بشكلٍ خاص قناة السويس المصرية كونها ستسلب نشاطها منها، ما يعني أن دولة عربية أساسية ستُكسر تماماً بيدٍ إسرائيليّة. بحسب الكثير من الخبراء، فإن قناة “بن غوريون” ستضربُ دور قناة السويس عالمياً، وبالتالي سيؤدي ذلك إلى إضعاف مصر إقتصادياً. هنا، يكمنُ المخطط الأخطر، فتل أبيب هي التي ستستفيد من إضعاف الدول العربية الكبرى، كما أنها تسعى إلى جعل كل مرافقها هي الأساسية في حوض البحر الأبيض المتوسط. النقطة هذه تعيدنا قليلاً إلى إنفجار مرفأ بيروت الذي خسر دوره الريادي في المنطقة، وبات الضغطُ كبيراً باتجاه مرفأ حيفا الذي تعتبره إسرائيل مهداً أساسياً للتجارة في المنطقة. حقاً، إستفادت إسرائيل من إنفجار مرفأ بيروت لتعزيز مرافئها، وهي الآن ومن خلال ضرب غزة وإنهاء “حماس”، ستستفيدُ من قناة بحرية جديدة تؤدي إلى تحجيم دور قناة السويس المصرية.
حتماً، الصورة وسط تلك المعطيات تبدو خطيرة وقاتمة أيضاً، وإن لم يتم الإنتباهُ لهذا الأمر، فعندها سنكون أمام صورة جديدة من المنطقة ستُرسم ملامحها عسكرياً حالياً ليتم قبض ثمنها إقتصادياً لاحقاً.
في خلاصة القول، المخطط كبيرٌ جداً، وحقاً يمكن أن تكون المعركة أكبر من غزة التي حاولت إسرائيل تهجير سكانها للإستفادة من أرضها واستثمارها لصالح قناتها. هنا يُطرح السؤال الأساس: هل سيتنبّه العرب للمخطط المرسوم؟ هل سينقذون غزة ويُحبطون كسر دولة عربية كبرى إسمها مصر؟ الإجابة رهن بالتسويات وبما سيفرضه الميدان.. وعندها لكل حادث حديث…
مصدر الخبر
للمزيد Facebook