ما هي حركة “الجهاد الإسلامي” التي تتهمها إسرائيل بقصف المستشفى المعمداني في غزة؟
اتهمت إسرائيل حركة “الجهاد الإسلامي” الفلسطينية بقصف مستشفى الأهلي العربي في غزة ما أدى لمقتل المئات، رواية تبناها الرئيس الأمريكي جو بايدن، لكن حماس ودولا عربية حمّلت تل أبيب المسؤولية. فما هي هذه الحركة وما أهدافها وقدراتها العسكرية وموقفها من التطبيع والسلام؟
أثار مقتل المئات من المدنيين الفلسطينيين في ضربة استهدفت مستشفى الأهلي العربي (المعمداني) في غزة الثلاثاء، ردود فعل واسعة من مختلف العواصم والجهات العربية والدولية على حد سواء.
وقالت وزارة الصحة في القطاع إن ضربة جوية، نسبتها حماس لإسرائيل، أدت لمقتل نحو 500 فلسطيني في المستشفى المكتظ بالمرضى والنازحين.
وأكدت الوزارة في بيان الأربعاء أن الحصيلة بلغت “471 شهيدا وهناك 28 حالة حرجة بالإضافة إلى 314 إصابة بجروح مختلفة”. وأوضحت أيضا بأن عدد القتلى في غزة منذ بداية الحرب قد ارتفع إلى ما لا يقل عن 3478 ضحية، وأن عدد المصابين بلغ 12 ألفا.
Table of Contents
إسرائيل تتهم حركة “الجهاد الإسلامي”
وأسفر قصف المستشفى الذي يتبادل الفلسطينيون وإسرائيل الاتهامات بشنه عن سقوط مئات القتلى وأثار سلسلة من الإدانات الدولية والمظاهرات في العالم العربي والإسلامي.
واتهم الجيش الإسرائيلي حركة “الجهاد الإسلامي” بالوقوف وراء الضربة. وقال الأربعاء إن لديه أدلة على مسؤولية الجماعة الفلسطينية. في المقابل، نفت الحركة “الأكاذيب والاتهامات الباطلة”، مؤكدة أن المستشفى استُهدف “بقصف جوي أطلق من طائرة حربية” إسرائيلية.
كما قال الجيش الإسرائيلي في بيان: “بحسب معلومات استخباراتية، وبناء على عدة مصادر حصلنا عليها، فإن حركة “الجهاد الإسلامي” مسؤولة عن الهجوم الصاروخي الفاشل الذي أصاب المستشفى”. وأضاف أنه بالتزامن مع الضربة “أطلق إرهابيون في غزة وابلا من الصواريخ مر بالقرب من المستشفى الأهلي في غزة”.
حركة “الجهاد الإسلامي”.. من هي؟
أُسست حركة “الجهاد الإسلامي” عام 1981 على يد فتحي عبد العزيز الشقاقي، وهو طبيب من رفح في قطاع غزة، وفق المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية (ECFR)، الذي أوضح أن الحركة الفلسطينية برزت في البداية من خلال “شبكة الإخوان المسلمين في فلسطين، لكنها سرعان ما تطورت إلى منظمة متميزة، لها نزعة عسكرية وتأثرت بشدة بالثورة الإيرانية”.
عقدت الحركة أول مؤتمر لها عام 1992 وأقرت خلاله نظامها الأساسي، وأعلنت أن هدفها “العمل الجماهيري الثوري والجهاد المسلح وتحرير كامل فلسطين من الاحتلال الصهيوني”، حسب هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، التي أشارت إلى أن الجهاد الإسلامي لا تعترف بأي اتفاقية أو مشاريع تسوية وتعتبرها باطلة وتحديدا اتفاق أوسلو عام 1993، الذي شكل أبرز نقاط الخلاف بينها وبين حركة فتح.
في عام 1997، صنفتها الولايات المتحدة “منظمة إرهابية”، وأشار تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية في عام 2006 حول الإرهاب، بأنها وعلى عكس فتح وحماس، لا تشارك في أي عمل سياسي، وفق تقرير لمجلس العلاقات الخارجية (CFR) وهو منظمة مستقلة مقرها نيويورك وواشنطن، مشيرا إلى أن الخارجية الأمريكية تؤكد بأن إيران تمول معظم ميزانية “الجهاد الإسلامي”، فيما توفر سوريا ملاذا آمنا للجماعة.
يضيف موقع مجلس العلاقات الخارجية أن الشقاقي أدار من مصر حتى 1981 شؤون حركة الجهاد الإسلامي منذ انفصالها عن جماعة الإخوان المسلمين في أواخر السبعينيات. يتابع نفس المصدر: “بعد طرد الجماعة إلى غزة من مصر إثر اغتيال الرئيس أنور السادات، استقرت حركة الجهاد الإسلامي في غزة حتى 1987، قبل أن يتم نفي الجماعة إلى لبنان. هناك، أقامت قيادة “الجهاد الإسلامي” علاقة مع حزب الله اللبناني واستفادت من تدريبات على يد الحرس الثوري الإيراني. في 1989، نقل الشقاقي المقر الرسمي للحركة الفلسطينية إلى دمشق حيث لا يزال إلى يومنا، على الرغم من بقاء مجموعة من قادتها في لبنان وفقا لوزارة الخارجية الأمريكية. سمح لها وجودها المستمر في جنوب لبنان بشن هجمات مشتركة مع حزب الله في التسعينيات”.
اقرأ أيضاكيف يتدرب الجنود الإسرائيليون على تنفيذ عملية برية في قطاع غزة؟
خاضت حركة الجهاد مواجهات عسكرية دامية عديدة مع الجيش الإسرائيلي كان آخرها في مايو/أيار الماضي، عندما اغتالت إسرائيل ثلاثة من أبرز قادتها العسكريين في غزة.
استمرت تلك المعركة خمسة أيام وأسفرت عن سقوط 33 قتيلا في غزة وقتيلين في إسرائيل. كما أسفرت الضربات الإسرائيلية عن مقتل ستة من قياديي “الجهاد الإسلامي”. وضمت حصيلة القتلى في غزة ستة أطفال وعددا من المدنيين، وتوقفت الاشتباكات بهدنة تم التوصل إليها بوساطة مصرية.
يجدر الذكر، إلى أن حركتي حماس و”الجهاد الإسلامي” قد تمكنتا بعد الحرب الأخيرة في غزة عام 2021، من الاحتفاظ بما يصل إلى 40 بالمئة من مخزونهما الصاروخي، والذي كان هدفا رئيسيا للإسرائيليين، حسب المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي. بذلك، احتفظ الفلسطينيون بنحو 11750 صاروخا مقارنة مع 23 ألفا قبل اندلاع تلك المواجهة التي أطلقت عليها تل أبيب “حارس الأسوار”.
“طوفان الأقصى، محور المقاومة، وغرفة العمليات المشتركة”
أعلنت حركة “الجهاد الإسلامي” التحاقها بمعركة “طوفان الأقصى التي شنتها حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وخلفت مقتل أكثر من 1400 شخص وأسر المئات في إسرائيل، وهي أكبر حصيلة ضحايا في تاريخ الدولة العبرية منذ قيامها. كما نفذت الحركة الفلسطينية عمليات تسلل عبر الحدود من لبنان تصدت لها إسرائيل وردت بقصف كثيف.
وفي لبنان، للحركة علاقات مع حزب الله الذي يحتفظ من جانبه بعلاقات راسخة مع جماعات أخرى مدعومة من إيران في المنطقة، بما في ذلك حركتا حماس.
وتجمع “غرفة عمليات مشتركة” الحزب اللبناني والحركتين الفلسطينيتين وكذا فيلق القدس الموكل له العمليات الخارجية في الحرس الثوري، وفق ما أكد مصدر مقرب من حزب الله لوكالة الأنباء الفرنسية. سبق تشكيل هذه الغرفة هجوم غزة.
تنسق هذه الأطراف تحركاتها معا منذ سنوات في إطار “محور المقاومة” الذي يضم فصائل فلسطينية وأخرى من لبنان والعراق وسوريا ومجموعات أخرى مناوئة لإسرائيل، تتلقى دعما بالمال والسلاح من الجمهورية الإسلامية.
في هذا السياق، بحث الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في 8 أكتوبر/تشرين الأول التطورات في المنطقة، خلال اتصالين هاتفيين منفصلين مع الأمين العام لحركة “الجهاد الإسلامي” زياد النخالة ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، وفق الإعلام الرسمي في طهران.
كذلك، أشاد رئيس الأركان الإيراني اللواء محمد باقري بـ”العملية المعقدة” التي شنتها “المجموعات الفلسطينية المقاتلة” ضد إسرائيل.
وإثر عملية “طوفان الأقصى” قالت حماس إنها نقلت عشرات الأسرى إلى غزة وأشارت إلى أنها قد ترغب في مبادلتهم بآلاف الفلسطينيين المسجونين في إسرائيل.
كما قالت “الجهاد الإسلامي” بدورها إن لديها أكثر من 30 أسيرا، وأوضح أمينها العام زياد النخالة أن الأسرى خطفوا السبت في القطاع، وأضاف أنهم لن يتم إطلاق سراحهم “إلا بتحرير أسرانا” في إشارة إلى آلاف الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
التطبيع مع إسرائيل والعلاقة مع السلطة الفلسطينية
في 6 أكتوبر/تشرين الأول أي عشية إطلاق حماس عمليتها المباغتة والدامية، ندد زيادة النخالة بالمحاولات العربية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، في الوقت الذي نظمت فيه حركة “الجهاد الإسلامي” فعاليات في الأراضي الفلسطينية ودول مجاورة، فيما كانت هناك جهود إسرائيلية للتوصل إلى سلام مع السعودية، تعثر لاحقا بعد اندلاع الحرب.
وقال النخالة الذي تصنفه واشنطن ودول أخرى إرهابيا والمطلوب لدى الدولة العبرية، في خطاب عبر مقطع مصور: “هؤلاء الذين يتراكضون للتطبيع مع المشروع الصهيوني، يجب أن يعلموا، وهم يعلمون، أن ذلك هو إقرار منهم بأن فلسطين ليست لنا، وأن القدس بمسجدها ليست لنا”.
اقرأ أيضا“ميترو غزة، المدينة الأرضية”.. هل ينجح الجيش الإسرائيلي في تدمير أنفاق حماس؟
وعرض المقطع المصور أمام المتظاهرين في غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا كانوا يحتفلون بالذكرى السادسة والثلاثين لتأسيس “كتائب الأقصى” الذراع العسكرية للحركة. وشارك نشطاء مسلحون وملثمون بزي عسكري في مسيرة غزة. وألقى المنظمون بعلمين كبيرين لإسرائيل والولايات المتحدة على الأرض، وداس عليهما المشاركون بالأقدام عند الوصول إلى نقطة التجمع في ساحة مفتوحة.
وأدان النخالة أيضا السلطة الفلسطينية التي ولدت من رحم اتفاقات أوسلو قبل 30 عاما وتمارس حكما محدودا في الضفة الغربية المحتلة حيث اشتبكت قواتها الأمنية هناك لفترة وجيزة مع مسلحي “الجهاد الإسلامي” في تجمع حاشد في بلدة طولكرم.
وقال النخالة: “إسرائيل تقتلنا بسلاح أمريكي، وما يسمى بأجهزتنا الأمنية تلاحقنا وتعتقلنا بقرار أمريكي إسرائيلي أيضا”. وطالب السلطة الفلسطينية بالإفراج عن جميع النشطاء الفلسطينيين المعتقلين لديها. وبعد ساعات من تصريحاته، فتح مسلحون مجهولون النار بمدينة جنين في شمال الضفة على المقر المحلي للسلطة.
وقال النخالة إن الحركة ما زالت تعارض ليس فقط تطبيع العلاقات مع إسرائيل لكن أيضا عملية السلام برمتها التي بدأت باتفاقيات كامب ديفيد بين إسرائيل ومصر في 1978. وأضاف: “نؤكد أن مقاومتنا مستمرة وأن حركة الجهاد التي انبثقت من روح الإسلام ما زالت مستمرة في مسيرتها لم تساوم ولن تستسلم للأوهام”.
القدرات العسكرية لحركة “الجهاد الإسلامي”
عرضت حركة “الجهاد الإسلامي” عدة أنواع من الصواريخ والطائرات المسيرة خلال عرض عسكري نظمته مساء الأربعاء 4 أكتوبر/تشرين الأول في غزة، بمشاركة عدة آلاف من مقاتليها لمناسبة الذكرى الـ36 لتأسيسها.
وظهر في العرض نحو 4500 من عناصر “سرايا القدس” الجناح العسكري لـ”الجهاد الإسلامي”، حسبما قال مسؤول في الحركة لوكالة الأنباء الفرنسية.
وعرضت الحركة مجموعة من الصواريخ “محلية الصنع” محمولة على شاحنات مطلية باللون الأخضر والمموه. وأظهرت ثلاثة أنواع من الطائرات المسيرة، كتب على إحداها “مسيّرة صياد”.
اقرأ أيضا“أمطار الصيف، الرصاص المصبوب، الجرف الصامد”.. عمليات برية شنتها إسرائيل على غزة
وأوضح المتحدث باسم “سرايا القدس” أن “مسيرات صياد هي مسيرات هجومية لتنفيذ عمليات استشهادية داخل العمق الصهيوني”. وأضاف أن “الصواريخ الجديدة المطورة من طراز براق يصل مداها إلى 85 كلم، وصواريخ من طراز بدر 3 مطورة برأس متفجر يزن 400 كلغ”. إلا أنه بيّن أن “أحد الصواريخ التي عرضت محلية الصنع ولم يتم استخدامها حتى الآن ضد العدو” دون إعطاء مزيد من التفاصيل.
وفي كلمة صوتية بثت عبر شاشة تلفزيونية كبيرة، قال رئيس الدائرة العسكرية لحركة الجهاد أكرم العجوري: “هم يخططون ويدبرون ويتآمرون ونحن نخطط ونعد ونضرب في كل الساحات”.
وأضاف العجوري الذي يقيم في لبنان ويعتبر أحد المطلوبين لإسرائيل: “لن تفلح مخططاتهم ومؤامراتهم المستمرة والمستهدفة لشعبنا ولشبابنا وحياتنا ومستقبلنا”. فيما تشدد إسرائيل في استعداداتها للحرب البرية على غزة، أن هدفها “اجتثاث” الحركة ومعها حماس من القطاع.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook