آخر الأخبارأخبار محلية

هكذا يجب أن يردّ اللبنانيون على ما يحدث في غزة

كثيرة هي التحدّيات التي يعيشها لبنان اليوم، إضافة إلى تحدّياته المتعلقة بحياة أبنائه اليومية. وكثيرة هي التحليلات والتنظيرات عمّا يمكن أن يواجهه هذا البلد المنقسم على نفسه نتيجة التباينات التي لها علاقة بما يجري في غزة، وما يواجهه أهل القطاع من قتل ممنهج ومبرمج وفق سيناريوهات، يبدو أن “أحلاها” مرّ كثيرًا، وهو سيترك بصماته على كل مفاصل الحياة العامة في المنطقة كلها، وبالأخص في لبنان، وليس فقط في فلسطين.  

Advertisement

فلبنان يعيش حالًا ضبابية لا يعرف فيها أحد عما ستؤول إليه الأوضاع في الجنوب في حال تدهور الوضع الأمني في شكل دراماتيكي، على رغم التحذيرات الأممية من انزلاق لبنان إلى مستنقع الحرب، وأخر هذه النداءات ما صدر عن فرنسا، التي حذّرت من هذا الجرف، وما يمكن أن تكون عليه التطورات الدرامية، خصوصًا إذا تخطّت إسرائيل قواعد الاشتباك المعمول بها منذ حرب تموز في العام 2006. 
ولكن في المقابل، وكما يقول المتفائلون من أهل السياسية أن الخيارات الممكنة للخروج من هذا النفق المظلم كثيرة، على رغم ما يقوله المتشائمون من أن لا نهاية قريبة لهذا النفق الطويل، مع ما يحيط به من ضباب وغبار. وكثيرة هي الاختلافات بين اللبنانيين، الذين لم تتوحدّ كلمتهم، ولو لمرّة واحدة في تاريخ أزماتهم المتواصلة والموصولة بأحداث خارجية طالما كانت عامل قسمة لا عامل وحدة منذ اتفاق القاهرة حتى اليوم. 
فما يجري في غزة حاليًا، وما يمكن أن يحدث في أماكن أخرى من تطورات استتباعية، أكبر من لبنان، وأكبر من قدراته الذاتية، وإن كان “حزب الله” يُعتبر لاعبًا إقليميًا أساسيًا. فالمواجهة، سواء أكانت بالمباشر أو بالواسطة تتخطّى القدرة الاستيعابية للتركيبة اللبنانية الهشّة، وبالأخص في غياب رأس الدولة، الذي هو حكمًا القائد الأعلى للقوى المسلحة، وفي غياب الدور الفاعل للحكومة الممنوعة حتى من تصريف الأعمال بفعل المواقف غير المنطقية، التي يتخذها الوزراء الذين يدورون في فلك “التيار الوطني الحر”، المدعوون اليوم، على رغم عدم مشاركتهم في آخر جلسة لمجلس الوزراء، إلى وقف المكابرة والكيد السياسي، خصوصًا ان هذه الجلسة بحثت في أمرين يهمّان جميع اللبنانيين، وهما في غاية الأهمية والخطورة، وهما الوضع المتوتر في الجنوب على أثر التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة والاستنفار المقابل لمواجهة هذه التهديدات من قِبَل “حزب الله” ودخول العامل الفلسطيني على خطّ هذه المواجهة، إضافة إلى مقاربة وضع النازحين السوريين الجدد، وما يخطّط للبنان المربوط غصبًا عنه بالقضايا الإقليمية الكبرى. 
ولأن أي مواجهة على الجبهة الجنوبية سيكون لها مفاعيل خطيرة على مستوى كل الوطن، وأمام هول المخاطر المحدقة به من كل حدب وصوب، لا بدّ من أن يقدم نواب الأمة على خطوة دستورية في غاية الأهمية، ويذهبوا إلى دورات متتالية لمجلس النواب من أجل انتخاب رئيس لجمهورية قد تضيع هويتها في حال تفاقمت الأوضاع المحيطة به جنوبًا وشرقًا وشمالًا، وقبل أن يُفتح البحر أمام هجرة لبنانية واسعة قبل أي هجرة أخرى. 
فانتخاب رئيس جديد للجمهورية في شكل سريع وفوري من شأنه أن يكون على الأقّل ضمانة لوحدة داخلية قد “تفرط” عند أول امتحان، وهذا ما لا يريده أحد لا في الداخل ولا في الخارج، باستثناء بالطبع من يسعى إلى فرط عقد هذه الوحدة، التي تبقى الأساس في ما ارتضاه اللبنانيون من عيش واحد مشترك تحت سماء واحدة. 
أمّا إذا لم يفعل هؤلاء النواب، إلى أي محور انتموا، ما عليهم أن يفعلوه قبل أن يلعنهم التاريخ، فإنهم يضيّعون عليهم وعلى جميع اللبنانيين فرصة إنقاذ قد تبدو يتيمة في الوقت الراهن. وهذه الفرصة السانحة اليوم قد تصبح غدًا من الأمور المستحيل تحقيقها قبل أن ينجلي غبار الحرب الكونية، التي ستكون الحرب على غزة شرارتها الأولى والأخيرة. وعندها لن ندخل التاريخ وقد نخرج من الجغرافيا. 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى