آخر الأخبارأخبار محلية

الوكالة الوطنية للإعلام – المطران ابراهيم افتتح السنة الدراسية في معهد يوحنا الحبيب للتنشئة اللاهوتية في زحلة

 

وطنية – افتتح رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم السنة الدراسية الجديدة في معهد يوحنا الحبيب للتنشئة اللاهوتية في زحلة، بلقاء مع طلاب المعهد في قاعة المطران اندره حداد في مقام سيدة زحلة، بحضور رئيس المعهد الأرشمندريت الدكتور ايلي بو شعيا والآباء المحاضرين عزيز حلاق وطوني القضماني.

بعد الصلاة الافتتاحية ألقى بو شعيا كلمة شكر فيها المطران ابراهيم على “محبته ورعايته واشرافه على المعهد”، ووصَفَهُ ب”صاحب التطلعات اللاهوتية التي يُصعِدها من أعماق اللاهوت المعاصر”.

كما القى الدكتور ايلي كفوري كلمة باسم الطلاب جاء فيها: “إنه لشرف عظيم لنا أن نستقبل سيادة المطران إبراهيم مخايل إبراهيم، في معهد يوحنا الحبيب، الذي يخرّج طلاباً يحملون رسالة المحبة والسلام في قلوبهم. مرحباً بكم سيدنا في داركم وبين طلاب وأساتذة آباء نذروا أنفسهم في سبيل نشر كلمة الله والحق في هذه المدينة ولبنان وحتى العالم. مرحباً بكم في هذه المدينة الكاثوليكية، التي تشهد على تاريخ غني وتراث ثقافي وروحي. فأنتم من يحمل في قلبه ومن قلب الكنيسة الكاثوليكية رسالة المسيح السامية من محبة وسلام وعدالة. مرحباً بالراعي المخلص والمتفانٍي في خدمة رعيته وكنيسته، والراعي الأمين هو أيضاً رجل حوار وتقارب بين الأديان والثقافات، وهو صديق للفقراء والمظلومين والمحرومين. لقد أثبت سيادته بأعماله ورسائله أنه قائد روحي وإنساني يستحق كل التقدير والاحترام”.

أضاف: “إن مدينتنا زحلة، التي تفخر بتاريخها وتراثها الكاثوليكي، تشعر بالامتنان والفخر لسيادته، وهو الذي ما انفك ابداً يُظهر رعايته لمعهد اللاهوت ودعمه وتشجيعه لأبناء المدينة، في مختلف المجالات، ان كان بأعماله او بعظاته الدينية والثقافية او بأعماله الاجتماعية والانسانية، او بانفتاحه على الجميع دون تفرقة ولا تمييز. وبدون أدنى شك فإن سيادته هو نعمة من الله على مدينتنا وأبنائها خاصة ولبنان عامة. وفي هذا المجال، وتعبيراً عن تقديرنا لعمق رسالتكم الروحية والاجتماعية خدمة للمدينة الغالية وللوطن الصامد لبنان. لم أجد في هذه المناسبة اصدق من استحضار توصيف رسالة القديس بولس الأولى إلى تيموثاوس، حيث يقول: أُوصِيك أمام الله والمسيح يسوع، الذي سوف يدين الأحياء والأموات في ظهوره وملكوته: كرّز الكلمة، اصبر في كل حال، وبصيرة، وأنذر، وعظ. لأنّ زمانًا سوف يأتي حيث لا يطيقون التعليم الصحيح، بل حسب شهواتهم يجمعون لأنفسهم معلّمين يدغدغون آذانهم. ويلتفتون عن الحق إلى الخرافات. أمّا أنت فكن متنبّهًا في كل شيء، تحمّل المشقّات، اعمل عمل المبشّر، أدّ خدمتك كاملة”.

وختم كفوري: “هذه هي كلمات تشجعنا على التعلم ودعم هذا المعهد الحبيب حيث نتلقى فيه العلم الصحيح للوقوف الى جانب الحق ضد الشهوات والانحرافات والخرافات، والتعاون مع سيدنا إبراهيم في نشر إنجيل المحبة والسلام في هذا العالم المضطرب لخلاص الجميع. ونطلب من الله أن يبارك خطواته ويرعى رسالته، وأن يجعل زيارته لهذا المعهد الحبيب مثمرة وسعيدة. لنصلّ دائماً لأجل مطراننا، ولأجل كنيستنا الكاثوليكية الجامعة المقدسة الرسولية، ولأجل شعبنا اللبناني. آمين. شكراً لكم سيدنا إبراهيم على حضوركم وكلامكم”.

من جهته ارتجل المطران ابراهيم كلمة لاهوتية شكر فيها الطلاب على التزامهم بدراسة اللاهوت وشدد على الدور المستقبلي للخريجين، ومما قال: “اجتماعكم هو بحد ذاته شهادة. السعي ليس للشهادة لأن الشهادة موجودة، فالذي يبتدئ بالسعي حصل على الشهادة، وعندما ينتهي السعي، وهو لا ينتهي، تصبح الشهادة حياة ومسلك ومنهج وايمان وقناعة ومبادئ يسير عليها الإنسان انطلاقاً من الاستنارة التي حصل عليها بالتعليم واللاهوت. هذه الاستنارة تضيء له الطريق وتضيء طريق الآخرين وهذه أجمل شهادة، لأنه كما تعرفون، نحن نعيش اليوم في زمن المعرفة المتوفرة بكثرة، والهاتف الذكي الذي نحمله يتفوق علينا بأشواط كثيرة من ناحية كمية المعلومات والإمكانيات”.

أضاف: “اللاهوت ليس كمية معلومات، رغم أن المعلومة شيء جيد، والذاكرة مهمة للعلم، لكن التطبيق يبقى هو الأهم، وقوة التحليل هي اللاهوت الحقيقي. قوة التحليل الغير مبني على السلبية، بل على التفتيش عن الحقيقة الذي هو مسار ودرب وخارطة طريق كل لاهوتي. انا اليوم بينكم الأقل شأناً. فأنتم تفتشون، وتجدون الوقت لذلك، وأنا لا اجد الوقت. أصبحت في مرحلة اعطي فيها أكثر بكثير مما آخذ. اعطي لأنني تربيت عند الآباء اليسوعيين في روما على الأفكار التي انقلها اليكم بأن اللاهوت هو مسلك حياة وهو قوة تحليل وتأمل دائم بالحقائق الإلهية التي تسكن السماء والأرض في نفس الوقت، اي انه ليس علينا الانتظار للصعود الى السماء واتقاء الله لكي نحصل على الحقائق الإلهية. نحن في لقاء دائم مع الله وهذه هي حياة اللاهوت. والسماء على ما يبدو لي من خلال ايحاءات الكتاب المقدس وتعليم السيد الرب يسوع والآباء عبر التاريخ؛ السماء هي مشاهدة دائمة لجمال وجه الخالق، لذلك عندما نبتدأ هذا التأمل بعد حياة ارضية غنية، وكل حياة هي غنية، تبتدئ الحياة الأبدية وتستمر بالمشاهدة الدائمة والتأمل الدائم بالجمال الإلهي وبالحقائق الإلهية، الحقيقة التامة، الشاملة والكاملة. هذه الحقيقة، نحن هنا نقيس بمقاييس الزمن أما مقاييس خارج الزمن أي المقاييس الأبدية ففيها نتعمق فيها ونتشبع من الحقيقة الكاملة، من جمالها، من اتساعها الذي لا حدود له. لذلك اعتقد انه اذا سُئل الأموات أن يعودوا الى الحياة الأرضية، فلن يعود احد ممن يعيشون هذه المشاهدة السماوية. فبالأساس ليس في السماء وقت او زمن، ليس هناك ارتباطات غير الإرتباط الوحيد وهو المشاهدة الإلهية”.

وتابع: “انا اقول ايضاً ان الكلمة هي علم لاهوتي لا حدود له، والكلمة ليست حروفاً مجتمعةً لكن حياة ملتئمة على بعضها البعض لا يوجد فيها اجزاء، والأجزاء تذوب ببعضها البعض لأن الكلمة شاملة، والكلمة الإلهية ليست لغة بشرية لكنها حقيقة الهية، هي شخص يسوع المسيح الأقنوم الثاني المتجسد، لذلك سماها القديس يوحنا الإنجيلي ” في البدء كان الكلمة: ” الله يتكلم بإبنه الوحيد الذي هو كلمته، ونحن عندما نتكلم انما نتكلم بذاتنا اي نقدم ذاتنا للآخرين بالكلمة، لذلك الكلمة لها اهميتها، وانتم تعرفون ان مستوى الإنسان يقاس بكلمته او بكلماته، واليوم بعض الأشخاص يعلّون مستوى ذاتهم الى اعلى المراتب من خلال الكلمة التي تعكس ما في القلب، فبفيض ما في القلب يتكلم اللسان. اللاهوت هو ايضاً كلمة والكلمة تُعطى للآخرين، هو كلمة تُعاش، هو كلمة لها البُعد الإلهي لأن شخص يسوع المسيح ساكن فينا بالروح القدس، ونحن هياكل الروح القدس على حد قول القديس بولس، “أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ، وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟” (1 كو 3: 16). والهيكل الفارغ هو فارغ من الكلمة وفارغ من الروح، علينا ان نملأه. اللاهوت هو هذا الأخذ من النبع لتعبئة الذات من الكلمة ومن الروح وهكذا نكون هياكل متنقلة بين الناس ويصبح كل من يدخل اطار حياتنا الشخصية يدخل الكنيسة، ويصير كل واحد منا كنيسة اذا عرف ان هذه هي مسؤوليته ان يصبح كنيسة وعندما يتعاطى معه الآخر يكون يتعاطى مع الكنيسة جمعاء”.

وعن قوة التمييز قال المطران ابراهيم: “لكن كنيسة مجتمعة يجمع بينها التعليم القائم على الإيمان بيسوع المسيح القائم من بين الأموات، والقيامة هي اساس ايماننا المسيحي. في التقليد الكنسي وتعليم الآباء وتعليم المجامع المسكونية وتعليم الكنيسة الدائم، تكمن قوة التمييز. علّمنا الآباء اليسوعيون كيف ننمي فينا قوة التمييز التي هي ضرورة لللاهوتي، ومن غير المعقول ان يكون هناك لاهوتياً لا يعرف ان يميز بين الأشياء، بين الخير والشر، بين الصالح والطالح، بين الجيد والسيء الخ… قوة التمييز هذه نستعملها لنميّز حدود الذات قبل ان نطلق الأحكام على الآخرين ونميّز كلماتهم وتصرفاتهم ونقدّرها ونقيسها ونزينها ونحكم عليها. التمييز يبدأ من الذات، من الداخل، اي انا ككاهن في مسيرة حياتي كدعوة، ميزت دعوتي: هل انا مدعو ام لا؟ انا ككاهن هل اعيش كهنوتي ام لا؟ قوة التمييز هي قوة مستمرة ومستدامة لا تتوقف، قوة التمييز ضرورة ايضاً لللاهوتي”.

وأردف: “هناك اشياء كثيرة ضرورية لللاهوتي: الركوع في الصلاة والتأمل اهم بكثير من قراءة الكتب بالرغم من اهميتها، احد كبار اللاهوتيين في القرن العشرين هانس أورس فون بالتاراز وهو سويسري كان يقول ان اللاهوت نتعلمه على الرُكَب اي ركوعاً. واللاهوت المدرسيّ أو السكولاستيّ  مهم جداً وهو يرينا تركيبة الفكر اللاهوتي لكن نحن كشرقيين مدعوين الى التعرف على اللاهوت الصوفي أو الميستيك وهو ضروري جداً لنا نحن كشرقيين كي نبقى على تواصل مع تاريخنا الذي بدأ مع بداية الكنيسة وبنوع خاص مع الآباء الأوائل للكنيسة كالقديس ديونيسيوس الأريوباغي، الذين ركزوا على فكرة ان الله صا ر انساناً من اجل ان يصير الإنسان الهاً. وهنا ايضاً في اللاهوت مسيرة التأله هي مسيرة اللاهوتي . فاللاهوتي لا يستطيع ان يكون منفصل عن ذاته ومنقسم على ذاته، في مكان انا لاهوتي وفي مكان آخر انا سارق او مجرم! . اللاهوتي هو مسيرة قداسة، وهذه المسيرة لا تحتاج الى شهادات، وانا احببت فكرة اقامة توأمة مع احدى الجامعات الموجودة في لبنان وانا شخصياً أرشح جامعة القديس يوسف. اللاهوت هو مسيرة حياة، مسيرة بساطة، و”لاهوت البساطة” يجب ان يتطور ويجب أن يكون موضوع مرافعة للدكتوراه. كذلك “لاهوت القيادة” لأنه مازال شبه غائب، وإذا أردنا اعطاء شهادة في لاهوت البساطة اول شخص يستحقها هو أمي وأقربائي البسطاء. في بلدتي كان هناك ناس امّيين لكنهم كانوا يعرفون كيف يركعون وكيف يصلّون وكيف يصنعون الخير. وما نفع الشهادة امام السماء؟ هؤلاء استحقوا السماء لأنهم حصلوا على شهادات لاهوت البساطة”.

وتابع: “هناك الكثير من الأشياء يستطيع اللاهوتي القيام بها اليوم في عصر تتعرض فيه الكنيسة لهجمات ممنهجة ومنظمة وخاصة في الأماكن الفقيرة لأن هناك قوى معينة موجودة وحاضرة لإلغاء الإيمان المستقيم من قلوب الناس ووضع ايمان الحاجة الى الرغيف مكانه. انا اذكر في صداقاتي مع اخوتي الفلسطينيين الذين خدمتهم في اميركا وفي كندا، كانوا يتحدثون عن بيت “ابو رغيف”، عائلة ابو رغيف في القدس التي اشترتها بعض الحركات البروتستانتية برغيف من الخبز واطلقوا عليها اسم ” عائلة ابو رغيف” لأنهم كانوا جائعين”.

وعن “الهجمة التي تتعرض لها الكنيسة اليوم” قال: “نحن اليوم في هذه المنطقة هناك اناس يشترون برغيف او رغيفين! وهذه مهمتكم انتم ان تنطلقوا الى حقل العمل وان تدافعوا عن الإيمان ولا تدعوا احداً يسرق من حضن العذراء اولادنا ويأخذهم الى مكان آخر وهم في افضل مكان. إذا اراد الإنسان ان يأخذنا ويطوّرنا ويطوّر ايماننا ويعمّقه فأهلاً وسهلاً به، لكن في الحقيقة عليه هو ان ينضم الينا لأننا كنائس رسولية منذ بداية المسيحية، متجذرة في تاريخ الكنيسة وفي لاهوتها وتقاليدها، ولا يمكن لأحد ان يأخذ قيمتها وثمنها والكنز الموجود فيها من التاريخ والمعرفة. لا يجوز سرقة أبنائنا بثمن هو فاتورة كهرباء أو قسط مدرسي أو غيره وبعد أن يتملّكوا على قلوبهم بما يشبه غسل الأدمغة يصلون فيما بعد إلى جيوبهم ليستوفوا أضعاف كل ما قدموه لهم في السابق. هذا ليس تبشيرا، بل عملية تجارية. أنتم تعرفون انه يوجد حركة بروتستانتية نمت في سويسرا اسمها ” الكالفينيست” او جماعة كالفين، وهي تعتبر ان الغنى والثروة هي من علامات رضى الله على الإنسان، لكن في هذه الحركة اخرجوا يسوع من دائرة رضى الله، يسوع لم يكن ثرياً او غنياً عاش الفقر وقال “طوبى للفقراء فإن لهم ملكوت السماوات” وكان يفتخر بأنه واحداً منهم. واليوم بعض المنظمات البروتسنانتية التي تساعد المحتاجين كثيرة ولا تساعد الشعب مجاناً انما لديها اهدافاً مع احترامنا لهم، حتى الذين يطعمون الناس لا نفهم احياناً من اي مكان ينطلقون، لذا يجب اعادة النظر بطريقة التعامل مع كرامة الإنسان الذي يساعدونه، لأنني إذا اعطيت شخصاً وحدّيت من كرامته فهذا يعني انني لا اعطيه، بل على العكس آخذ منه لأنه من غير الممكن ان يكون هناك شيئاً مادياً يوازي كرامته التي اسلبها منه. وهنا لا بد من تقدير كل مايقوم به الأشخاص خلف خط العطاء او التوزيع، هناك اشخاص في خط العطاء الحقيقي اي يقتطعون من حاجتهم ويعطوا المؤسسات لكي تقوم بدورها بتوزيعها على المحتاجين، نحن ننحني امامهم وامام كرمهم، ولا يمكن ان نستهين بفلس الأرملة. وتقوم هذه المؤسسات بتقديم المساعدات في مجال الطعام فقط، لكن إذا مرض أحدهم يدعوه يموت، فهم لا يساعدون في الإستشفاء ولا في التعليم، نحن اليوم يجب ان نكون جامعات للتعليم وعليهم ان يساعدوا في نشر كلمة الله، فالصفة الأساسية للمسيح في الإنجيل هو “المعلّم” والصفة الأساسية الثانية بحسب كمية العجائب التي اختاروها الإنجيليين هي “الطبيب”، يسوع كان الشافي. ففي الرحلة الأولى هناك التعليم يليها الإستشفاء وبعدهما يأتي الطعام في مرحلة لاحقة لأنه “ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان”. كيف نطعم الأشخاص اولاً وندعهم يموتون من الجوع الى المعرفة ومن نقص الصحة! كل اعاجيب السيد المسيح في الإنجيل تقريباً هي استشفاء او شفاء وهناك اعجوبة واحدة  او اثنين اطعم فيها الناس: في قانا الجليل واعجوبة تكثير الخبزات السمكات”.

وختم ابراهيم: “الرب زرع فيكم شوقاً دفعكم لأن تكونوا معاً اليوم، وهذا الشوق هو اللاهوت الحقيقي، هو الأسرار الحقيقية، هو الأفكار الحقيقية، هو الجسر الأقوى الذي تعبرون فيه نحو المسيح، بارككم الله”.

 

                                   ==============


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى