كلامٌ عن تخطّي حماس لـحزب الله.. هل بدأ التنافسُ بين الطرفين؟
وسطَ معركة “طوفان الأقصى” القائمة بين حركة “حماس” وإسرائيل في الداخل الفلسطينيّ، برزَ حديثٌ عن أنّ الحركة تخطّت “حزب الله” في لبنان من خلال نوعية هجماتِها وإقتحامها للمستوطنات الإسرائيلية. الكلام هذا يقودُ إلى منطقٍ يشيرُ إلى أنّ “حماس” باتت تُزاحم الحزب على قيادة “محور المقاومة”، باعتبارها أنّها سبقته في عمليتها التاريخية على إنجازٍ كان يُحضر له فعلياً خلال السنوات الماضية.
في الواقع، يُعدّ هذا الكلام “تشويشاً” على مسار المعركة ومن خلاله يتمّ السعيُ إلى نقلِ حيثيات التقدُّم الفلسطيني إلى “دهاليز” تنافسٍ لا تُغني ولا تُسمن من جوع. فعلياً، لدى “حزب الله” في لبنان كيانهُ وحيثياته وموازين القوى التي يتحكّم بها، كما أن لديه ظروفه الميدانية والجغرافية والعسكرية والتي تختلفُ تماماً عن ظروف “حماس”. هنا، سيُقال إنّ الحزب لديه قدرة على التحرُّك أكثر من الحركة في غزّة باعتبارِ أنَّ الأخيرة مُحاصرة من الإسرائيليين، كما سيُقال أيضاً إن “التطويق الإسرائيلي” لـ”حماس” لم يمنعها من تنفيذ العملية البطولية. الكلامُ في هذا الإطار منطقيّ تماماً، لكن السؤال: ما الذي يُميز الحزب عن “حماس”؟ وهل تسعى الأخيرة فعلاً لسلب قيادة محور المقاومة منه؟
عسكرياً وميدانياً، يتميّز الحزب بقدرة على التحكّم بمسارٍ أي معركة قد تندلع مع إسرائيل لسببين أساسيين: الأول وهو أنّ نطاق تحرُّك الحزب ليس محصوراً بإطار جغرافي مُحدد مثل قطاع غزّة، في حين أنّ السبب الثاني يرتبطُ بطبيعة البيئة الجغرافية التي تسمح لـ”حزب الله” بصُنع المفاجآت بحق الإسرائيليين. إضافةً إلى ذلك، يُعتبر الحزب أكثر تسلُّحاً من “حماس” من ناحية الصواريخ الدقيقة، كما أنَّ قدراته الهجومية تُعتبرُ أكثر تأثيراً من ناحية تحديد الضربات الموجّهة. عند هذه النقطة، يجب الوقوف عند إستخدام الحزب عبارة “صواريخ موجّهة” في بياناته عن عملياته الأخيرة ضد الإسرائيليين خلال اليومين الماضيين، فالأمرُ هذا يحملُ دلالة على أنَّ الحزب يسعى إلى اللعب على “وتر الحرب النفسية” والقول للإسرائيليين إنه لا يقوم برمي قذائف عادية، وإن تم تجاوز الخطوط الحمراء، فعندها سيتم إزاحة “الصواريخ الموجّهة” جانباً والذهاب أبعد نحو أسلحةٍ أكثر تأثيراً وتدميراً.
الأهمُّ من كل هذا هو أنّ المدى الذي يمكن أن يتحرّك “حزب الله” ضمنهُ يسمحُ له بإسداءِ ضربات مُوجعة لإسرائيل مثل إستهداف مفاعل نووية، ضرب منصات الغاز وتعطيلها، شنّ هجمات سيبرانية ومهاجمة الطائرات الحربية وإسقاطها. هذه الأمورُ وغيرها كلها تُشكل عوامل قوة لـ”حزب الله” قد لا تحظى بها “حماس” بالكامل، ولهذا السبب يُعتبر دعم الطرفين لبعضهما أساسياً جداً.
في المقابل، يعتبرُ دور “حماس” العسكري على صعيد الداخل الفلسطيني أكثر تأثيراً من الحزب. هناك، يعلمُ الفلسطينيون طبيعة أرضهم، كما أنهم قادرون على تشكيل خطوط تواصلٍ مع الداخل المُحتل من خلال شبكة اشخاص يتم تجنيدهم لصالح “حماس”. الأهم أيضاً هو أن هناك جبهة داخلية الحركة في العُمق الفلسطيني المُحتل وهذا الأمرُ يُعتبر إمتداداً يتميزُ به الفصيل الفلسطيني المُقاوم ويمكن أن يُشكل حائط دعمٍ له خلال معركته الحاليّة. مع هذا، فإنه لا يمكن نسيانُ نقطة مهمة تعتبرُ سهلة بالنسبة لـ”حماس” وساهمت في نجاح عمليتها الأخيرة، وهي ترتبطُ بالطبيعة الجغرافية لغزّة. بنظرةٍ بسيطة، يمكن رؤية أن القطاع قائمٌ على أرض مُسطحة وبسيطة المعالم، وبالتالي فإنّ خرق السياج الفاصل عند الحدود يعتبر ثغرة أساسية لدخول المقاتلين منهما مثلما حصل في عملية “طوفان الأقصى”. أما في جنوب لبنان، فطبيعة الأرض مُعقدة، فاختراق الحدود ليس سهلاً كما أنّ وجود المراكز الإسرائيلية على بعض التلال المرتفعة يُشكل تحدياً لوجستياً وأمنياً وعسكرياً لـ”حزب الله” يجدر التعامل معه بدقة وحرفية وتنفيذ إختراقٍ من ثغراتٍ مُحددة غير مكشوفة.
وسط كل ذلك، فإنّ ما يجمع الحزبو”حماس” عسكرياً كثيرٌ جداً. أولاً، القدرات الهجومية البحرية موجودة لدى الطرفين، كما أن القدرة على التخطيط وتنفيذ الإقتحامات فرضت نفسها على الجهبتين، في حين أنّ تكتيكات التسلل تجمعُ الحزب والحركة من خلال تبادلها وتعزيزها بشكلٍ مستمر. أما النقطة الأبرز فترتبطُ بترابط الجبهتين مع أطرافٍ أخرى مستعدة للإنخراط في أي معركة شاملة مثل سوريا، وهذا أمرٌ يُعد ورقة قوّة كبيرة بالنسبة لـ”محور المقاومة” وأطرافه المتعددة.
إذاً، يمكن القول إنّ “حماس” تُكمّل “حزب الله” والعكس صحيح، فلكل طرفٍ جبهته المختلفة عن الآخر، والمعركة الأساس اليوم ترتبطُ بمدى صمود جبهات المقاومة في وجه “الإستشراس الإسرائيلي”.. والتساؤل الأساس هنا: هل ستفشل تل أبيب حقاً في تصفية الجبهات التي تُهدّدها؟ وهل ستنجح حقاً بعد الدعم الأميركي المُطلق لها في إنهاء وجود “حماس” والإنتقال إلى لبنان لضرب “حزب الله”؟
مصدر الخبر
للمزيد Facebook