آخر الأخبارأخبار محلية

إسرائيل تحت وقع الصدمة.. هل يدخل لبنان قلب المواجهة؟!

لم تستوعب إسرائيل الصدمة بعد، فعملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية، ممثلة بكتائب القسام، باغتتها بشكل لم يخطر على بالها، فشكّلت لها ولمخابراتها إخفاقًا كارثيًا، لم يخفّف من وقعه القصف “الوحشيّ” الذي لجأت إليه ضدّ قطاع غزة، على عادتها، ولو من باب محاولة “ردّ الاعتبار” هذه المرّة، ولا إعلان “حالة الحرب” مع ما قد يعقب ذلك من عدوان، خبر الفلسطينيون أصنافه على مرّ السنين.

Advertisement

 
لم تستوعب إسرائيل صدمة “طوفان الأقصى” بعد، فما حصل ليس مجرّد حدث استثنائيّ، بل يجوز وصفه بـ”التاريخي”، ليس فقط لأنّ الجيش الذي قيل إنّه “لا يُقهَر”، انكسر وأهين في قلب المناطق التي احتلّها، ولكن أيضًا لأنّ المقاومة الفلسطينية هي التي استملت زمام المبادرة وفرضت “ساعة الصفر”، بعدما دأبت إسرائيل على أن تختار توقيت حروبها ومعاركها، وتضع المقاومة في موقع “ردّ الفعل”، بحكم “الأمر الواقع”.
 
وفيما كانت إسرائيل لا تزال تحت وقع الصدمة، بدأت الأمور تتكشّف أكثر، لتشتعل أكثر من “جبهة” في آن، ففي مصر بدا حادث قتل شرطي لإسرائيليين لافتًا ومعبّرًا، وفي لبنان لم تكن الصواريخ “لقيطة” ولا “مجهولة” هذه المرّة، بل إنّ “حزب الله” اختار تبنّيها بسرعة قد تكون هي الأخرى غير مسبوقة، لكن هل يعني ذلك انضمام لبنان عمليًا إلى معركة “طوفان الأقصى”؟ وهل يصبح دخوله قلب المواجهة “تحصيلاً حاصلاً”؟!
 
“لا حياد” في المعركة
 
بالنسبة إلى “حزب الله”، فالموقف واضح لا يحتمل اللبس كما يعبّر عنه العارفون بأدبيّاته، وهو أنّ “لا حياد” في هذه المعركة، وهو بالتحديد ما ذهب إليه رئيس المجلس التنفيذي السيد هاشم صفي الدين في تصريحاته، لأنّ هذه المعركة بالتحديد هي معركة بين الحقّ والباطل، وبالتالي فأيّ مقاربة “رمادية” لها، توازي مساندة “الباطل”، ولعلّ هذا بالتحديد ما دفع الحزب إلى تحديد “توضعه” سريعًا، من دون أن يشعر بأيّ حرج أو يراعي أيّ هواجس.
 
وبمعزل عن الأصوات التي سُمِعت في الداخل اللبناني في اليومين الماضيين وهي تدعو “حزب الله” إلى عدم الخوض في أيّ “مغامرة”، وفق وصف البعض، قد تؤدي إلى “توريط” البلد في حرب لا ناقة له فيها ولا جمل، ولا طاقة له أصلاً على تحمّل تداعياتها في ظلّ أزماته المتفاقمة، يؤكد العارفون أنّ ما أراده الحزب بالدرجة الأولى كان “مساندة” المقاومة الفلسطينية، وتلبية “النداء” الذي وجّهته القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف في هذا الصدد.
 
يستغرب المؤيدون لموقف “حزب الله” أن تخرج تصريحات من النوع “المستفزّ”، الذي يتعمّد استخدام عبارات “المغامرة” و”التوريط”، فضلاً عن الاستشهاد بعبارة “لو كنت أعلم” الشهيرة وتوظيفها خارج سياقها، في هذا الظرف بالتحديد، فيما الأوْلى بالجميع اليوم إدراك أهمية اللحظة التاريخية، التي لم تمرّ على جيل كامل من قبل، والتي وضعت حدًا للكثير من الأساطير، وأطلقت معادلة جديدة قوامها أن ما قبل “طوفان الأقصى” غير ما بعدها.
 
سيناريو الحرب “مُستبعَد”
 
لا يعني ما تقدّم أنّ دخول لبنان إلى قلب المواجهة بات تحصيلاً حاصلاً، أو أنّ لبنان أصبح فعلاً في قلب معركة “طوفان الأقصى” كما حاول البعض الإيحاء، إذ يقول العارفون إنّ عملية “حزب الله” يمكن أن تفسَّر على أنها “رسالة” بالدرجة الأولى، فهو من ناحية أراد تلبية نداء الفلسطينيين، وتأكيد مساندته لهم، أيًا كان شكل الدعم المطلوب، ولكنه من ناحية ثانية أراد أن يقول للإسرائيليين “نحن هنا”، في سياق “الحرب النفسية” التي بلغت ذروتها.
 
لكن، أبعد من هذه الرسالة، التي قد توظّف في خانة التلويح بخيارات وسيناريوهات قد توضع على الطاولة في حال اختار العدو التصعيد، إما على الجبهة الفلسطينية أو الجنوبية، فإنّ عملية “حزب الله” لا تعني وفق العارفين دخولاً رسميًا وفعليًا في قلب المعركة، بل إنّ الحزب حرص على أن يكون تحرّكه “محدودًا ومضبوطًا”، والأهمّ من ذلك، أن يأتي من ضمن قواعد الاشتباك المعمول بها، عبر استهداف المنطقة اللبنانية المحتلة تحديدًا.
 
لهذه الأسباب، لا يزال سيناريو الحرب بين لبنان وإسرائيل مستبعدًا حتى إشعار آخر، وفق العارفين، ولا سيما أنّ الطرفين على الأرجح لا يريدانه ولا يجدان فيه مصلحة حاليًا، إلا أنّ مثل هذا السيناريو سيبقى “على الطاولة”، بحسب ما يقول هؤلاء، حيث يرهنونه بالتطورات التي يمكن أن تحصل في الأيام القليلة المقبلة، خصوصًا على مستوى ردّة فعل إسرائيل على ما حصل معها، علمًا أنّ هناك من لا يزال يروّج لفكرة “الحرب الشاملة ومتعددة الجبهات”.
 
حتى الآن، لا مؤشّرات تدلّ على أنّ لبنان أصبح جزءًا من معركة “طوفان الأقصى”، ولو أنّ الثابت أنّ اللبنانيين متضامنون مع الفلسطينيين الذين “يكتبون التاريخ” هذه الأيام، ولو كانوا يتعرّضون لعدوان جديد يضاف إلى سجلّ الحروب الإسرائيلية الهمجية والوحشية ضدّهم. أكثر من ذلك، ثمّة من يرى في رسالة “حزب الله” تأكيدًا على “الردع” وليس “استحضار الحرب”، على الأقلّ بانتظار نضوج المعطيات فلسطينيًا، ليُبنى على الشيء مقتضاه!


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى