آخر الأخبارأخبار محلية

على ابواب الشتاء.. هل سيبقى لبنان الاخضر؟

لم يعد خافيا على أحد بأنّ الثروة الحرجية في لبنان أصبحت مهددة تماما، إن لم نقل انّ عملية إبادة كارثية تحصل على مستوى المناطق اللبنانية، وتهدد “لبنان الاخضر” بالاختفاء من على خارطة المساحات الحرجية، وخصوصا إذا استمر الوضع على ما هو عليه من اعتداءات متكررة وحرائق وتمدد عمراني عشوائي ينذر بما هو أسوأ.

Advertisement

 
وعلى ابواب الشتاء، الكارثة مستمرة، حيث يعطي البعض لانفسهم الصلاحية والشرعية الكاملة لقطع اشجار عمرها مئات السنين، تحت قاعدة “بدنا نتدفى.. ما تركوا قدامنا خيار اخر”. وها هي اشجار اللزاب والشوح والصنوبر، تتعرض الى اقتلاع من الجذور وليس الى تشحيل كما يبرر البعض افعاله، وهي اشجار تحتاج الى مئات السنين لكي تعود وتفرّخ من جديد. والأسوأ انّ المشكلة لم تعد محصورة في بقعة جغرافية محددة، بل اصبحنا امام ظاهرة يبدو انها منتشرة في مختلف المناطق.
 
التغير المناخي
وما يزيد الطين بلة انّ هذه الازمة تتزامن مع خطورة عالمية في ظل التغير المناخي والتدهور البيولوجي، مع ما يرافق ذلك من تهديد مباشر لمصدر الاوكسجين للمواطنين وخطر انجراف التربة وتخزين المياه في الابار الجوفية، ومشكلة الاحتباس الحراري والقضاء على التنوع البيئي.
نعم، ربما كل هذا وأكثر، ولا مبالغة بالقول انّ البساط الاخضر اصبح مهددا تماما، ولبنان يخسر مساحاته بشكل مرعب. وهو ما يتفق عليه الخبير البيئي ورئيس حزب البيئة العالمي الدكتور ضومط كامل الذي يؤكد انّه لا مبالغة بالوصف، فهذا هو الواقع الذي قد يتحول بعد سنوات الى كارثة اكبر ما لم يتم الاستنفار اليوم قبل الغد لايجاد الحلول العملانية وخصوصا مع اقتراب موسم الشتاء والتحطيب.
 
الارض تجدد نفسها
يقول كامل في حديث لـ”لبنان 24″ إنّ “طبيعة ارض لبنان تعود وتجدد نفسها، وهذا ما يميزها، و”لكن كم لهذه الميزة ان تقاوم في ظل كل العوامل المؤذية للارض والتربة واولها التمدد العمراني، اضف اليها الحرائق وقطع الاشجار. واسوأ ما في الاخيرة انّ البعض لم يعد يكتفي بقطع الاغصان بل باتوا يستعينون بمعدات متطورة وأدوات لقطعها من جذورها”.
 
وإذ يتحدث كامل عن نماذج ايجابية لعدد من المناطق التي لا تزال تحافظ على طبيعتها الخضراء مثل فتوح كسروان على سبيل المثال، فانّه يأمل “أن يشكل هذا رغبة لدى اخرين بالحفاظ على مناطقهم”، فالخسارة ملموسة كما يؤكد. ويتابع: “قديما كنا نتحدث عن 63% من المساحات الخضراء التي تغطي لبنان، وبعد الحرب وسنوات التطور العمراني بدأنا نخسر هذه المساحات بشكل طبيعي كل سنة، ولكن هذه الارقام بدأت تتضاعف كثيرا، حتى بتنا نحدد مساحات حرجية ما بين 15 الى 17 %، فماذا تتوقعون بعد عدد قليل من السنوات؟ هل سيتم القضاء على لبنان الاخضر؟”.
 
هواء نظيف
وهنا يشير كامل الى انّ الثروة الحرجية هي العامل الاول في المحافظة على الهواء نظيفا، كون الاشجار تمتص الغبار والاوساخ، ويتابع: “فإذا جمعنا مشكلة قطع الاشجار الى جانب المكبات العشوائية للنفايات فاننا امام كارثة حقيقية. فعلى سبيل المثال تم استحداث مكب جديد للنفايات في منطقة الجديدة في المتن دون دراسة الاثر البيئي لهذا المكب، وللاسف فانّ التيارات الهوائية لم تعد تدخل الى المناطق المجاورة بسبب المكب، وكلها عوامل متراكمة تؤدي الى اثار سلبية خطيرة على مستوى صحة الانسان”.
 
التمدد العمراني
وعن الاسباب المباشرة لتقلص المساحات الخضراء، يقول كامل: “بالدرجة الاولى يأتي التمدد العمراني، وللاسف ما يحصل اليوم، فانّ المشاريع تنفذ بشكل فوضوي دون دراسة الاثر البيئي السلبي. وتأتي الحرائق لتشكل النسبة الثانية في تدني المساحات الحرجية، وبعدها قطع الاشجار، واليوم للاسف لا استطيع ان أنكر انّ اشجار اللزاب والصنوبر في لبنان اصبحت مهددة بالانقراض على مدى المستقبل القريب”.
 
ولا يتوقف الامر عند مسألة التحطيب من اجل استخدام الحطب للتدفئة، بل قطع الاشجار وبيع الحطب باسعار كبيرة والاستفادة بسبب غلاء المازوت والشتاء الصعب الذي ينتظرنا هذا العام بحسب توقعات الخبراء. من هنا، يشير كامل الى انّه قدّم كتابا الى وزير الزراعة عباس الحاج حسن يتضمن استراتيجية وخطة وطنية متكاملة على مستوى الحفاظ على الثروة الحرجية، وخصوصا لناحية قطع الاشجار.
 
ويقول كامل: “تطرقت في الكتاب الى الخطر الداهم الذي ينتظر اللبنانيين، ومجموعة من الخطط والحلول العملانية لتفادي الكارثة المستقبلية، وعلى رأسها التوعية والتثقيف اضافة الى تطبيق القانون والتشدد في تطبيق القوانين والعقوبات، وكذلك اعطاء البلديات الصلاحية الكاملة لمتابعة هذه القضية كي لا تصبح الظاهرة امرا واقعا وتشريعا غير مكتوب، يعطي للناس تبريرا لقطع الاشجار”.
وعي شعبوي
وتشمل الخطة بحسب كامل ايضا تنظيف الاشجار وتشحيلها بطريقة يمكن الاستفادة من حطبها، اضافة الى تنظيف مجاري الانهار والمياه الجوفية، والاهم من كل هذا “هناك جهل كبير في هذا الاطار، والشعب بحاجة الى توعية كبيرة وهذا ما يتطلب استراتيجيات يجب العمل عليها وليس مجرد تنظير”. ويختم كامل بالقول إنّ كل شجرة اليوم موجودة على ارض لبنان، تشكل سببا لوجود شخص يتنفس ولا يزال على قيد الحياة.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى