آخر الأخبارأخبار محلية
صاروا عبئًا ثقيلاً.. هل يهدّد حزب الله معارضيه؟!
في سياق الاستقطاب العموديّ الذي يفاقمه الشغور الرئاسيّ الذي يقترب أكثر فأكثر من ذكراه السنوية الأولى، من دون أن تلوح في أفقه حتى الآن أيّ “تباشير” تؤشّر لإمكانية إنهائه في المدى المنظور، انشغلت البلاد في اليومين الماضيين بما قيل إنّها “لغة التهديد” التي عاد “حزب الله” لاستخدامها في وجه الخصوم، لجرّهم إلى القبول بمرشّحه الرئاسي، بل ذهب البعض لحدّ الخشية من أن تكون مقدّمة لعودة “مسلسل الاغتيالات”.
استندت هذه التحليلات إلى تصريح لعضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق خلال احتفال تأبيني أقيم في حسينية بلدة عيتا الشعب الجنوبية، قال فيه إنّ من وصفهم بـ”جماعة التحدي والمواجهة بمشاريعهم الخاسرة والمغامرات غير المحسوبة وبإفشالهم المبادرات والتوافقات”، صاروا “عبئًا ثقيلاً على البلد”، مبرّرًا الأمر بأنهم “سبب كل هذه الأزمات، ولا يريدون الحل”، على حدّ تعبيره.
ومع أنّ الشيخ قاووق أكد في الكلمة نفسها، أنّ “حزب الله وحركة أمل يبحثان ليلاً نهاراً عن أي فرصة لإنقاذ البلد”، وأنّهما “لن ينجرّا إلى أي عملية تحريض”، وفق وصفه، فُهِمت كلمته في الكثير من الأوساط على أنّها “تحريض”، بل “تهديد للخصوم”، فهل مثل هذه المقاربة تحتمل الصحّة فعلاً؟ وهل يسعى “حزب الله” من خلال هذه الرسالة إلى “ترهيب” من يخالفونه الرأي، وربما الوجهة “الرئاسية”؟ وهل يجدي هذا الأسلوب نفعًا؟
المعارضة “تستنفر”
سريعًا، استنفرت المعارضة في مواجهة خطاب “العبء الثقيل”، فتوالت الردود من مختلف مكوّناتها، حيث “تقاطعت” على اعتبار ما صدر عن الشيخ قاووق بمثابة “رسالة ثقيلة” من “حزب الله”، باعتبار أنّ الحديث عن “العبء الثقيل” لا يُفهَم منه سوى “تهديد مبطن”، لأنّ الإنسان عادةً ما يلجأ إلى التخلّص من “العبء الثقيل” بشتّى الوسائل الممكنة، ولكون “التشخيص” بهذا المعنى ليس سوى الخطوة الأولى في هذا المسار.
صحيح أنّ مثل هذا المنطق ينطوي على “مبالغة” تكاد تكون “درامية” وفق ما يرى الكثير من المتابعين، إلا أنّه برأي أصحابه من المعارضين ينطوي على “واقعية” تستند إلى تجارب ماضٍ غير بعيد، كانت ضريبة المعارضة فيه غالية، في إشارة مبطنة إلى سلسلة الاغتيالات التي لاحقت الكثير من خصوم “حزب الله” بعد العام 2005، وإن بقيت الحقيقة المرتبطة بها “ضائعة” في فوضى الاتهامات السياسية والتحقيقات المسيّسة.
ترفض أوساط المعارضة وضع هذا المنطق في إطار “التهويل”، أو حتى “استحضار سيناريوهات” من شأنها زيادة “التعقيد” على خطّ الأزمة الرئاسية المتفاقمة، فهي ترى أنّ لجوء “حزب الله” إلى أسلوب التهديد، ولو كان جدليًا، له مقوّماته وتبريراته، فالحزب في وضعٍ “لا يُحسَد عليه”، فهو للمرّة الأولى منذ وقت طويل، يجد الأمور “مقفلة” في وجهه، يعجز معها عن “فرض” ما يريد على الآخرين، خصوصًا على مستوى انتخاب الرئيس.
“حزب الله” لا يعلّق
في مقابل “استنفار” المعارضة ردًا على خطاب “العبء الثقيل”، قد لا يكون مستغرَبًا أن يلوذ “حزب الله” بالصمت، ويرفض التعليق على كلّ ما يُحكى، متمسّكًا بـ”صمت” لطالما كرّسها “سياسة” يتبعها في مقاربة الكثير من الملفات، ولو أنّ بعض الدائرين في فلكه، يجدون في بعض التصريحات التي جاءت في معرض الردّ على الشيخ قاووق، ما هو “مثير للضحك والسخرية”، لأنّ مطلقيها يدركون سلفًا أنّها لا تمتّ إلى الواقع بصلة، وفق ما يقولون.
يشرح أصحاب هذا الرأي وجهة نظره، بالدعوة إلى وضع كلام الشيخ قاووق في سياقه، فالرجل لم يتحدّث عن “عبء ثقيل” يجب “التخلّص” منه كما أوحى الآخرون، بل وضع مصطلح “العبء” في سياق الحديث عن استمرار الأزمات، ما يعني أنه “عبء ثقيل” يحول دون الوصول إلى الحلّ في استحقاق الرئاسة وغيره، علمًا أنّ ذلك اتضح في سياق الخطاب، الذي أكد فيه الشيخ قاووق نفسه أنّ الحزب يبحث ليلاً نهارًا عن “فرصة الإنقاذ”.
برأي هؤلاء، فإنّ كلام الشيخ قاووق جاء في سياق التأكيد على اعتراض “حزب الله” على رفض معارضيه لمنطق الحوار والتفاهم، رغم أنّ القاصي والداني يدرك أنّ هذا الحوار هو الطريقة الوحيدة للخروج من أزمة الرئاسة، بعيدًا عن تصلّب هذا الفريق أو ذاك، علمًا أنّ منطق “حزب الله” وفق هؤلاء يقوم تحديدًا على نقيض ما اتهم به الشيخ قاووق الفريق الآخر، أي “التحريض والتوتير والتعطيل وجر البلد إلى الفتنة”، ما يناقض كلّ الاتهامات التي وجّهت له.
هي “ملهاة أخرى” في طريق الرئاسة المعطّل، وفق ما يرى كثيرون. على الأرجح، فإنّ تصريح الشيخ قاووق كان يمكن أن يمرّ مرور الكرام في ظروف مختلفة، بلا تفسيرات ولا تأويلات ولا من يحزنون، لكنّه في ذروة الانقسام، أخذ أبعادًا أخرى، ليفضح “عمق” الأزمة، أزمة قد يكون بين اللبنانيين من “ينتظر” حلّها السحري من الخارج، فيما كلّ الوقائع تدلّ على أنّ لا يمكن أن ينطلق، وربما ينتهي، إلا في الداخل!
مصدر الخبر
للمزيد Facebook