آخر الأخبارأخبار محلية

بعد تجميد بري مبادرته.. هل تسقط فكرة الجلسات المتتالية؟!

بانتظار أن تتبلور “صورة” الحراك القطري الذي يكثر الحديث عنه، والذي قد لا يرقى لمستوى “المبادرة” في القريب العاجل، يبدو أنّ البلاد دخلت عمليًا مرحلة “ما بعد المبادرة الفرنسية”، ولو أنّ الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان لم يُلغِ، أقلّه حتى الآن، زيارته الرابعة المفترضة الشهر الحالي، والتي لا يتوقّع أن تنجح في ما فشلت فيه زياراته السابقة، ولا سيما بعد “الفيتو” التي وُضِع في وجه أفكاره “الحواريّة” داخليًا وخارجيًا.

 

 
ولعلّ ما يزيد من “تعقيدات” هذا المشهد المتشابك، بصورة أو بأخرى، أنه تزامن مع إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري طيّ صفحة مبادرته الحوارية، أو بالحدّ الأدنى “تجميدها” كما يحلو للبعض توصيف الأمر، ولا سيما أنّ هذه المبادرة عُدّت برأي كثيرين “المَدخَل الوحيد” المُتاح لفتح كوّة في الجدار الرئاسي المغلق، سواء عبر شقّها الأول الحواريّ، أو شقّها الثاني “الملحق به”، والمتعلق بجلسات متتالية لانتخاب رئيس الجمهورية.

 

 
وبمُعزَل عمّا إذا كان الرئيس بري “أدى قسطه للعلى” كما قال، أم لم يفعل كما يقول خصومه، ولا سيما الذين أفشلوا منهم مبادرتهم، ورفضوا مبدأ الحوار، أو فرضوا عليه من الشروط ما أفرغه من مضمونه، فإنّ السؤال الذي يطرح نفسه هو: ماذا بعد تجميد هذه المبادرة؟ هل سقطت فكرة الجلسات المتتالية التي كان ينبغي أن تعقب الحوار تلقائيًا؟ وما صحّة التكهّنات بجلسة انتخابية قريبة قد يدعو إليها بري في الأيام القليلة المقبلة؟

 

 
لا جلسة بلا حوار؟!

 

 
يبدو أنّ “ما بعد تجميد” الرئيس برّي لمبادرته لا يختلف في العمق عمّا “قبل إطلاقها”، إذ لا يزال الجدل القائم في البلاد على خطّ الاستحقاق الرئاسي يراوح نفسه، بين فريق يطالب بعقد جلسات نيابية مفتوحة ومتتالية لا تنتهي إلا بانتخاب الرئيس، على طريقة اختيار بابا الفاتيكان، وبين من يرى مثل هذه الخطوة “لزوم ما لا يلزم”، من دون تفاهم يسبقها، ويؤمّن لها عناصر النجاح، تفاديًا لتكرار سيناريو “المهزلة” الذي طبع الجلسات السابقة.

 
لعلّ الرأي الأخير هو الذي يمثّل وجهة نظر رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يؤكد المحسوبون عليه، أنّ الدعوة إلى جلسة انتخابية ليس مطروحًا على “الأجندة” في الوقت الحاضر، طالما أن “موازين القوى” لا تزال نفسها، فالمرشحان المُعلَنان عاجزان عن الحصول على الأكثرية المطلوبة للوصول إلى قصر بعبدا، والخيار الثالث الذي يحلو لكثيرين الحديث عنه لم ينضج بعد، في حين لا يزال الفريقان قادرَين على التحكّم بـ”النصاب”.

 
وإذا كان هؤلاء يشدّدون على أنّ معادلة “لا جلسة بلا حوار” تبقى قائمة قبل وبعد تجميد مبادرة الرئيس بري، لأنّها أساس “منطق الأمور”، فأيّ جلسة من دون تفاهم يسبقها لن تكون نافعة ولا مجدية، فإنّهم يشيرون إلى أنّ المعارضين “فوّتوا” الفرصة على أنفسهم، لأنّهم لو تجاوبوا مع مبادرة الرئيس بري منذ اليوم الأول، وشاركوا في حوار الأيام السبعة، لضمنوا الذهاب إلى الجلسات المتتالية، وربما لكان للبلد رئيس في هذا الوقت.

 

 
مبادرة بري “لم تسقط”؟!

 

 
في مقابل معادلة “لا جلسة بلا حوار”، التي يرفع لواءها المحسوبون على “الثنائي الشيعي”، يذهب المعارضون لرئيس مجلس النواب، والمتحفّظون على “منطق الحوار”، للسؤال عن سبب الإصرار على “عدم تجاوز” بري للشقّ الأول من مبادرته، ونعيها بالكامل، بدل الانتقال إلى شقّها الثاني، وبالتالي الافتراض أنّ الحوار فشل في الوصول إلى تفاهم، وبالتالي تحقيق “تعهّده” بالذهاب إلى جلسات متتالية لا تنتهي إلا بانتخاب رئيس.

 

 
لكنّ هذا الرأي لا يجد “آذانًا صاغية” لدى رئيس مجلس النواب وفق ما يقول العارفون، الذين يلفتون إلى أنّ مبادرته “كلٌ لا يتجزأ”، وهي ليست عبارة عن “قائمة طعام” يمكن لكلّ فريق أن يختار منها ما يعجبه، ويرمي ما لا يعجبه، والسبب بكلّ بساطة أنّ الشق الأول هو الذي يفضي إلى الشق الثاني، ومن دون الحوار لا جلسات متتالية، علمًا أنّ الجلسات المتتالية لو كانت كافية، لدعا إليها بري من الأساس، ولم يتكبّد عناء إطلاق مبادرته.

 

 

ولعلّ ما يعزّز “القناعة” بأنّ الجلسات المتتالية بلا حوار بعيدة المنال، يكمن في “قناعة” أخرى تترسّخ لدى العارفين، بأنّ مبادرة رئيس مجلس النواب “جُمّدت ولم تسقط”، وأنّها ستعود إلى التداول عاجلاً أم آجلاً، لأنّ انتخاب الرئيس لا يمكن أن يتمّ بلا حوار، سواء جاء الأخير “على الساخن أو البارد”، وسواء اكتفى بالمظلّة الداخلية، أم احتاج إلى “كلمة السر الخارجية”، التي لا بدّ أن تأتي في نهاية المطاف، مع انسداد كلّ الأبواب الأخرى.

 

 
تبدو المعادلة التي قامت مبادرة الرئيس نبيه بري على أساسها، وهي “حوار تعقبه جلسات متتالية”، ثابتة حتى إشعار آخر، بمعزل عن “حظوظ” المبادرة، التي يقول البعض إنّها باتت “من الماضي”، مع “نعي” رئيس مجلس النواب لها. فحتى لو صحّت التكّهنات عن أنّ رئيسًا للجمهورية سيُنتخَب قبل منتصف تشرين الأول المقبل، يقول العارفون إنّ “شروط” الدعوة للجلسة تبقى نفسها: تفاهم مسبق يضمن النجاح، ويمنع “استنساخ” تجارب الماضي!


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى