آخر الأخبارأخبار محلية

الوكالة الوطنية للإعلام – الديار: الملفّ الرئاسي أمام مفصل مصيري… هل تتجه البلاد إلى مزيد من التأزم المالي؟

وطنية – كتبت صحيفة الديار تقول: قالها رئيس جمهورية فرنسا إيمانويل ماكرون في أيلول من العام 2020 بُعيد تفجير مرفأ بيروت وفي معرض الحديث عن فشل المسعى الفرنسي لتشكيل الحكومة آنذاك: «J’ai honte de vos dirigeants»!

في بلدٍ طبيعي، هذه العبارة كانت لتؤدّي إلى شيء من إثنين: إمّا قطع العلاقات بين لبنان وفرنسا، وإمّا إستقالة السياسيين اللبنانيين من مناصبهم. لكن في لبنان، لم يحدث أي شيء من هذا وبالتالي يُمكن القول أن ما يُمكن الوصول إليه من مستوى تعطيل للملف الرئاسي وإستطرادًا الملفات الإقتصادية والإجتماعية، قد يُفاجئ اللبنانيين على إختلاف إنتماءاتهم المذهبية والحزبية.

 

يقول مرجع سياسي بارز لجريدة «الديار» أن الطبقة السياسية إعتادت على الإبداع في التعطيل تحت مسمّيات عديدة منها الثلث المُعطّل، أو الثلث الضامن، أو الميثاقية، أو حتى عدم تأمين النصاب وحتى التعطيل المالي والإداري والقضائي للملفات على أنواعها. ويُضيف المرجع أن سلطة الزعماء كبيرة في لبنان نظرًا إلى المطالب القليلة للشعب الذي ينتخبهم، إذ يكفي مراقبة ردّة فعل هذا الشعب على تطيير ودائعه لمعرفة مدى التبعية للزعماء. ويستذكر المرجع عدّة إستحقاقات عصفت بلبنان وأدّت إلى تردٍّ سياسي وإجتماعي وإقتصادي ومالي ونقدي، خرج منها كل الزعماء منتصرين على الشعب الذي يعتبر أن الكل فاسد ومُرتهن إلى الخارج بإستثناء الزعيم! ويُضيف هذا يوصلنا إلى نتيجة أن القوى السياسية بكلّ مكوناتها هي بعيدة كل البعد عن أن تكون «أمّ الصبي» نظرًا إلى عدم وجود أي فريق مُستعدّ للتضحية من أجل خلاص لبنان وشعبه.

ويتوقّع المرجع أن تطول أزمة الرئاسة إلى حين تغيير في المعادلة الإقليمية والدوّلية تتاقطع فيه مصالح الدول الإقليمية والدولية وتؤدّي إلى إنتخاب رئيس للجمهورية. وعن المُدّة المتوقّعة يقول المرجع: هذا الأمر قد يأخذ أشهرا أو حتى سنين، لكن الثمن سيكون على حساب الدوّلة ومؤسساتها بالدرجة الأولى وعلى حساب الشعب بالدرجة الثانية بحكم أن القوى السياسية لن تتأثر طالما مطالب الشعب بسيطة جدًا.

على صعيد الحراك السياسي، لا يزال الغموض يلف المبادرة الفرنسية والمبادرة القطرية، حيث لا أحد يستطيع تأكيد أو نفي إذا ما كانت المباردة القطرية قد حلّت مكان المبادرة الفرنسية أم أنهما تتنافسان أم تُكمّلان بعضهما البعض. على كل، هناك معلومات عن إنحسار فعّلي للمبادرة الفرنسية لصالح المبادرة القطرية من دون أن تكون إنتهت فعلًا. وتُشير المعلومات أن الإجتماع الأخير بين السفير سعود بن عبد الرحمن آل ثاني والموفد القطري جاسم بن فهد آل ثاني مع الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، وصل إلى نتيجة حتمية أن أيًا من سليمان فرنجية وجهاد أزعور يمتلك حظوظًا للوصول إلى قصر بعبدا. من هنا تمّ التداول بعدّة أسماء أخرى على رأسها قائد الجيش جوزاف عون، ومدير عام الأمن العام بالإنابة الياس البيسري، والنائب نعمت فرام، والوزير السابق زياد بارود. وتم الإتفاق خلال الإجتماع على محاولة الحصول على توافق على إسم من بين هؤلاء المرشّحين، وهو ما يُشكّل لبّ المبادرة القطرية.

المواقف المُعلنة تُشير إلى أن الفريق الوحيد المُعارض لوصول قائد الجيش إلى قصر بعبدا هو التيار الوطني الحرّ نظرًا إلى مواقف قائد الجيش السابقة من قمع ثورة 17 تشرين ورفضه قمّعها بالقوة، بالاضافة الى اسباب اخرى اصبحت معلومة للجميع. إلا أن وزير سابق مُعارض يطرح، في حديث لـ «الديار»، السؤال عن سبب عدم مضي الثنائي الشيعي بجوزاف عون وإنهاء الفراغ؟ ويسأل أيضًا عن أسباب التمسّك بسليمان فرنجية وهو الذي يعلم – أي الثنائي – أن لا حظوظ لوصوله إلى سدّة الرئاسة. ويُضيف الوزير هناك شرطان أساسيان يعمل عليهما الثنائي ويُشكّلان السبب الرئيسي لتمسّكه بفرنجية:

الأوّل – التأكّد من أن الرئيس المقبل، وهو الذي يملك التوقيع الخارجي، لن يُقوم بعملية تطبيع مع العدو الإسرائيلي خصوصًا أنه وبحسب الأجندة الدوّلية، حان دور بلاد الشام لتدخل في قافلة التطبيع.

الثاني – التأكّد من أن قائد الجيش المقبل، لن يطّعن المقاومة في ظهرها وبالتالي لن يُنفّذ أي أمر سياسي يؤدّي إلى مواجهة داخلية.

ويعتبر الوزير السابق، أن هذين الشرطين هما ما يبرران إلى حدٍ بعيد تمسك الثنائي بترشيح فرنجية وهو الشخص الموثوق به إلى أبعد حدود. وإذا كان قائد الجيش العماد جوزاف عون قد أظهر حكمة في التعامل مع العديد من الملفات التي طالت المُقاومة (وأخرها حادثة الكحّالة)، إلا أن لدى الثنائي توجّسا من علاقات عون مع الأميركيين وهو ما يُصعّب عمليًا وصول عون إلى قصر بعبدا. أمّا من جهة القوى السياسية الأخرى، فيتعبر الوزير السابق أن قائد الجيش تحت إختبار خصوصًا في ملف النازحين السوريين.

ويختم الوزير السابق حديثه بالقول أن الأزمة الرئاسية ستستمرّ، لكنها ستأخذ منحنًا أصعب في الأشهر القادمة خصوصًا مع الإستحقاقات المالية والنقدية التي سؤدّي إلى تغيير في المشهد السياسي. وبالسؤال عن ماهية هذا «المنّحى»، قال الوزير بإختصار: «عقوبات + أزمة نقدية».

وبالتحديد وبالحديث عن الوضعين المالي والنقدي، كان مُلفتًا حديث حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري خلال إستقباله نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي وأعضاء مجلس النقابة، إذ قال: «المشكلة الكبيرة التي نعيش فيها اليوم ومنذ فترة غير قصيرة، أي منذ عام 2015 وليس عام 2019، طبعًا، المحاسبة ضرورية ويجب أن تحصل وعلى القضاء أن يحاسب كل المرتكبين. الحلّ الوحيد للمودعين من أجل دفع أقساط أولادهم ودخول المستشفيات هو بوضع القوانين لمعالجة هذه المعضلة. المحاسبة ضرورية ولكن لا حل من دون قوانين لمعالجة كل المواضيع التي تهم المودعين».

وأضاف «حضرت خمس جلسات وكشفت السرية المصرفية عن عدد كبير من الأشخاص ولن أترك سترا مغطّى سأرسل كل المشتبه بهم إلى القضاء وأمس عقدت اجتماعاً مع هيئة مكافحة الفساد لمواصلة العمل معها».

على صعيد مالي أخر، كان مُلفتًا ردّ لجنة المال والموازنة مشروع موازنة العام 2023 إلى رئاسة المجلس مُعلنة رفضها دراسته لأسباب بررتها اللجنة، على رأسها غياب الإصلاحات وإنقضاء الوقت، وغياب قطع الحساب. وهذا الردّ دفع بالحكومة إلى تحويل مشروع موازنة العام 2024 إلى المجلس النيابي البارحة.

هذا الأمر إعتبره خبير إقتصادي على أنه نتاج واضح للصراع القائم بين لجنة المال والموازنة من جهة، وبين نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي الذي إنتقد بشدّة تقاعص النواب عن إقرار القوانين الإصلاحية وهو ما إستدعى ردًا قاسيًا من رئيس لجنة المال والموازنة على الشامي مُتهمًا الحكومة بالتقصير.

ويُضيف الخبير الإقتصـادي أن الموازنة لن تُقرّ في مواعــيدها نظرًا إلى إرتباطها الوثيق بإنطلاق منصّة بلومبرغ التي لن تكون جاهزة قبل عدّة أشهر ونظرًا إلى أن الغموض لا يزال يلفّ مصير العجز الذي لا نعلم حتى الســاعة كيف سيتمّ تـمويله.

 

 

 

====


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى