آخر الأخبارأخبار محلية

متى تُفرِج طهران عن المفتاح؟

كتب طوني عيسى في” الجمهورية”: يقوم القطريون اليوم بإكمال المهمّة التي أداها الفرنسيون. وبذلك، تكون الوساطة الفرنسية مستمرة عملياً، من خلال الوسيط القطري، كما هي من خلال جان إيف لودريان العائد قريباً إلى بيروت، قبل أن ينصرف إلى موقعه الوظيفي الآخر في المملكة العربية السعودية، ضمن مشروعها الإنمائي الطموح للعام 2030.

Advertisement

الإيرانيون يتركون لحلفائهم الممسكين بالسلطة والنفوذ في لبنان أن يعبّروا في شكل غير مباشر عن موقف طهران. وبهذا الأسلوب هم يستطيعون الاحتفاظ لأنفسهم بهامش واسع من المرونة في المفاوضات. كما يترك الإيرانيون جزءاً كبيراً من مواقفهم غامضاً أو مستتراً، بهدف إبقاء المجال واسعاً للمناورة.
 
بالخبرة، يدرك القطريون كيفية التعاطي مع طهران. وهم يراهنون على النجاح في التوفيق بين المصالح السعودية والإيرانية، خصوصاً أنّ اتفاق بكين أزال مناخ الخصومة التقليدي بين الجارتين المسلمتين. ويطمح القطريون إلى تتويج مهمّتهم بإعلان تسوية سياسية جديدة في لبنان، من خلال مؤتمر يكون «الدوحة 2»، ومهمّته تغطية متطلبات المرحلة لبنانياً، أي خلق حال من الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، تشكّل أرضية مريحة للانطلاق في مشروع استخراج الغاز والنفط من المياه اللبنانية، بدءاً بتجربة البلوك 9، التي يُفترض أنّها باتت أمام امتحان حسّاس، بعد أسابيع قليلة.
عملياً، ستكون مفاوضات القطريين مع إيران بالنيابة عن الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، وفي الموازاة، هم سيجهدون لضمان مصالح فرنسا في التسوية اللبنانية، نظراً إلى خصوصية العلاقة التي تربطها بلبنان، وإلى المصالح التي تمثلها. ولذلك، تحظى الوساطة القطرية بدعم أركان اللجنة الخماسية الخاصة بلبنان، إضافة إلى إيران، ما يعني أنّ الخلية التي تتولّى الإعداد للتسوية في لبنان باتت واقعياً تضمّ ستة أركان، بشمولها إيران، ولو عن بُعد.
 
وثمة اعتقاد بأنّ للمبادرة القطرية حظوظاً في النجاح، تفوق تلك التي يتمتع بها الفرنسيون، نظراً إلى الرصيد الذي تحظى به الدوحة لدى المفاوضين جميعاً، من إيران إلى الولايات المتحدة مروراً بالسعوديين والفرنسيين. لكن التوصل إلى نتائج عملية مرهون باقتناع الأطراف الأقوى نفوذاً، بأنّ مصالحها قد باتت مضمونة. وهذه الوضعية لا تبدو ناضجة حالياً أو قيد النضج في المدى المنظور.
عموماً، هناك تقاطعات واضحة بين أركان اللجنة الخماسية حول التسوية السياسية في لبنان، أي تركيبة السلطة ومواصفات رئيس الجمهورية العتيد والحكومة ورئيسها وبرنامجها، لكن الهوة باقية مع إيران التي تمتلك عملياً مفتاح التسوية. ويعبّر عن هذا الموقف «حزب الله» الذي يبدي الاستعداد للمرونة، لكنه حتى اليوم لم يكشف عن أي تبديل في مرتكزات موقفه السياسي المعلن. ويعتبر البعض أنّ هذا الموقف يكرّس «ستاتيكو» المراوحة في لبنان إلى أجل غير مسمّى، أي إلى حين بروز معطيات جديدة على خطوط التفاوض الكثيرة المفتوحة في الشرق الأوسط، في اتجاهات مختلفة:
 
من الحوارالسعودي- الحوثي حول مصير اليمن، إلى التطورات المتعلقة بمستقبل سوريا، إلى «الحوار الناعم» الشامل بين طهران وواشنطن، إلى الشروط التي تتمسّك بها المملكة العربية السعودية للقبول بالتطبيع مع إسرائيل. وهذا الانتظار، إذا طال كما هو متوقع، سيكون متعباً وموجعاً في لبنان، حيث الانهيار يتعمّق منذ 4 سنوات، بل أكثر بكثير.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى