الجزائر تقرر إنهاء العمل بالنظام التعليمي المزدوج في المدارس الخاصة
في خطوة تؤكد بسط الإنكليزية سيطرتها في الإدارات والمؤسسات التربوية في الجزائر، قررت سلطات البلاد التخلي عن النظام التعليمي المزدوج في المدارس الخاصة (متابعة المناهج التعليمية الجزائرية إلى جانب الفرنسية)، على ما أفادت تقارير إعلامية فرنسية. وكانت السلطات اتخذت عدة خطوات مشابهة في السنوات الأخيرة أبرزها إدراج اللغة الإنكليزية في المدارس الابتدائية ما يقلص مساحة الفرنسية في التعليم، إضافة إلى قرار إلزامية استخدام اللغة الإنكليزية في جميع الوثائق الرسمية بدلا من الفرنسية في الجامعات.
نشرت في: 30/09/2023 – 16:19
5 دقائق
لم يعد بإمكان طلاب المدارس الخاصة في الجزائر الاستفادة من ازدواجية البرامج التعليمية، وفق ما كشفت صحيفتي “لوموند” و”لوفيغارو” في خبر تناقلته وسائل إعلامية آخرى.
فقد أوضح مدير مدرسة جزائرية خاصة في رسالة “اطلعت عليها لوفيغارو” أن وزارة التربية الوطنية طلبت من مسؤولي هذه المؤسسات التعليمية الحد من العمل بـ “البرنامج المزدوج”، وهو برنامج يتيح الطلاب متابعة البرنامج التعليمي الفرنسي إلى جانب البرنامج الجزائري.
وعليه، سيُمنع استعمال كتب مدرسية غير تلك الموجودة في البرنامج الذي أعدته الدولة الجزائرية، واحترام خمس ساعات من برنامج اللغة الأجنبية دون كتاب مدرسي معتمد من الجهات الرسمية.
علاوة على ذلك، إن كان الحصول على البكالوريا كمرشح مستقل لا يزال متاحا، فإنه لن يتم إجراء الامتحانات في “المدرسة الثانوية الفرنسية” بالعاصمة الجزائرية (مدرسة ألكسندر دوماس الثانوية الدولية)، وإنما بالخارج.
وأخيرا، سيتم تشديد شروط الالتحاق بالجامعات الجزائرية بالنسبة للجزائريين الحاصلين على البكالوريا الفرنسية عملا “بالمعاملة بالمثل”، كما تفعله فرنسا بالطلاب الجزائريين.
وتوعدت وزارة التربية الجزائرية بإجراء عمليات تفتيش مفاجئة للتأكد من استخدام الطلاب للكتب المدرسية بالمنهاج الوطني. ونقلت “لوفيغارو” عن بعض الأولياء قولهم إن الوزارة استدعت مديري المؤسسات الخاصة للتعهد كتابيا بعدم اتباع البرنامج الفرنسي، تحت طائلة العقوبات والملاحقة القضائية.
وفي السنوات الأخيرة اتخذت الجزائر عدة قرارات مشابهة أبرزها في 2019، عندما أعلنت السلطات سعيها لتعميم اللغة الإنكليزية في المدارس والإدارات العامة، وأمرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بإدراج اللغة الإنكليزية إلى جانب العربية في جميع الوثائق والمراسلات الرسمية بدلا من الفرنسية. ويهدف القرار، إلى تعزيز الإنكليزية كلغة بحث في الجامعات وخلق بيئة عالمية للبحث العلمي.
في 2021 أيضا عاد الجدل بشأن استخدام اللغة الفرنسية، حيث تلقت العديد من المصالح والهيئات الحكومية تعليمات مشددة من الحكومة تدعوهم لضرورة الالتزام باستخدام اللغة العربية حصرا في المراسلات الرسمية والوثائق التي تصدرها، بعدما كانت تصدر باللغة الفرنسية.
وفي 2022 أمر الرئيس عبد المجيد تبون خلال ترأسه اجتماعا لمجلس الوزراء، باعتماد اللغة الإنكليزية بدءا من الطور الابتدائي، وهذا بعد “دراسة عميقة للخبراء والمختصين”. وهو ما اعتبره مراقبون شكلا من أشكال تقليص مساحة اللغة الفرنسية في البرامج التعليمية.
وبالنسبة للرئيس تبون تعتبر اللغة الفرنسية “غنيمة حرب” في حين أن الإنكليزية “لغة تواصل دولية”، وفق إحدى تصريحاته عام 2022.
وتصب التأويلات بشأن توجه السلطات للتضييق على اللغة الفرنسية أنه يأتي في سياق التصعيد في السنوات الأخيرة بين فرنسا والجزائر إثر تفاقم الأزمة الصامتة بين البلدين.
وفي تعليق على ذلك، قال ناصر جابي الأستاذ في علم الاجتماع السياسي في الجزائر لفرانس24، إن هذا التوجه في الجزائر “قديم، يهدف لتكريس اللغة العربية كلغة وطنية والانفتاح على اللغة الإنكليزية كلغة عالمية، وألا يتم الاقتصار فقط على اللغة الفرنسية.” مشيرا إلى أن “النخبة الجزائرية لديها شكل من أشكال العجز لأنها لا تجيد اللغة الإنكليزية”.
“إلا أنه، وفي السنوات الأخيرة تم ربط هذه التوجه القديم بالأزمة التي تشهدها الجزائر مع فرنسا، وبالأزمة الفرنسية في أفريقيا.”
وتشهد العلاقات بين فرنسا والجزائر مدا وجزرا منذ 2021، لاسيما بعد تصريح للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون انتقد فيه “النظام السياسي العسكري” في الجزائر الذي يقوم على “ريع الذاكرة” وفق قوله، مشيرا إلى أن “الأمة الجزائرية” لم تكن موجودة قبل الاستعمار في 1830. وردت الجزائر وقتها باستدعاء سفيرها.
وعملت باريس والجزائر على تحسين علاقاتهما خلال زيارة الرئيس الفرنسي في آب/أغسطس 2022 للجزائر حيث وقّع مع تبون إعلانا مشتركا لدفع التعاون الثنائي.
وفي تشرين الأول/أكتوبر 2022، توجهت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن برفقة 15 وزيرا إلى الجزائر لترسيخ المصالحة بين البلدين وتوقيع اتفاقيات في مجالات الصناعة، والشركات الناشئة، والسياحة والثقافة.
فيما أجل تبون زيارته لفرنسا مرارا حيث كانت مقررة مطلع العام الجاري.
وبشأن إلغاء البرنامج الفرنسي من المدارس الخاصة، أشار جابي إلى أن “المدارس الخاصة تمثل 5 بالمائة من المؤسسات التربوية في البلاد، وتستقطب بالأساس الفئة المتوسطة”.
واعتبر ناصر جابي أن إلغاء البرامج التعليمية الفرنسية “يحمل أيضا بعدا وطنيا لكنه سيزيد من حدة المشاكل (عدم رضا) نظرا لمكانة اللغة الفرنسية لدى الفئة المتوسطة من المجتمع”. وأوضح قائلا: “لأن الفئة المتوسطة في المجتمع الجزائري تستخدم اللغة الفرنسية كلغة أم ويتم ااستعمالها بشكل يومي في كل تعاملاتها… فإنها سترفض التخلي عنها… فعلاقتها بها ليست علاقة وظيفية فحسب حتى تستبدلها باللغة الإنكليزية، بل هي علاقة عاطفية.”
فرانس24
مصدر الخبر
للمزيد Facebook