آخر الأخبارأخبار محلية

تعيينات التيار المتجدّدة.. استفزاز أم دغدغة للمشاعر؟!

بالنسبة لكثيرين، بدا كلام الوزير السابق جبران باسيل في خطاب ما سُمّيت بـ”الولاية الجديدة”، التي كرّسته رئيسًا لـ”التيار الوطني الحر” بحكم “التزكية”، مستفزًّا لمفاهيم “الديمقراطية غير التقليدية” التي انطوى عليها، ليس لاعتباره أن “اجمل المعارك هي تلك التي يربحها من دون أن يخوضها” فحسب، ولكن أيضًا لتحويل غياب المنافسين “انتصارًا له” باعتبار أنّه “تسليم مسبق” بالنتيجة المعروفة والمحسومة شعبيًا.

 
قد يكون ما قاله باسيل صحيحًا في مكانٍ ما، وفق ما يقول بعض خصومه، بعدما أفرغ “التيار” بالمطلق من المنافسين المحتملين أو الجدّيين، وجلّهم من المناضلين القدامى، وجعل الولاء مطلقًا له، تحت طائلة التهديد بالطرد والفصل وسحب البطاقات الحزبية، تحت لواء قرارات تنظيمية تصدر “غب الطلب”، لكنّه بحسب هؤلاء وقع في “خطيئة” استنساخ خطاب الأنظمة الديكتاتورية، التي لا يجد “الزعماء” فيها من ينافسهم على “الكرسيّ”.

 
بدا هذا الخطاب مستفزًا لكثيرين، ولو أنّ حال خصومه قد لا يكون أفضل، في ظلّ حياة حزبية بات يحتكرها “الرجل الأوحد” في معظم الأحزاب، لكنّ ما بدا “مستفزًا” أكثر تمثّل في التعيينات التي كشف باسيل النقاب عنها في حفل إطلاق الولاية، ولا سيما تسميته ناجي حايك وربيع عواد نائبين له، ما دفع الكثيرين للتساؤل عن “دوافع” مثل هذه الخطوة، وما إذا كانت تحمل بين طيّاتها رسالة مبطنة، أو ربما مضمرة، إلى “حزب الله” في عزّ الحوار معه.

 
رسالة إلى “حزب الله”؟
 
قد يكون اسم ناجي حايك من أكثر الأسماء استفزازًا لـ”حزب الله” داخل بيئة “التيار الوطني الحر” بالمُطلَق، ولا سيما أنّ الرجل المصنّف برأي كثيرين “اليميني داخل التيار”، لطالما بدا متمرّدًا على “تفاهم مار مخايل” حتى حين كان في أحسن أحواله، حيث كان يوجّه الانتقادات الصريحة إلى الحزب، التي ترقى لمستوى انتقادات أعتى الخصوم، كـ”القوات اللبنانية”، بل إنّ سلاح الحزب لطالما كان في دائرة استهداف الرجل.

 
وخير دليل على ذلك أنّ “حزب الله” شكا أكثر من مرّة من تصريحات حايك، ومواقفه غير المتناغمة مع السياسة المعلنة لـ”التيار”، إلا أنّ الجواب كان يأتيه بأنّ الرجل ولو كان قياديًا في “التيار” إلا أنّ لا صفة رسمية له، وأنّه يعبّر عن رأيه الشخصي ليس إلا، المتمايز عن رأي القيادة، “تمايز” بدا أن باسيل تعمّد القفز فوقه في التعيينات الجديدة، أو ربما لم يعد موجودًا أساسًا، بعدما اقتربت القيادة من خيارات حايك، بدل أن يحصل العكس. 

 

 
من هنا، لا يُستبعَد وفق العارفين، أن يكون خلف تعيين حايك، كما ربيع عواد الشيعي، نائبين لرئيس “التيار الوطني الحر” رسالة مضمرة إلى “حزب الله”، تقابل الرسائل التي يوجّهها الأخير إلى “التيار”، بموازاة الحوار القائم بين الجانبين، والتي يبدو أنّها “غير مريحة” لباسيل، وآخرها تلك التي حملها اللقاء بين رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد وقائد الجيش العماد جوزيف عون بين طيّاته، والتي لم تعد خافية على أحد.

 
“شعبوية ودغدغة للمشاعر”

  
قد لا يكون هذا البعد “الاستفزازي”، وربما “الابتزازي”، إن جاز التعبير، وإن وُجِد، الوحيد الكامن خلف تعيينات “التيار” الجديدة، فباسيل وفق ما يلاحظ المطّلعون، حاول “احتواء” الأمر سلفًا، على طريقة “الدفاع الاستباقي”، حين قال إن الوضع اختلف اليوم، وما عاد بالإمكان التنصّل من مواقفه التي تعبّر عن رأيه الشخصي، ولو أنّ حايك لم يتردّد في تصريحات صحافية، في تأكيد “ثباته” على مواقفه وآرائه، التي سيواصل التعبير عنها كما فعل دومًا.

 
ومع أنّ هناك بين “الجنود الافتراضيين” داخل “التيار”، من ذهب بعيدًا وربما “شطح”، في الدفاع عن تعيين حايك، عبر التصويب بالطريقة نفسها على نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم، فإنّ بعد “الشعبوية” لا يبدو غائبًا أبدًا عن التعيين، وفق ما يقول العارفون، فحايك هو أكثر من يستطيع أن “يدغدغ المشاعر” في الساحة المسيحية، التي يشعر باسيل أنه يخسرها في المواجهة مع خصومه، ولا سيما “القوات” و”الكتائب”.

 
بمعنى آخر، يعتبر العارفون أنّه بتعيين حايك نائبًا له، بموازاة الحوار القائم مع “حزب الله”، يبدو باسيل مرّة أخرى، وكأنّه يحجز موقعه على كلّ الجبهات، فهو يريد ترك قنوات التواصل مفتوحة مع الحزب، بما يضمن عدم تهميشه في أي تسوية قد تُفرَض في المرحلة المقبلة، وفي الوقت نفسه، يؤكد للشارع المسيحي أنّه “افترق” عن الحزب، بل إنّ حواره معه لا يهدف سوى لتحصيل “أهداف” يطالب بها المسيحيون، وتشكّل “انتصارًا” لهم لو تحقّقت.

 
لعلّ تعيينات “التيار” تختصر واقع الحزب اليوم، الذي يريده جبران باسيل “رابحًا” في كلّ سيناريوهات التسوية، ولو رفع في سبيل ذلك شعار “المصلحة أولاً”، على حساب البراغماتية التي طبعت تاريخ “الوطني الحر” ونضاله الطويل. باختصار، يسعى باسيل لضرب أكثر من عصفور بحجر، فيوجّه رسالة “ثقيلة” إلى “حزب الله”، ويكرّس “الحيثية المسيحية” التي كاد يخسرها، لكنّ السؤال الذي يبقى بلا جواب: من يكون الرابح الأكبر في النهاية؟!


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى