آخر الأخبارأخبار محلية

هل طيّر باسيل الحوار السباعي؟

مَن أطلق تعبير “مش رمانة بس قلوب مليانة” كان يتوقع حتمًا أن ينطبق هذا القول على ما بين “التيار الوطني الحر” وحركة “أمل” من مناوشات سياسية تشهد بين فترة وأخرى حماوة غير محسوبة. وهذه الحماوة تُترجم بحملات منتظمة ومنظّمة على وقع المواقف التي تصدر سواء من على منبري “ميرنا الشالوحي” والمقربين منها، أو “عين التينة”. وما تكاد هذه “الجبهة” تهدأ حتى تتبدّد سريعًا ما كان يُعتبر “أجواء إيجابية”. وهذا ما حصل بالنسبة إلى دعوة الرئيس نبيه بري إلى “حوار السبعة أيام”، التي اعتبرها رئيس “التيار” النائب جبران باسيل، وفي ردّ سريع، إيجابية ويمكن البناء عليها تمهيدًا للذهاب إلى جلسات انتخاب رئيس جديد للجمهورية. حتى أنه توقّع أن يكون للبنان رئيس في نهاية أيلول.

 

 

 بالطبع رحبّت أوساط “عين التينة” بهذه “الإيجابية”، ولكن مع أخذ “الحيطة والحذر” مما يمكن أن تخفي مثل هذه “الإيجابية” من مفاجآت. ولكنّ هذه الأوساط قررت ألاّ تحكم على النيات، وفضّلت السير بهذه “الإيجابية” حتى الآخر، حتى أنه بُنيت عليها آمال كثيرة في إمكانية تحقيق خرق في صفوف “المعارضة” بمجرد قبول باسيل بالانضمام إلى “حوار الأسبوع”، حيث اعتقد البعض أنه بمجرد مشاركة نواب تكتل “لبنان القوي”، مع نواب تيار “المردة” وبعض النواب المسيحيين المستقلين في الحوار، الذي دعا إليه الرئيس بري، تكون الميثاقية مؤمنة، خصوصًا أن “الغطاء الروحي” لهذا الحوار قد تمّ تأمينه من خلال الموقف الذي أعلنه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي.

 

لكن هذه الأجواء سرعان ما تبدّدت بفعل الموقف الأخير لباسيل في عشاء البترون، الذي اعتبرته أوساط “أمل” مناقضًا للانطباع الأول، الذي ارتاحت إليه “عين التينة”، فجاءه الردّ من المعاون السياسي لبرّي النائب علي حسن خليل الذي اعتبر أن “باسيل انقلب على المبادرة بعدما شعر بحجم التجاوب الكبير معها”، متهماً إياه بأنه “يريد تعطيل الحوار، لذا بدل ترحيبه بالمبادرة، وانتقل إلى نغمة الشروط والأولويات وإثقال المهمة بنقاش عبثي”.

 

وتقول أوساط حركة “أمل” أن باسيل وجريًا على عادته يضرب ضربته ويحاول أن يتلطّى خلف مواقف يعتقد أن من شأنها تضييع “الشنكاش”، على رغم استغراب أوساط في “التيار” القراءة المغلوطة لخطاب باسيل في البترون، وأشارت إلى أن الموقف من الحوار كان دائماً إيجابياً من قبل “التيار”، الذي يحتاج كما غيره من اللبنانيين إلى ضمانات بأن يقود الحوار إلى نتيجة عملانية، وأن المهم هو البحث في آلية للحوار تنتج تفاهماً على إجراء الانتخابات بعيداً عن الضغوط، وأنه يمكن للبنانيين التوصّل إلى اتفاق بمساعدة الخارج.

 

لكن لهذا الخارج، ووفق المعطيات والاستنتاجات الحسّية والملموسة، “أجندات” تختلف شكلًا ومضمونًا وأهدافًا، عن “الاجندات” اللبنانية، خصوصًا أن لكل فريق من الأفرقاء اللبنانيين “أجندته” الخاصة به، والتي لا تلتقي أهدافها مع أهداف الآخرين، حتى أن ما يمكن اعتباره قواسم مشتركة غير مؤمنة لها ظروف التوافق عليها، مع اعتراف الجميع بأن الوضع العام في البلاد لم يعد مقبولًا بعدما تخطّت الأزمات حدود الاحتمال. 

 

وعليه، فإن الحوار المنتظر، والذي عُلقت عليه الآمال العريضة، لن يُعقد لا بصيغته الفرنسية، ولا بصيغته السباعية، خصوصًا أن ثمة أجواء توحي بأن زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان ستكون الأخيرة له للبنان قبل أن يتوجه إلى منطقة العلا السعودية حيث سيتسلّم مهمّته الجديدة كرئيس لوكالة التنمية الفرنسية.
ومع زيارته الثالثة غير الثابتة ربما،كرّر لودريان من “عين التينة” بالذات كلمة حوار ثلاث مرّات، مما يعني أنه لا يزال يعتقد أنه من دون هذا الحوار، وإن بأشكال مختلفة، لن يتوصّل اللبنانيون إلى انتخاب رئيس لهم، وبالتالي فإن بداية الحلّ لن تكون مؤمنة لها الظروف الطبيعية والموضوعية، باعتبار أن بداية الحل لن تكون إلاّ عبر بوابة بعبدا، وهذا ما شدّد عليه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعد إقرار الحكومة مشروع موازنة العام 2024.

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى