صحة

كلى بشرية داخل خنازير… تعرف على الخطوات الرائدة في زرع الأعضاء

نجح علماء في زرع كلى تتكونّ من خلايا بشرية بغالبيتها داخل أجنّة الخنازير، وهي خطوة مهمة نحو زرع الكلى، وربما الأعضاء البشرية الأخرى التي يمكن استخدامها لعمليات زرع الأعضاء لدى البشر.

وتتضمن هذه التقنية، الموصوفة في دراسة جديدة نُشرت الخميس في المجلة العلمية “Cell Stem Cell”، تغيير التركيب الجيني لأجنّة الخنازير، ثم حقن خلايا بشرية التي ستشكّل كلية داخل الخنازير.

ووفقًا للدراسة، فإن الأجنّة، عندما زُرعت في إناث الخنازير البديلة، بدأت في تكوين كلى تحتوي في الغالب على خلايا بشرية ذات بنية طبيعية، بعد 28 يوما من التطور.

وقال كبير مؤلفي الدراسة ميغيل إستيبان،  وهو الباحث الرئيسي في معهد قوانغتشو للطب الحيوي والصحة، التابعة للأكاديمية الصينية للعلوم: “لقد استغرق الأمر منا خمس سنوات”.

وأضاف إستيبان عبر البريد الإلكتروني: “لقد قمنا بتعديل الخنزير وراثيا لخلق مساحة للخلايا البشرية لتنمو مع منافسة أقل من خلايا الخنازير، وقمنا أيضا بتعديل الخلايا البشرية لجعلها تعيش في بيئة ليست بيئتها الطبيعية”.

وتُعد الكلى أكثر الأعضاء المزروعة شيوعًا لدى البشر، حيث ينتظر أكثر من 88،500 شخص إجراء عملية زرع كلى في الولايات المتحدة، وفقًا لما ذكرته شبكة شراء وزراعة الأعضاء.

ويتمثل الهدف من البحث التجريبي في استخدام هذه التقنية لتصنيع أعضاء من خلايا مريض فردي، حيث تعمل الخنازير بشكل أساسي كحاضنات، ما يؤدي إلى تقليل خطر رفض العضو بشكل كبير.

ومع ذلك، أكد مؤلفو الدراسة أن الأمر قد يستغرق سنوات، كما أنها ستكون عملية معقّدة.

وقال إستيبان: “في النهاية، نرغب في إنتاج أعضاء بشرية ناضجة يمكن استخدامها في عمليات زرع الأعضاء أو نمذجة الأمراض، لكن ذلك سيستغرق وقتًا، ومن المحتمل أن نواجه عوائق فنية إضافية بينما نمضي قدمًا.ومع ذلك، نعتقد أن ذلك ممكن”.

ويعمل الفريق أيضًا على تطوير أعضاء بشرية أخرى في أجنة الخنازير، بما في ذلك القلب والبنكرياس.

من جانبه، أشار دوسكو إيليتش، وهو أستاذ علوم الخلايا الجذعية بكلية “كينغز كوليدج” في العاصمة البريطانية لندن ببيان، إلى أن “الدراسة تصف خطوات رائدة في نهج جديد للهندسة الحيوية للأعضاء باستخدام الخنازير كحاضنات لزرع الأعضاء البشرية وتشكيلها”.

وهذه ليست المرة الأولى التي يبتكر فيها العلماء “خيمر” بين إنسان وخنزير، وهو كائن يحتوي على الحمض النووي من نوعين مختلفين سمي نسبة إلى مخلوق من الأساطير  الإغريقية.

وقد فعل ذلك فريق من العلماء، بما في ذلك جون وو، الأستاذ المشارك في المركز الطبي الجنوبي الغربي بجامعة تكساس، في عام 2017. ووصف وو الدراسة الأخيرة بأنها “مشجعة” و”مهمة”.

وقامت ماري جاري، وهي عالمة الأحياء الخلوية في معهد “Lillehei” للقلب بجامعة مينيسوتا، بتنمية أجنة بجزء خنزير وجزء بشري باستخدام أنسجة عضلية بشرية وبطانة، وهو الغشاء الذي يبطن الدم والأوعية القلبية.

وأشار إستيبان إلى أنه كان هناك خلايا خنزير في الكلية المتوافقة مع البشر، لكن الخلايا البشرية كانت المهيمنة، إذ مثلت نسبة تتراوح بين 60 و70%.

وقال وو: “من اللافت للنظر أن حوالي 60% من كلية الخنازير البدائية كانت تحتوي على خلايا بشرية. وفي دراستنا، كان مستوى مساهمة الخلايا البشرية منخفض جدًا، وقد نجحت هذه الدراسة في تحسين المساهمة الخيمرية للخلايا البشرية، والأهم (تركيزها) في الكلى”.

أضاف إستيبان: “في النهاية، سيتطلب إنتاج كلى ناضجة تحتوي على خلايا بشرية بشكل كامل مزيدًا من التلاعب الجيني في جنين الخنزير المضيف، ولكنه أمر يمكن تحقيقه”.

وبهدف تطوير كلى تتألف غالبيتها من خلايا بشرية في الخنازير، استخدم العلماء تقنيات متطورة تستفيد من التقدمات في مجال الخلايا الجذعية، وتحرير الجينات، وعلم الأجنة.

أولاً، استخدموا تقنية تحرير الجينات CRISPR لتعديل المكونات الوراثية لأجنة الخنزير بحيث تكون ناقصة اثنين من الجينات الضرورية لتطوير الكلى.

ثانيًا، قام الباحثون بهندسة الخلايا البشرية متعددة القدرات – والتي تستخدم على نطاق واسع في الأبحاث البيولوجية، ويمكن تطويرها إلى أي نوع من الخلايا البشرية – بحيث تشبه الخلايا الجنينية البشرية المبكرة وحقنها في جنين الخنزير المعدل.

ثالثًا، اكتشف الباحثون الظروف المعملية المثالية لتوفير العناصر الغذائية والإشارات الصحيحة لكل من الخلايا البشرية والخنازير، التي لها احتياجات مختلفة. وبعد ستة أو سبعة أيام، قاموا بزرع الأجنة النامية في إناث خنازير بديلة لمدة 28 يومًا.

وقال إستيبان إن “جعل الخلايا تتكيف مع بيئة أجنة الخنازير كان أمرًا صعبًا”.

وأوضح الفريق أنه عند نقلها إلى إناث خنازير بديلة، كان للكلى المتوافقة مع البشر “بنية طبيعية وتكوين أنبوبي” بعد فترة 28 يومًا.

وأشار إستيبان إلى أنها “كلية في المرحلة المتوسطة من التطور، وبالتالي فهي ليست كلية ناضجة”، مضيفًا: “مع ذلك، فهذه خطوة كبيرة جدًا إلى الأمام لأنها تشجع الباحثين على الاعتقاد بأنه من الممكن إنتاج كلية ناضجة بمجرد حل العقبات التقنية الأخرى”.

الاعتبارات الأخلاقية
وتحيط الاعتبارات الأخلاقية بهذا النوع من الأبحات. وتشمل هذه الأمور رعاية الحيوان والمخاوف من أن الخلايا البشرية يمكن أن تشارك ليس فقط في تكوين الكلى، ولكن أيضًا الأنسجة الأخرى داخل الخنزير، مثل دماغه، ما يزيد من احتمالية تأثير التجارب على سلوك الحيوان.

وقال إستيبان: “سيكون مصدر القلق الرئيسي هو ما إذا كانت هناك مساهمة كبيرة للخلايا البشرية في الأنساب غير المرغوب فيها، وتم إنتاج الخنازير، وهو أمر لم نفعله بالطبع”.

وأضاف: “نحن نفكر جيدًا في ما نفعله ونتحرك بحذر شديد وخطوة بخطوة مع هذا البحث لتجنب أي جدل أخلاقي”. 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى