أكادير، الشلف، بومرداس وتونس… مدن مغاربية اهتزت بعنف تحت قوة زلازل مرعبة
تركت الزلازل التي ضربت دول المنطقة المغاربية منذ قرن أثارا نفسية جسيمة نظرا لما خلفته من قتلى ودمار كاد أن يمحي بعض المدن من الكرة الأرضية. وتواجد المنطقة المغاربية على مساحة جغرافية تشهد بشكل منتظم هزات أرضية جعلت المنطقة تعيش في خطر دائم. فما هي الزلازل الكبرى التي ضربت دول شمال أفريقيا وكيف تم التعامل معها؟
نشرت في: 11/09/2023 – 18:23آخر تحديث: 11/09/2023 – 18:50
7 دقائق
الزلزال الذي ضرب كل من تركيا وسوريا (شمال شرق الحوض الغربي للبحر المتوسط) في شهر فبراير/شباط الماضي مخلفا أكثر من 50 ألف قتيل لا يجب أن ينسينا بأن حتى الدول التي تقع بجنوب البحر المتوسط، وبالتحديد في شمال أفريقيا معرضة هي الأخرى لمثل هذه الكوارث الطبيعية القاتلة. فحسب المختصين، هذه المنطقة هي أيضا منطقة زلزالية وتشهد تداخل الصفيحات التكتونية فيما بينها، ما يؤدي إلى وقوع هزات أرضية عنيفة. هذا، وسبق أن تعرضت الجزائر والمغرب وتونس إلى زلازل قوية، انمحت بسببها مدينة “الأصنام” سابقا في الجزائر مثلا، وخلفت آلاف القتلى ودمارا كبيرا. فرانس24 تستعرض أهم الزلازل التي ضربت الدول المغاربية.
Table of Contents
فبراير/شباط 1960: زلزال قوي يضرب أكادير ويخلف عددا كبيرا من الضحايا
يعتبر الزلزال الذي ضرب مدينة أكادير الساحلية بالمغرب من بين أعنف الزلازل التي عرفها هذا البلد. وقع ذلك ليلة 29 فبراير/شباط 1960 وتسبب في وفاة ما بين 10 إلى 15 ألف شخص، مخلفا دمارا هائلا في المدينة وضواحيها. هذا الزلزال الذي بلغت قوته 5.7 على سلم ريختر، رافقه تسونامي عنيف دمر سواحل المدينة والأحياء القريبة، ما أدى إلى تدمير حوالي 60 بالمئة من المباني والبنى التحتية للمدينة. فيما وصلت قيمة الأضرار إلى حوالي 120 مليون دولار وفق مجلة “نظرة العالم” التابعة للمدرسة الكندية للسياسة التطبيقية.
هذه الأخيرة قيمت حجم الخسائر بحوالي 120 مليون دولار. وفور وقوع الزلزال، قدمت كل من الولايات المتحدة وإسبانيا وفرنسا المساعدات الأولية، فيما قرر الملك محمد الخامس بناء مدينة جديدة قرب القديمة لمنع انتشار الأمراض من جهة ولمراعاة تقنيات البناء المقاومة للزلازل. وفي الخطاب الذي ألقاه الملك بمناسبة هذا الحادث الأليم، قال العاهل المغربي: “بحزن عميق ومملوء بالألم، نتحدث إليكم في هذه الكارثة الكبرى التي ضربت بلادنا. الكلمات عاجزة عن التعبير عن الكارثة. الساعة ليست للخطابات لأن أولئك الذي قدر لهم ونجوا من الزلزال ينتظرون المساعدة والتضامن وليس البكاء والنوح”.
زلزال الحسيمة الأول في 1994 والثاني في 2004
تقع مدينة الحسيمة في نصف الشريط الساحلي في المغرب. وهي مدينة سياحية بامتياز تعرضت إلى أول زلزال في 1994 بلغت حدته 6 درجات على سلم ريختر. ولحسن الحظ لم يتسبب في مقتل العديد من الناس إلا شخصين فيما تم جرح العشرات. لكن زلزال 2004 كان أقوى وأعنف وتسبب في مقتل حوالي 600 شخص وجرح العشرات. فيما ترك ما يقارب 15 ألف شخص بدون مأوى. بلغت قوة الزلزال 6.3 درجة على مقياس ريختر. وفي مقال خصصته جريدة “لوموند” الفرنسية لهذا الزلزال، كتب الصحافي نقلا عن مواطن مغربي: “لقد اهتزت الأرض عدة مرات. كنا نشعر بأن الأرض ستبلعنا في أي وقت”. ومن بين البلدات التي تأثرت كثيرا بالهزات الأرضية، يمكن ذكر مدينة إمزورن بسبب هشاشة مبانيها وموقعها الجغرافي الجبلي الوعر. زلازل أخرى ضربت المغرب في العام 1731 بمدينة أكادير وفي 1909 بمدينة تطوان خلفت أكثر من مئة قتيل.
أكتوبر/تشرين الأول 1980: زلزال عنيف يضرب مدينة “الأصنام” وسط الجزائر ويدمرها بالكامل
تعرضت الجزائر هي الأخرى إلى سلسلة من الزلازل العنيفة التي خلفت عدة ضحايا. على غرار زلزال هز مدينة “الشلف” وسط البلاد حيث خلف 2633 قتيلا ودمر المدينة بالكامل فيما بقي عشرات الآلاف بدون مأوى. وبلغت شدة الزلزال 7.2 درجة على سلم ريختر، فيما كانت الهزة قوية جدا إلى درجة أن سكان مدينة وهران التي تبعد أكثر من 200 كيلومتر شعروا بها. وترك زلزال “الأصنام” أثرا كبيرا في نفوس الجزائريين عامة وسكان المدينة بشكل خاص إذ عاشوا تقريبا 20 عاما داخل منازل خشبية مجهزة بدون أن تتمكن الدولة الجزائرية من إسكانهم في شقق عادية. وتنديدا بظروف المعيشة، خرج الضحايا في مظاهرات شعبية عام 2008 للمطالبة بمساكن لائقة.
نفس المدينة تعرضت إلى زلزال أولي بشدة 4.5 على سلم ريختر في العام 1945. كانت المدينة آنذاك تسمى بـ”أورليون فيل” من قبل الفرنسيين (الأقدام السود) الذين كانوا يعيشون بكثرة في هذه المدينة نظرا للمساحات الزراعية الشاسعة التي تتمتع بها. وغداة هذا الزلزال، غيرت السلطات الجزائرية اسم هذه المدينة من “الأصنام” إلى مدينة الشلف كنية لوادي الشلف الذي يجري قربها.
21 مايو/أيار 2003: زلزال شدته 6.8 درجات يضرب مدينة بومرداس قرب الجزائر العاصمة
خلف هذا الزلزال العنيف 2270 قتيلا وأكثر من 10 آلاف جريح، فيما مست الهزات الأرضية العديد من المدن الصغيرة المجاورة لبومرداس كمدينة قورصو والثنية وحتى الجزائر العاصمة التي تبعد عن بومرداس بحوالي 60 كيلومترا.
خلّف الزلزال أكثر من 200 ألف شخص بدون مأوى. الحكومة الجزائرية خصصت لهم آنذاك منازل خشبية مجهزة. ورغم إعادة بناء المرافق العامة في هذه المدينة، إلا أن بعض الآثار لا تزال ظاهرة للعيان في المدينة. ومست الهزات الارتدادية لهذا الزلزال مناطق في منطقة القبائل بأعالي جبال جرجرة إذ ظهرت شروخ في جدران العديد من المنازل.
بالرغم من أن تونس ليست معرضة لمخاطر الزلازل مقارنة مع الجزائر والمغرب، إلا أنها ليست بمنأى عن وقوع هزات أرضية مميتة كالتي وقعت في العام 1758 عندما ضرب زلزال عنيف بدرجة 6.2 على سلم ريختر العاصمة تونس، مخلفا خسائر بشرية ومادية. في 1970، زلزال آخر ضرب بلدة شواط بغرب العاصمة وكانت شدته 5.6 درجة على مقياس ريختر. ثم في صفاقس الساحلية في 1989 بلغت حدته 6.2 درجة.
طاهر هاني
مصدر الخبر
للمزيد Facebook