آخر الأخبارأخبار محلية

الوكالة الوطنية للإعلام – الأنباء: يوم الجبل التاريخي رسالةٌ وطنية بامتياز… و”المُراقب من بعيد” يُصوّب ويُصيب

وطنية – كتبت “الأنباء” تقول: خرق اليوم التاريخي في الجبل الجمود السياسي القاتل في البلد، قارعاً جرس الإنذار، موجّهاً رسالة وطنية بامتياز بوجه كل “المنظّرين” الذين يتركون البلاد فريسة الانهيار والشغور والتعطيل. الرسالة الأوضح من قصر المختارة في حضرة سيد بكركي البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، كانت على لسان الرئيس وليد جنبلاط الذي “ينتظره اللبنانيون ليسمعوا ماذا يقول”، وفق توصيف الراعي نفسه.

 

“ليس هناك أغبى أو أسخف، ولكن أخطر، ممن ينادون بالفراغ، ولا يسهّلون موضوع الانتخابات الرئاسية”، قالها جنبلاط “كمراقبٍ من بعيد”، مستغرباً في الوقت نفسه نظريات “النحت والخياطة” في مواصفات الرئيس المقبل، محذراً من خطورة التمادي في النهج القائم في البلد. صوّب جنبلاط وأصاب، واللبيب من الإشارة يفهم.

 

من جهته، عبّر الراعي بكلمة وجدانية تختصر مئات السنين من العيش المشترك في الجبل، عن مركزية دور المختارة في الحياة السياسية اللبنانية، مشيرا إلى ان الناس عادة ما يترقبون الموقف الذي سيصدر عن جنبلاط الذي يستند الى كل هذا التاريخ الطويل، متوجهاً اليه بالقول: “أنت حامي هذا التاريخ مع نجلك، وتحافظ عليه، وعلينا أن نحمل هذا الهمّ، والمسيرة بدأناها معاً ونكملها يداً بيد للعمل معاً من أجل وحدة الوطن وشفائه والمصالحة أن تشمل كلّ لبنان”.

 

يوم الجبل الذي ينعم بالهدوء والاستقرار، بفضل المصالحة التاريخية التي عقدها جنبلاط والبطريرك مار نصرالله بطرس صفير في العام 2001، لم يكن لمجرّد إحياء الذكرى أو نهاراً فولكلورياً عابراً، فكان جنبلاط واضحاً، ولو قاسياً، واضعاً إصبعه على الجرح ولو عن بعد، دعم موقف الراعي المؤيد للحوار، وبعيداً عمّا أسماه بالنظريات، ذكّر بأنه “عندما تريد الدول حلّ الأمور تحلّها، وتذكروا مجلس الإدارة أيام المتصرفية، وتذكروا الاستقلال كما سنة 1985، والطائف وغيرها من المحطات، فكفى وضع عراقيل لتغييب الانتخابات”، مضيفاً “يأتينا وزير الخارجية الإيراني حسن أمير عبد اللهيان بالتزامن مع زيارة رجل “الترسيم” آموس هوكشتاين وكليهما صرّحا بتأييدهما لإنجاز الانتخابات الرئاسية، ممتاز، كيف؟ فهل يمكن ترسيم حقل بعبدا يا سيّد هوكشتاين وهل يمكن تسهيل الانتخابات يا سيّد عبداللهيان؟ وتحديد الصندوق السيادي الجديد مع الدول المعنية والقادة المحليين، سؤال مجدداً من مراقب بعيد”.

 

وفي حديث خصّ به جريدة “الأنباء” الإلكترونية على هامش اللقاء أمس، دعا جنبلاط كلاً من هوكشتاين وعبداللهيان إلى ترجمة اقوالهما بضرورة إنتخاب رئيس للجمهورية إلى أفعال.

هنا بيت القصيد ومكمن المشكلة التي يعاني منها البلد، حيث ينتظر البعض كلمة السر من الخارج، كما قال جنبلاط، في حين أن البلد في انهيار متواصل ولم تسلم أي مؤسسة أو قطاع من هذا المسار الانحداري المخيف، في حين أن البعض لا يزال يهوى المغامرات وأخذ البلد الى مواجهات هو بغنى عنها، وهنا تكمن العبرة في يوم الجبل، حيث لا بد من الحوار والمصارحة والمصالحة.

 

في السياق، وبين رافض ومُرحّب بدعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى الحوار، تبقى النية لدى الأحزاب السياسية هي المُتحكِّم في مصير هذه الدعوة، ورغم التأييد الكبير حتى اليوم إلّا أنّ نبرة الرافضين لها تُحاول التغطية على أهمية الحوار بحدّ ذاته. لكن إذا كان مصير الدعوة كسابقاتها ماذا ينتظر لبنان في ظل أوضاع تزداد تدهورًا يومًا بعد يوم؟

 

يؤكد النائب غسان سكاف لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، أننا “من حيث المبدأ لا نستطيع رفض الحوار، ببلد مُتهالك ويتفكك ويتحلّل، لأن رفض الحوار اليوم في ظلّ بلد متروك دوليًا سيُدخل البلد في المجهول”. إلّا أن سكاف يستدرك بأنّ “الحوار يجب أن يقوم على فكرة الإستعداد لتقديم تنازلات، وهذه التنازلات يجب أن تكون متزامنة ومتوازنة بين أفرقاء عاجزين عن حل خلافاتهم ويجدون بالحوار سبيلاً لذلك”. ودعا سكاف الى الحديث عن “اطار الحوار وآلية الحوار وأهدافه”.

 

ومن هذا المنطلق، يعتقد النائب سكاف أنّ “هذا الحوار إذا تكلّل بالنجاح من المُمكن أن يؤدي إلى كسر الحواجز بين باقي المكونات”، مضيفاً “نحن نأمل ونتمنى أنه في حال حصل هذا الحوار، أن يؤدي إلى تقاطع وطني يُفضي إلى إنتخاب رئيس للجمهورية”. وفيما أشار الى أن القوى التي عارضت الحوار “تظن أنّ الحوار لن يكون مجديًا”، تمنى على “الرئيس بري بكل صدق ومحبة أن يُوجه دعوة واحدة تتضمن تاريخيْن، تاريخ البدء بجولات الأيام السبعة الحوارية، وتاريخ هو تاريخ دعوة النواب إلى جلسة إنتخاب رئيس للجمهورية في اليوم السابع من بدء الحوار وذلك من أجل أن يحظى على ثقة النواب والكتل التي ما زالت معارضة أو مترددة”.

 

إذًا برأيه فإن “المطلوب هو جلسات حوارية متتالية لمدة 7 أيام، ثم جلسات إنتخاب بدورات متتالية من دون اللجوء إلى إسقاط النصاب ومهما كانت نتائج الجلسات الحوارية”، ويعتقد أنه “إذا وجّهت دعوة كهذه للأشخاص المعارضين، فمن المؤكد أنهم سيغيّرون رأيهم والمترددين سيأتون إلى الحوار”.

 

وأما في حال لم يُغيّر المُترددون والمعارضون للحوار رأيهم، يرى سكاف أننا “ذاهبون إلى المجهول وإلى تدهور سياسي وإقتصادي ومالي لا تحمد عقباه”. ويُنبّه أننا “بالنسبة للدول الخارجية لسنا أولوية، فلماذا نحن نُعطيهم أولوية”، لذا يلفت هنا إلى “أهمية دعوة بري إلى هذا الحوار حتى لو كانت متأخرّة”. وإذْ لا يخفي تمنيّاته أن يأتي لودريان”، لكنه يُفضّل أن “يأتي حاملًا معه إخراج سياسي على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، وإلّا الأفضل أن لا يأتي”، ويختم سكاف حديثه، بالقول: “نحن نقف على مشارف خسارة وطن ولا يجب أن نقف مكتوفي الأيدي”.

 

في المحصلة، يبدو أن بعض الأصوات الرافضة للحوار، لم تتعلّم من دروس الماضي والتي أدّت إلى وقوع لبنان في مخالب الحرب الأهلية، وما أشبه الأمس باليوم إذا لم نقتدِ بعبَرِه ودروسه.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى