آخر الأخبارأخبار محلية

الجميّل يفتح باب الحوار وجعجع يصعّد

مرة جديدة، يثبت رئيس حزب “الكتائب اللبنانية” سامي الجميل انه المبادر الأول في قوى المعارضة، والدينامو الأساسي الذي يحرّك التوجهات السياسية لهذه القوى. يعمل رئيس “كتلة النواب الأربعة” بين مسارين اساسيين، الأول هو الإستفادة من الظروف السياسية الداخلية والخارجية والتأقلم معها، والثاني هو الحفاظ على الحد الأقصى الممكن من الخطاب الاعلامي الجذري المرتبط بما تعتبره الصيفي ثوابت.

المتضرر الأول من حيوية الجميّل السياسية، والتي بدأ سياقها عام ٢٠١٥ لحظة بدء الحراك الشعبي، هو رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، ليس لكون الجميّل منافساً على الصحن الشعبي نفسه، وهذا ما لم يظهر بشكل واضح حتى اللحظة، بل لأن جعجع غير قادر على مواكبة الليونة السياسية للجميّل المدرك لكيفية التعامل مع التبدلات العميقة على الساحة المسيحية منذ ثورة ١٧ تشرين.

فعقل الجميّل السياسي بات قادراً على المزج بين كونه سياسيا تقليديا من جهة ورئيساً لاكبر احزاب المجتمع المدني من جهة اخرى، اذ ان مشاركة الكتائب في ثورة ٢٠١٩ لم تكن وليدة اللحظة بل نتيجة مسار طويل من الإندماج مع المكونات التغييرية، يمينية ويسارية وليبرالية منذ العام ٢٠١٥، فرضت خلالها الكتائب نفسها على هذه المجموعات التي وجدت نفسها بالرغم من كل الانتقادات السياسية والاعلامية متقبلة لمشاركة الساحات مع أحد اعرق احزاب لبنان.

العقل السياسي للجميّل بات أكثر قدرة اليوم على تلبية متطلبات الساحة السياسية والشعبية المسيحية التي بات انصار ١٧ تشرين فيها فئة كبيرة جدا، وهذا ما لم يستطع جعجع القيام به بالرغم من محاولاته لدى التغييريين أنفسهم. من هنا، وليس للصدفة دور في الأمر، بات الجميّل صاحب الفِعل والمبادرة في فريق المعارضة، وبات جعجع صاحب اكبر كتلة نيابية في لبنان يواكب خطوات ومسارات الجميّل، راضياً أو محرجاً.

بعد حادثة الكحالة، ذهب الجميّل بعيدا في التصعيد، في حين كانت “القوات” أكثر واقعية، ولم ترفع سقف خطابها السياسي حتى في قضية عين إبل، لكن الجميّل تمكن من الذهاب الى إقناع “القوات” كما نواب المعارضة بالبيان الشهير الذي اعلنوا خلاله مسار مقاطعة الحوار بشكل كامل وجعل الاولوية الاولى في السياسة بعد إنتخاب الرئيس، مناقشة سلاح “حزب الله”. فرض الجميّل ايقاعه على المعارضة التي وجدت نفسها مضطرة، في تلك اللحظة السياسية، من مواكبة الشارع الذي اتقن الجميّل دغدغته.

ترك جعجع امكانية المشاركة في التسوية المقبلة وراءه وركب قطار التصعيد الكبير، ليصل الى قمة هذا التصعيد خلال خطابه في ذكرى “شهداء المقاومة اللبنانية”، لكن المفاجأة كانت في مقابلة الجميّل التلفزيونية بعد الذكرى مباشرة، والتي حافظ خلالها على خطاب “الثوابت” السياسية التقليدية لبيته السياسي، لكنه فتح كوة كبيرة من خلال مخاطبته “حزب الله” وتاكيده أنه وقوى المعارضة لا يريدون كسره، حتى انه وبالتوازي مع استمرار رفضه المشاركة في الحوار، اعاد ترطيب العلاقة مع الفرنسيين وتوجيه رسائل ايجابية تجاههم.

قد يكون الجميّل قد قرأ في اللحظة السياسية التي ظهّرها آموش هوكشتاين خلال زيارته الى لبنان، والتي اوحى فيها بما لا يقبل الشك ان هناك غطاء كبيرا للاستقرار وأن التصعيد الكاسر للتوازن غير وارد في العقل الاميركي، وكل ذلك تزامن مع زيارة وزير الخارجية الايراني امير عبد اللهيان الذي نقل كيفية تطور العلاقة بين الرياض وطهران. عودة الجميّل المرنة في السياسة قد لا يستطيع جعجع مواكبتها، فالأخير غير قادر على الإستدارة السريعة التي تمكّنه من المشاركة في أي تسوية مقبلة، في حين أن الأول، ونظرا لقدرته على الاستمرار في استثمار موقعه المعارض لسنوات اضافية، سيكتفي بلعب دور سياسي غير إنعزالي مع حفاظه على هامش كبير من خطابه الاعلامي.
في المقابل تعتبر مصادر قواتية” أن الخطاب المبدئي هو السياسي والمنهج في معراب، وحسابات السلطة ليست ضمن الاستراتيجية الوطنية للقوات، كما انها لم تسر خلف أي احد في تصعيدها الدائم ضد استباحة البلد، ولم تكن يوما الا في الريادة للتصدي لمن يمسون بسيادة لبنان وحرية شعبه”.
واشارت المصادر” الى ان رئيس القوات سمير جعجع لم يصعد الى الشجرة لينزل عنها، بل هو يكمل ما بدأه منذ سنوات في معركته ضد سيطرة “حزب الله” على المؤسسات والادارة”.
بعد ما تقدّم يبقى السؤال هل علق جعجع على أعلى شجرة التصعيد التي صعد والجميل إليها؟ ام انه جاهز للنزول السريع عنها؟ وهل سيرغب مجددا في مواكبة حركة رئيس الكتائب السياسية ليكرسه مجددا على رأس الفريق السياسي المعارض، أم سيكون له رأي آخر؟

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى