آخر الأخبارأخبار محلية

كل شيء في البلد ينهار.. هل يمكننا أن نحافظ على مقدساتنا؟

بات لافتاً جداً في الآونة الاخيرة ميلُ عددٍ كبير من اللبنانيين لقبول أي سيء، أيُّ تصرف، أو أيُّ نوعٍ من الكلام والتعبير، بحُجَّة أنَّ البلاد تمرُّ في مرحلةٍ من الإنهيار الاقتصاديّ الشديد والأولويَّة هي لمعالجة هذا الانهيار.

والتفلّت الكلامي واللفظي والسلوكي المشار اليه، تجلّى في أكثر من مرحلة من خلال حملات الكترونية عبر وسائل التواصل الاجتماعي قادتها جيوش حزبية تتلطى غالباً وراء حسابات وهمية فتقدم ما طاب لها من عبارات تمسُّ بالشرف لكلِّ من يخاصمها بالرَّأي أو بالفكر.
في الواقع، فإنَّ هذا التفلّت لم ينحصر في وسائل التواصل الاجتماعي، إنَّما انتقل ومع الأسف إلى الحياة اليوميَّة لبعض اللبنانيين، فعلى سبيل المثال، يمكن لأيّ إشكال يقع على الطريق بسبب أولوية المرور أن يؤدي إلى عراك وحفلة من الشتائم اللامحدودة.
وفي هذا الإطار، يُمكن إستحضار قضية الكوميدي نور حجار، الذي انتشر مقطع فيديو له عبر وسائل التواصل الاجتماعي وهو يتناول آيات قرآنية كريمة بطريقة غير لائقة، وتمّ توقيفه للتحقيق ثم أخلي سبيله وقدّم بيان اعتذار. في هذه القضية، ظهر لافتاً وَضعها في إطار الحريات العامة والحق في التعبير، وكأنَّ التعبير بات لا يحلو للبنانيين إلا اذا تعرضوا لمقدساتهم المسيحيّة أو الإسلامية.
والجدير بالمتابعة أيضاً هو تعاطي بعض الإعلام مع هذه القضية، إذ تمَّ الاعتبار أنَّ المرحلة هي للبحث عن معالجة الكهرباء، مشاكل المياه، المصارف، الدولار وغيرها، ولا يجب أن يكون هناك أيُّ مسعى لضبط المخالفات المتعلقة بالأخلاقيات.
أمام هذا الواقع، لا بد من التأكيد أنَّ لبنان يعيش مرحلة اقتصادية مأزومة جداً، لكن هل شكّل الفقر يوماً تبريراً لإرتكاب الأخطاء على اختلافها؟ وهل يرضى مروجو فكرة أنَّ الأولوية للوضع الاقتصادي بأن يتم انتهاجُ طريق الإسفاف والإبتذال والقول في النهاية إنّ الحاجة هي التي أدَّت إلى ذلك؟
من قالَ إنَّ النّكات البذيئة هي مفتاحٌ للسعادة؟ من قال إنَّ “الرقص” على “التيك توك” يعني أنك فناناً؟ من قال إنّ “فيديوهاتك السخفية” تعني أنك “كوميدي”؟ من قال إنَّ إبتذالك سيصنعُ منك إنساناً.. بكل بساطة، إذ رأينا هؤلاء السخفاء، لن نلتفت إليهم، بل ستكون نظرةُ الإشمئزاز حاضرة تجاههم، خصوصاً أولئك الذين يذهبون بعيداً بإتجاه “الإبتذال والفجور” العلني والفاضح.
في المُحصلة، كل الانهيارات يمكن أن تُعالج خلال فترات زمنية محددة، لكن الانهيار الاخلاقي تحت مسميات حرية التعبير سيتغلغل في صلب مجتمعنا وسيتحوّل الى سمة أجيالنا القادمة وذلك في حال لم نتداركه فوراً ونعمل على لجمه بكافة الطُّرق.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى