آخر الأخبارأخبار محلية

بين الطيونة والكحالة والقرنة السوداء.. ماذا لو كان الامام موسى الصدر بيننا؟

 
هو ذاك الغريب غير المنسي، الذي مرّ على تاريخ بلد افترسته الطائفية والفساد والاحزاب، فشكل نهجا وانتماء برؤية مختلفة. واليوم، تمر الذكرى السنوية الخامسة والأربعين لتغييب الامام السيد موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب وعباس بدرالدين. فماذا لو كان بيننا اليوم حقا؟

Advertisement

 
ربما واحدة من أشهر الاقوال للسيد موسى الصدر عندما قال: “امنيتي تحويل النظام الطائفي في لبنان الى نظام ديمقراطي يعتمد على الكفاءات، ولا اقول نظاما علمانيا، لان بين الطائفية والعلمنة النظام المتدين”. ولليوم تبقى هذه الذكرى محطة اساسية غير عابرة في مرحلة بناء التاريخ السياسي الحديث للبنان، وخصوصا ما بعد الحرب الاهلية حيث صدى صوت الامام الصدر لا يزال يصدح قائلا للبنانيين من على خطوط التماس: “الوطن دولة جامعة وقرار حر وحقوق مواطنة وسلم أهلي وقوة وطنية قادرة على طرد إسرائيل وحماية لبنان”.
 
بائع البوظة
هو رجل الدين الشيعي الذي كان له خطوات لافتة تجاه المسيحيين ليس فقط في لبنان بل في الشرق الاوسط ايضا.. وذلك لم يكن تنظيرا بل حركة موثقة على الارض بخطوات ثابتة لرجل استثنائي. والجميع يعلم تلك الرواية لبائع البوظة في صور الذي شكا من فتوى لرجل دين تحرّم أكل المسلمين البوظة من متجر لشخص مسيحي، فنزل الامام الصدر بعد صلاة يوم جمعة على الارض ودعا المصلين لتناول البوظة عند البائع المسيحي.
 
وتلك الرواية ايضا، عندما كثرت المشاكل في البقاع مع اهالي دير الاحمر وشليفا والمناطق المسيحية، حينها أطلق الامام الصدر الشعار الشهير: “من يطلق النار على دير الاحمر… كأنه يطلق النار على عمامتي وجبتي ومحرابي”، وزار بعدها تلك المناطق بخطاب عقلاني متفهم ترك اثرا ايجابيا على المنطقة.
 
غياب الحوار
كان الامام الصدر يعي تماما خطورة ما يحصل وما سيكون مستقبل البلد في ظل غياب الحوار والوحدة، فقدم مشروعا اصلاحيا ولكنه اصطدم بكثير من العراقيل التي وضعها المستفيدون من ضرب نهج الحوار في مقابل كثر ممن أرادوا وحلموا حقا بالوصول الى دولة حقيقية تقوم على الانسان اول بعيدا من اي خلفية سياسية. فحلم ببناء دولة المواطنة واحترام الانسان وحقوقه وكرامته بما يليق بفكر المساواة ودولة الحق والواجبات بين المواطنين، وليس دويلات المحاصصات والمناطقية والمذهبية.
والامام الصدر هو صاحب مقولة “ستمر علينا محن ونعيش في عالم تملأه الذئاب”، وهو من قال: “سأبقى القلم الذي لا يذرف الا بحبر الحقيقة مهما كانت مرة”، وصاحب مقولة “الطائفية في لبنان بحث سياسي وليس بحثاً دينياً”.
 
واليوم، كم يشبه ما نعيش تلك المرحلة التي كان يتنقل فيها الامام الصدر بين المناطق داعيا للحوار ونبذ الفتنة، في ظل غياب اصوات عاقلة بل منابر متشنجة وخطابات فتنوية في كل مرة يُصاب فيها السلم الاهلي بزعزعة ما على الارض، كما حدث في الطيونة والكحالة والقرنة السوداء، فماذا حقا لو كان الامام الصدر موجودا بيننا اليوم؟
 
الطيونة والكحالة
وما بين الطيونة والكحالة والقرنة السوداء، وغيرها من المناطق اللبنانية التي فشلت وتفشل مرات كثيرة في اختبار العيش المشترك، مهما كانت الظروف والمعطيات المؤدية لاسباب الحوادث المتفرقة ومهما كان من على صواب أو خطأ، فان النتيجة واحدة.. رفع السلاح بوجه الاخر وسقوط الدماء.
واليوم، ربما قلائل جدا من هم على قدرة على التفرد بأداء صوت العقل الذي كان يقدمه الامام الصدر في مراحل البلد الحساسة والتوترات الطائفية، ومن له القدرة ايضا على القراءة الصحيحة لمستقبل الاحداث في البلد، حيث كان الامام الصدر متفردا في قراءة ما سيحصل ولمس برؤية استباقية مستقبل البلد، بما يجعلنا نفكر بحاجتنا اليوم الى هذا النهج في زمن الصعاب وخصوصا من قبل رجال الدين لوقف وتجنب اي توتر طائفي على الارض.
 
وما بين الامس واليوم، حتما ستبقى هذه الذكرى خالدة، لرجل غريب غير منسي في قلوب كثيرين، الى حين أن تظهر الحقيقة.
 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى