آخر الأخبارأخبار محلية

دورٌ ينتظرُ جنبلاط.. هذا ما سيجمعهُ بنصرالله!

ليسَ ضرورياً أن تكونَ الدعوة الأخيرة التي أطلقها النائب السّابق وليد جنبلاط لمحاورة “حزب الله”بغيةَ الوصول إلى تسوية، بمثابةِ قبولٍ أو تسليمٍ بوجوب إنتخاب رئيس تيار “المرده” سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية. حتماً، الإنعطافة “الإشتراكيّة” باتجاه هذا الخيار قد تكونُ مُكلفة نوعاً ما على الصعيد السياسيّ، لكنهُ في الوقت نفسه لا يمكن إغفال أي ضوءٍ خارجي يُمكن أن يُمهّد لهذا الحوار الذي قد يحصلُ و “على عينك يا تاجر” بغض النظر عن الرئاسة، لأنّ الأمور أبعد من ذلك. 


مصلحة مُشتركة 


في الحقيقة، كان جنبلاط أوّل المُبادرين باتجاه الحزب قبل أكثر من عام حينما فتحَ أبواب منزله في كليمنصو لرئيس وحدة الإرتباط والتنسيق في “حزب الله” وفيق صفا والمعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين خليل. في ذلك الوقت، لم يكُن التقارب الناشئ بين جنبلاط والحزب عبثياً، بل ارتبطَ بتطوراتٍ أساسية اتّصلت حينها بملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل. فعلياً، أرادَ “زعيم الجبل” حينها إرساءَ توازنٍ داخلي من خلال تقاربه مع الحزب بعدما وجدَ أنَّ الأخير يتجهُ فعلياً نحو المواجهة العسكريّة ضد إسرائيل في حال خسِرَ لبنان حقّه بالتنقيب عن الغاز. أما اليوم، فـ”المشهدية” تُكرّر نفسها، والتقاطعُ بين جنبلاط وحزب الله عاد أيضاً من بوابة النفط والغاز التي استطاع لبنان ضمانِها، و”أوّل الغيث” في هذا المجال هو البدء بالتنقيب الأسبوع الماضي في “البلوك رقم 9” عبر تحالف “توتال” الفرنسية و “إيني” الإيطالية و”قطر للطاقة” القطريّة. 


بشكلٍ أو بآخر، ومع بروز بوادر إيجابية لمسار التنقيب، بات جنبلاط يرى أنَّه من الخطأ تماماً إضاعة الثروة النفطية المُرتقبة في غياهب المناكفات السياسية. حقاً، يعي “بيك المختارة” أنّ عدم وجود تسوية حالياً لا يُساهم إلا في إدخال ملف الغاز في متاهاتٍ جديدة قد تُعرقل إنخراط الدول الأخرى في لبنان. وإزاء ذلك، يرى جنبلاط أنّ الحل في إرساء أرضيّة هادئة تُعيد الثقة ولو قليلاً بالطاقم السياسي الموجود، ما يُمهد الطريق للاعبين الدوليين بالإستثمار في لبنان وتحقيق الإنتعاش.  


أمام كل ذلك، تحضرُ المصلحة المشتركة بين “حزب الله” و “الإشتراكي”، فالإستثمارات التي يطمحُ الطرفان لحدوثها في لبنان لا تستثني أي منطقة، في حين أنّ حصول الإنتعاش سيُريح الطائفتين الشيعية والدرزية أيضاً أسوةً بالطوائف الأخرى. أمّا الأمر الأهم فيرتبطُ بإصرارٍ جنبلاطي على إعطاءِ زخمٍ لما يريدُه الفرنسيون في لبنان، فهؤلاء ينشطون بقوة على الخط السياسيّ في سبيل إرساء حوار، فيما ينشطون أيضاً على صعيد المجال النُّفطي. وبسبب ذلك، لا يسعى جنبلاط لإقصاء نفسه عن أي جانب إيجابي يريدهُ الفرنسيّون، ولهذا تحدّث عن الحوار وعن “التسوية”، كما انطلقَ مُجدداً باتجاه “حزب الله” الذي لم يقطع خطوطه مع الفرنسيين بتاتاً.  


وسيطٌ.. وماذا عن سوريا؟ 


مع كل هذا، فإنّ مناداة جنبلاط للجلوس مع أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله قد لا تكونُ بعيدة عن مسارٍ إقليمي سيؤدي حُكماً للإقرار بأهمية ومركزية دور “حزب الله” على صعيد المنطقة. فعلياً، إن جلس جنبلاط مع الحزب فقد يكونُ ذلك مرتبطاً بخلفية سعوديّة لا تُمانع تواصل “زعيم الإشتراكي” مع حارة حريك طالما أنَّ الأمور ترتبطُ بتسوية تُرسي الإستقرار الداخلي، وهذا مطلبٌ تنادي به السعودية دائماً وأبداً. لكنه وعلى المقلب الآخر، قد يكونُ جنبلاط بمثابةِ عنوانٍ لتلاقي السعوديين مع الحزب، فما الذي يمنع إنتقاله إلى موقع الوسيط بين الطرفين؟  


جنبلاط يعتبرُ الأكثر موثوقية بالنسبة للضاحية كما أنهُ يُعدّ قريباً من السعوديين الذين يستمعون لآرائه وينظرون إلى رؤيته السياسية بتمعُّن. كذلك، تنقلُ “همسات” عديدة أنّ نصرالله لا يُمانع من الجلوس مع جنبلاط، فهذا الأمرُ حصل سابقاً وليس جديداً بعد “عز الأزمات السياسية” والإنقسام الحاد. كذلك، فإن ما يُعزز إندماج الحزب و”الإشتراكي” هو ما جرى على صعيد حادثة الكحالة قبل أكثر من أسبوعين.. حقاً، وجد الحزب في جنبلاط ملاذاً آمناً لإخماد نار الفتنة، وهذا تقاطعٌ جديد يُرسي لمنع الحرب الأهلية التي ينبذها جنبلاط ويرفضها “حزب الله” أيضاً.  


أما ما لا يُمكن نكرانه وسط كل هذه المشهدية فهو أنّ تقارب جنبلاط مع الحزب يعني بشكلٍ أو بآخر، تقارباً مع سوريا.. فالحزبُ يمثلُ دمشق في لبنان، ومجالسة نصرالله يعني مُجالسةً للرئيس السّوري بشار الأسد.. والسؤال هنا: هل ستعود علاقة جنبلاط مع دمشق من بوابة الضاحية؟ كلُّ شيءٍ وارد.. ! 
 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى