الوكالة الوطنية للإعلام – إعلاميون في مواجهة الفتنة: لضرورة اعتماد خطاب هادئ وتبريد الرؤوس الحامية في السياسة والإعلام واعتماد خطاب هادئ
وطنية – نظم “اللقاء الاعلامي الوطني” فعالية تحت عنوان “اعلاميون في مواجهة الفتنة” في فندق “ريفييرا”، في حضور رئيس المجلس الوطني للاعلام عبد الهادي محفوظ، الوزير السابق جورج قرداحي، ممثل نقيب المحررين جوزيف القصيفي غسان ريفي، المستشار السياسي للرئيس العماد ميشال عون انطوان قسطنطين، مسؤول العلاقات الاعلامية في “حزب الله” محمد عفيف وشخصيات سياسية واعلامية واجتماعية.
الفا
استهل اللقاء بالنشيد الوطني، فكلمة لعريف الفعالية الاعلامي روني الفا، أشار فيها الى أن “هذا اللقاء هو لقاء الكلمة الجامعة بوجه التطرف بوجه الكلمة المحرضة والمفتنة والتي ليس لها ضمير“.
مرهج
ومن ثم قالت المحامية سندريلا مرهج: “ألا في الفِتنةِ سقطوا” سورة التوبة الآية ٤٩. وإن كانت الفتنة اصطلاحا ترادف الكفر والنفاق والكذب والافتراء والخلاف والشر، فالساقطون فيها مرتكبون مخربون، والساهون عنها ضالون غاشيون. وبين السقوط والارتقاء خيط بحبر الدم ونور العقل عقده البناؤون لا الهدامون على تاج الفكر عقيدة عنوانها الكرامة. والكرامة أولا كلمة حق. “الحق الحق اقول لكم: ان الذي لا يدخل من الباب الى حظيرة الخراف، بل يطلع من موضع اخر، فذاك سارق ولص.” انجيل يوحنا 10: 1“.
وأضافت: “لأن الدور الوطني تكاملي بين القطاع الخاص والعام والمجتمع المدني والعسكري، بادرنا ومن الباب العريض، إلى مد اليد لكل المعنيين في مواجهة الفتنة التي تبدأ شرارتها من بناء أرضية رأي عام متوجس وجاهز. لا نخفيكم أننا كنا نفضل ان نكون مدعوين لا داعين من باب الحرص على هيبة الدور العام للدولة، لكننا نعي أن الفراغ جذَعٌ.”
وسألت: “لماذا تُسيس وتطيف كل حادثة فردية أو فاجعة عامة ويُحرض الشعب على بعضه؟ لماذا تلبسُ وسائل إعلامية وإعلاميون وناشطون ثوب العدالة فتتهم وتحكم وتعاقب قبل القضاء عينه وكأن المرسوم احتلال السلطة الرابعة الإعلامية للسلطة الثالثة القضائية. أين قيم بناء مجتمع العيش المشترك والوطن الواحد لجميع أبنائه؟… وهل مَن يحمي لبنان من الحرب الأهلية؟“.
وقالت: “اننا اذ نعبر عن تمسكنا القاطع بالحرية الاعلامية للمؤسسات والاعلاميين وحقهم الطبيعي في الاختلاف والتعبير عن أرائهم السياسية والتمسك بتعددية وتنوع المجتمع اللبناني بكافة اطيافه واتجاهاته، نقف حازمين في وجه الفتنة وادواتها ونرفض بكل صراحة ان تتحول المنابر الاعلامية الى ساحات تقاتل وتقسيم وتحريض بكل ما هو سيء للبنان واللبنانيين، وندعو الجميع الى الالتزام بالضوابط ومواثيق الشرف الاعلامية وقيم المجتمع وصون الامن القومي للبلاد”.
وأضافت: “اننا ندعو رئيس الحكومة المستقيلة ووزارة الاعلام والمجلس الوطني للاعلام الى دعوة المؤسسات الاعلامية والاعلاميين وناشطين الى لقاء جامع يصوّب بوصلة مبدأ فصل السلطات ومفهوم الاعلام الوطني مبدأ وفعلا، درءا لكل اشكال الفتنة“.
وختمت: “للأعداء المنظورين وغير المنظورين نذكرهم، لبنان منارة الشرق وشعلة الحرية، لبنان نبراس العلم وعلَمُ الإعلام، لبنان صوت الحق ونور العقل، لبنان الانتصار لبنان التنوع، لبنان المقاومة لا يسقط “.
سولاج
وقال رئيس تحرير جريدة “الجمهورية” جورج سولاج: “أنا خارج كل الاصطفافات ولكنني لا أستطيع الوقوف متفرجا أمام اعلام يلعب دور المفتن، لذلك انا لا يمكنني ازاء هذا التصرف ان اكون محايدا”. وأشار الى حادثة الكحالة حيث “تعرضت الشاحنة لحادث ما لبث ان انطلق من يتبرع للتحليل والتحريض بأسلوب كاد يأخذ البلد الى مشكلة كبيرة، لولا حكمة القيادات السياسية والروحية”.
ولفت الى أنه “في جريدة الجمهورية المسافة تبعد وتقصر بين السياسيين ولكن المسافة الاخلاقية لا تتبدل”، وقال: “المشكلة الاساسية في لبنان هي مشكلة اخلاق، والحرية لا تعني ان نشتم غيرنا ونخون غيرنا ونأخذ البلد الى فتنة”. وأكد أن “الحرية اخلاق ومسؤولية لا قيادة الناس الى جحيم وعصفورية”.
قسطنطين
قال قسطنطين من جهته: “نحن مواطنون قبل ان نكون إعلاميين او صانعي رأي او سياسيين، لذا نحن ضد الفتنة. الفتنة الكبرى في لبنان هي الطائفية بمظاهرها القاتلة، في السياسة والإدارة والإعلام وفي خطاب التحريض الذي يصدر عن سياسيين ورجال دين وقادة رأي، ويتم الترويج له واستغلاله الطوائف إرث ونظام الطائفية مقبرة هذا الارث“.
أضاف: “الطائفية نقيض الوطن لأنها تحّول الناس إلى رعايا تابعين وتسقط عنهم صفة المواطنين الأحرار. الفتنة في إضعاف الدولة بمؤسساتها وسلطاتها وفي تشريع الباب أمام مجهول الأمن والسياسة. امّا مواجهة الفتنة فتكون بالأفعال وبالموقف، بالعقل لا بالانفعال، بالحجة لا بالشتيمة وإلا تحول درء الفتنة نفسه إلى فتنة. من كان في موقع المسؤولية أو القيادة ملزم بأن يزن تأثير كلامه قبل أن يندم على فلتات لسانه”. وتابع: “درء الفتنة يبدأ بإعلاء سلطة القانون فوق أي سلطة وبفرض العدل بين الناس و بالاقتناع بأن لا احد يساعدنا ما لم نساعد انفسنا درء الفتنة يكون باحترام استقلالية القضاء، وبإصلاحه إذا كان فاسدًا، وبعدم عرقلة التحقيق في الجرائم ومنها مثلا جريمة انفجار المرفأ، وإحقاق العدل فيها ولكن ايضا وخصوصا برفض استخدامها لتصفية حسابات سياسية او تنفيذ اجندات فتنوية. درء الفتنة يكون بمحاسبة كل من يخالف القانون مهما علا شأنه وبعدم تغطية أي فساد بحجة أن الفاسد من طائفتنا”.
وقال: “درء الفتنة يكون باحترام بعضنا البعض وبالامتناع عن تخوين كل من يعارضنا، وباحترام الجميع لشهداء الجميع فلسنا نحن من يدين البشر. درء الفتنة يكون بألّا نفرض على بعضنا البعض أي وصاية ثقافية أو عقائدية لأنها ستقود حتمًا إلى الاحتقان والتنازع. درء الفتنة يكون بحظر الشعارات والهتافات التي تمجّد المذاهب في المناسبات، فالاوطان لا تبنى بالنكايات. درء الفتنة يكون بالاتفاق على مفهوم وطني للسيادة وعلى استراتيجية دفاعية تكون مصدر قوة وفخر للبنانيين، فلا يشعر بعضهم بأنها قوة عليه ولا يشعر البعض الآخر بأنه مهدد بالغدر من الداخل”.
وتابع: “درء الفتنة يكون بوقف التعامل بين اللبنانيين على قاعدة موازين القوى فلا فائض القوة يفرض الاستقرار ولا التهديد بالانفصال يجلب الأمان .درء الفتنة يكون بالتزام الدستور وإن كانت تشوبه النواقص ليبقى هو السقف الضابط لحياتنا العامة. درء الفتنة يكون بسد الثغرات في الدستور لوقف اي مساومة او عرقلة عند كل استحقاق. درء الفتنة يكون بتكوين السلطات وفي مقدمتها اليوم انتخابات رئاسة الجمهورية حتى لا نخرج جميعًا خاسرين حتى الذي يظن نفسه غالبا. درء الفتنة يكون بمكافحة الفقر والبطالة والجهل فهي أم الشرور والعنف والفتن”.
وقال: “درء الفتنة يكون بتحقيق أكبر قدر ممكن من الحماية الاجتماعية للناس وفرض العدالة الضرائبية والمساواة في الجباية في ما بينهم ،وفي تحقيق الإنماء المتوازن على قاعدة التضامن بين المناطق. درء الفتنة يكون بتعزيز الوعي الوطني لصدّ مشاريع الفتنة التي يصدّرها لنا أعداؤنا وإذا كان للإعلام دورٌ فهو في ضبط الغرائز، لا في إثارتها بحثًا عن الشهرة فالسلم الأهلي يبقى أغلى من أي شهرة مآلها الفتنة”.
وختم: “حق لنا أن نسأل عن مصدر تمويل الإعلام وإذا ما كان المال مرتبطا بأجندات خارجية او داخلية قصدها الفتنة. وفي حال كان الإعلام سببا للفتنة فعلاجه يكون بالاحتكام إلى القضاء الذي نريده مستقلا، عادلا وسريعا، حتى يهزم الفتنة وينصر الوطن.”
محفوظ
وأما رئيس المجلس الوطني للاعلام فقال: “ثمة تلازم بين التصعيد السياسي – الطوائفي والتصعيد الاعلامي. فالعلاقات بين الطوائف متوترة وترتكز إلى قاعدة المخاوف والخشية. والحوار بين القوى السياسية وتحديدا بين الفريقين المتنافسين على الرئاسة الاولى معدوم. كما أن المؤسسات الإعلامية المرئية والمسموعة والمكتوبة تملك أغطية سياسية وطوائفية إضافة إلى سحر الإغواء الذي تمتلكه الشاشات للسياسيين على اختلافهم”.
أضاف: “يقودنا هذا التوصيف إلى أن الاعلام في لبنان له دور أساسي سواء في البناء أو الهدم حسب الوظيفة التي تعطى له وهذا ما كان استنتجه الإمام السيد موسى الصدر في توصيف دور الإعلام في الحرب الأهلية وفي تعزيز الفتنة الأهلية حيث المستفيد الوحيد منها هو العدو الاسرائيلي. وهذا التلازم بين الإثارة السياسية والإعلامية شهدناه بوضوح في حادثة الكحالة حيث كدنا نقترب من فتنة أهلية لولا حكمة البعض وحرص المؤسسة العسكرية وقائدها العماد جوزاف عون. وحيث لا مخرج إلا بالإعتدال وفي لجم الإندفاعات الطوائفية الطائشة على اختلافها”. وتابع: “في قانون الإعلام المرئي والمسموع وفي القوانين اللبنانية عموما الاعلام المرئي والمسموع هو اعلام حر. وهذه ميزة للبنان تميزه عن محيطه. لكن الاعلام الحر وفقا لهذا القانون ينبغي أن يكون موضوعيا ويعتمد على المعلومة الدقيقة والمسنودة إلى مصدر موثوق. كما ينبغي أن يبتعد عن الإثارة الطوائفية والسياسية والدعوة إلى العنف في المجتمع”.
وقال: “عند وقوع المخالفة لهذه القواعد لا يطبق القانون لأكثر من سبب، فالإثارة الإعلامية محمية بالمعادلات الطوائفية، وليس هناك قرار حكومي واحد، فكل حكومة محكومة بمعادلات الطوائف. والمعالجة الفعلية تبدأ بحوار بين المكونات السياسية والطوائفية والإتفاق على الترويج للمشترك والسلم الأهلي. أما الدعوة لقطع البث عن هذه المحطة أو تلك فلن تؤدي إلا لتبادل قطع البث”. وأضاف: “من هنا الحاجة إلى تبريد الرؤوس الحامية في السياسة وفي الإعلام وإلى خطاب هادئ في المجالين قطعا لدابر الفتنة والحلول الطوائفية التي لا تبني طوائفها ولا تقيم وطنا واحدا بل وطنا تتجاذبه الحروب الأهلية والكانتونات”.
وتابع: “في هذا السياق أدعو المؤسسات المرئية إلى استبعاد أي طوائفي عن شاشاتها وإعطاء مجال للنخب الفكرية الثقافية لنشر فكرة المواطنة ولوضع حد لمعادلة الحروب الأهلية المتكررة التي تقطعها هدنات موقتة.” وختم: “أخيرا نظرية رفض الحوار بين اللبنانيين تستتبع تعطيل الحل الداخلي وتمكن واشنطن في الشأن اللبناني، وهي ليست مستعجلة لايجاد مخرج لما نحن فيه لأن في ذلك ما يناسب مصالحها”.
قرداحي
وختاما قال قرداحي: “نحن هنا اليوم لنطلق صرخة مدوية، في وجه الجميع من في الداخل ومن في الخارج، لنقول أن الامور زادت عن حدها ولم يعد ممكنا أن نستمر على هذا الشكل من غياب المسؤولية الوطنية والاستخفاف بمصالح الناس وحياتهم. نحن هنا لنقول لمن في يدهم القرار بأن شعب لبنان بكل اطيافه لم يعد يحتمل فكيف اذا كان البعض يعيد الى ذاكرته شبح الحرب الأهلية، وصور الدمار والخراب والقتل والضياع”.
وأضاف: “اليوم يعيش وطننا حالة انعدام للوزن على مختلف الاصعدة، والبعض يتعاطى مع هذه الحالة، وكانها عادية، فيتركون الامور تتفاعل وتتعقد وتزداد اهتراء، وتحللا. ونسأل: هل هو قدر علينا أن نحاول دائما قتل وطننا بأيدينا، بأنانياتنا الفارغة وغرائزنا الطائفية؟… هل احد منا عنده وطن آخر، حتى يكفر بنعمة العيش في لبنان، اجمل طبيعة وموقع ومناخ؟… والبابا الراحل يوحنا بولس الثاني قال عن لبنان أنه اكبر من وطن انه رسالة، انه رسالة بالعيش الواحد بين مختلف الطوائف على مستوى المنطقة والعالم. حتى ننهي اعمارنا القصيرة في النزاعات والمشاكل والصراعات والسياسات العبثية بدل أن نسعى لنرتب وطننا وبيئتنا ليكون وطننا دولة محفوظة الكارمة”.
وقال: “يا اصحاب الفخامة والدولة والمعالي والسعادة والنيافة والسماحة والفضيلة الى اين تريدون أن تأخذوا هذا البلد أخبرونا؟… الم تخشوا من أن تفلت الامور من عقالها، انتم مسؤولون عن هذا الوطن وعن ما يصيبه، واجواء المزايدات الطائفية والشحن لا نعرف الى أين توصلنا من اجواء حرب وفتنة؟”.
وتابع: “لا يا أحبتي ان لبنان لن يهزمه المتآمرون عليه، الخارجيون طبعا الذين يزعجهم وجوده وعنفوانه وقوته ودوره ووظيفته، ونحن كلبنانيين يجب أن نتكاتف لاجهاض المؤامرات كلها، فلو نجحت المؤامرات لن تستهدف طائفة معينة بل تستهدف كل الوطن”.
قال: “لقد وجهت دعوات لأصحاب القرار في السياسة كي يجتمعوا ويتوافقوا على رئيس جديد للبلاد، ولكن لم يلقوا أي تجاوب، والفرا سيصير عمره سنة وليس هناك بصيص أمل، لا في طاولة حوار ولا في انتخاب رئيس. ألا نخجل من أنفسنا، وندعي اننا اهل سيادة وقرار حر، وعيوننا الى الخارج من اجل ان ننتخب رئيس للجمهورية. ما الفائدة من هذه الاجواء الملتهبة من الشحن والتحريض؟، الم نقتنع بعد أن هذا الوطن هو لنا جميعا، وبأن لا فضل للبناني على أخر الا بقدر ما يقدمه لوطنه؟”.
وختم: “لن نستطيع بناء وطن حقيقي اذا لم نصبح في القلب والعقل طائفة واحدة هي لبنان”.
=======
مصدر الخبر
للمزيد Facebook