اختبارات سياسية صعبة.. ودعوات خارجية لإتمام الاستحقاقات الدستورية على وجه السرعة
الجمود المسيطر على كل ما يتصل بأزمة الفراغ الرئاسي مرشح لأن يتمدّد، والأسبوع المقبل سيشهد اختباراً جديداً للاصطفافات السياسية من خلال الدعوة التي وجهها رئيس مجلس النواب نبيه بري لعقد جلسة تشريعية للمجلس، الأمر الذي سيعيد رسم صورة الأزمة بين المشاركين في الجلسة والمقاطعين لها، علماً أن الجلسة تحتاج إلى حضور ومشاركة “التيار الوطني الحر” لكي تنعقد.
وقالت أوساط سياسية مطلعة إن ارتفاع سقف السجالات الحادة عقب حادث الكحالة بين حزب الله والقوى الحزبية السيادية وضع خطاً عازلاً أمام “الحزب” والمتحالفين معه لجهة الرهان على إمكان “الاتكال” على مرونة مفترضة لدى هؤلاء الخصوم في المرحلة المقبلة، خصوصاً حيال الحوار الجديد الذي سينظمه الموفد الفرنسي جان إيف لودريان في أيلول المقبل. ولكن الوضع الهش في البلاد لن ينتظر الحوار ولا نتائجه التي يشكك معظم القوى في إمكان التوصل إليها، إذ إن ثمة استحقاقات مالية واقتصادية ضاغطة ستضطر الحكومة إلى اتخاذ إجراءات في شأنها فيما ترتفع حدة الطعن بمشروعية قراراتها ويمكن أن يؤدي ذلك إلى نتائج عقيمة غير قابلة للتنفيذ.
وبحسب معلومات لـ”الجمهورية”، فإنّ مسؤولاً رفيعاً تلقّى من سفير احدى دول اللجنة الخماسية، إشارات مباشرة عن قلق بالغ مما وصفتها “مؤشرات مقلقة لزعزعة الاستقرار في لبنان وتدعو الى ضبط النفس، وتؤكّد على أنّ الحاجة باتت ملحّة أكثر من أيّ وقت مضى لإتمام الاستحقاقات الدستورية على وجه السرعة”.
ووفق مصادر المعلومات، فإنّه بالتوازي مع حركة الاتصالات المكثفة التي جرت على إثر حادث الكحالة على صعد مختلفة سياسيّة وامنيّة وحزبية وروحيّة لاحتواء الوضع ومنع تفاقمه، كان الخط الفرنسي مفتوحاً على غير صعيد سياسي داخلي. وبحسب ما تقول مصادر ديبلوماسية فرنسية، فإنّ “باريس تراقب بقلق شديد تطوّرات الوضع في لبنان، ونقلت عن مستويات فرنسية مسؤولة قولها انّها اكّدت للمسؤولين اللبنانيين في اتصالات عاجلة ضرورة النأي بلبنان عمّا يخلّ باستقراره الداخلي ويهدّد سلمه الأهلي. وتجنّب ما يفاقم معاناة اللبنانيين”.
ولفتت المصادر إلى أنَّ الوضع في لبنان بات يندرج في خانة الحاجة الأساسية، لتجنيبه مخاطر الفراغ الرئاسي وعدم انتخاب رئيس للجمهورية، وهنا تقع مسؤولية اللبنانيين في التجاوب مع الجهود الصديقة، والتفكير بالمصلحة الوطنية العليا والالتقاء على أولوية اجراء الانتخابات الرئاسية، ووفق المسار الذي وضع السيّد لودريان خطوطه العريضة، وسيحدّده بصورته النهائية في زيارته اللاحقة الى بيروت.
وأكّدت المصادر أنّ “الاتفاق السياسي في لبنان على انتخاب رئيس للجمهورية، يلبّي حاجة لبنان الى الحفاظ على استقراره وانتظام الحياة السياسية فيه، والسيد لودريان أكّد للمسؤولين في لبنان أنّ هذا هو السبيل الوحيد الذي تراه فرنسا وسائر دول اللجنة الخماسية لإنقاذ لبنان ومساعدته على تجاوز أزمته الصعبة، وأضافت: “من دون هذا الاتفاق، فإن لبنان سيبقى في دوامة مصاعب تزيد الوضع السياسي توتراً، والوضع الامني هشاشة، ما يضع لبنان حتماً امام مستقبل صعب ومأسوي، وهو ما حذّر منه لودريان المسؤولين اللبنانيين”.
ورأى رئيس بلدية الكحالة جان بجاني في تصريح لـ “الأنباء”، أن لبنان واللبنانيين يدفعون غاليا، ومن دماء الشباب، ثمن غياب الدولة وتفلت السلاح دون رادع او حسيب، ولا يجوز بالتالي ان تترك البلاد أسيرة المسلحين العابثين بالقانون وأمن اللبنانيين.
واعتبر أنه بعد ان سقط قتيلان على كوع الكحالة، وقبلهما قتيل في عين ابل، لا احد يدري اين ستدفع غداً فواتير التسيب الأمني وتعميم الفوضى، مشيراً إلى انه وبغض النظر عن الموضوع السيادي كان أجدى بالقيمين على شاحنة الأسلحة والذخائر إبلاغ السلطات الأمنية والعسكرية لمواكبتها، بدلا من ترك مسارها بذمة ورعاية مدنيين مسلحين، اطلقوا النار عشوائيا وبكل الاتجاهات لحظة انقلاب الشاحنة ومحاولة أهالي الكحالة تقديم المساعدة للسائق.
ولفت بجاني، إلى ان الكحالة هي عمق الوطن وتدعم الشرعية ومشهود لها في الدفاع عن كرامة الوطن وسيادته، ولا يجوز بالتالي لحفنة من المسلحين ان يطلقوا النار على أهاليها وكأننا في غابة لا قانون فيها ولا أجهزة أمنية ولا حسيب قضائي”.
ورداً على سؤال، لفت بجاني الى انه وعلى الرغم من ان الجيش اللبناني واقع بين نارين بالمعنى المجازي للكلمة، نار غضب الأهالي في الكحالة ونار حزب الله، الا انه كان من واجبه وانطلاقا من علاقاته وتواصله مع الاخير وسائر المكونات اللبنانية، عدم ترك الأمور تصل الى حد الاعتداء على الناس، خصوصا في الكحالة ذات الرمزية الدامغة في صناعة الأبطال دفاعا عن الوطن والسيادة، فالكحالة ليست مجرد منطقة أو كلمة تلفظ، انما هي وبشهادة كل اللبنانيين معقل الحريات والدفاع عن الدولة والشرعية، ولا يمكن لها ان تصمت أمام الاعتداء بالرصاص على منازلها وناسها.
وتبعاً لما تقدم، اعتبر بجاني أن العبرة في التزام حزب الله باحترام خصوصيات الكحالة وغضب أهاليها بسبب الاعتداء عليهم.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook