عودة الحريري قريبة؟
Advertisement
وقد تعزّز التشتّت السنّي مع إعلان الرئيس سعد الحريري إبتعاده عن الحياة السياسيّة، وخصوصاً بعدما أنتجت الإنتخابات النيابيّة الأخيرة تكتّلات سنّية غير متجانسة، ففاز “الممانعون” بمقاعد مهمّة، بينما فاز آخرون من النواب “المتشدّدين” ضدّ “حزب الله” وسلاحه، وهم قريبون من المسيحيين “السياديين”. غير أنّ بقاء الأكثريّة منهم على الحياد، وهم من “صقور تيّار المستقبل” السابقين، هو من بين اسباب الفراغ الرئاسيّ، مع تعذّر عقد طاولة حوار وطنيّ، وعدم التوافق بين الأفرقاء.
وفيما يرى المراقبون أنّه لو كان الرئيس الحريري متواجداً في المعادلة السياسيّة، لكان الموقف السنّي أكثر وضوحاً رئاسيّاً، إلّا أنّ عوامل كثيرة لا تسمح لرئيس “المستقبل” بالعودة قريباً إلى لبنان لممارسة مهامه الوطنيّة، ولعلّ أبرزها غياب القرار السعوديّ بدعمه لرئاسة الحكومة، إضافة إلى أنّ موقف الرياض من الإستحقاق الرئاسيّ لم يتبدّل، وهي لا تُؤيّد ولا تُعارض أيّ مرشّح، تاركة للبنانيين حريّة إختيار رئيسهم، كيّ تبني موقفها الدبلوماسيّ تجاه لبنان على هذا الأساس.
إلى ذلك، فإنّ المبادرة الفرنسيّة الأولى التي سقطت، لحظَت إنتخاب رئيسٍ “ممانع”، مقابل الإتيان برئيس حكومة معتدل، ولم تتداول فرنسا بالأساس إسم الحريري، أيّ أنّه بحسب المراقبين، فإنّ الظروف الدوليّة والعربيّة ليست متوافرة أمامه. وفي هذا السياق، يقول المراقبون إنّ الحريري إنّ سُمّيَ لتشكيل حكومة، فإنّه لن يقبل بإشراك وزراء محازبين فيها، وسينّطلق من مبدأ أنّ الدول الغربيّة والصديقة تُريد من لبنان إنجاز الإصلاحات والإتّفاق مع صندوق النقد الدوليّ، وهذا الأمر باعتقاده، لا يُمكن أنّ يحصل في ظلّ وجود وزراء ينتمون للأحزاب، لأنّ لكلّ منهم حساباته، ما سيُعطّل العمل الحكوميّ، ويُفرّمل الإصلاحات والمفاوضات مع الجهّات المانحة.
وأيضاً، بعد تعليق مشاركته في الحياة السياسيّة، فإنّ النواب الموالين للحريري انخفض عددهم كثيراً، وهو إنّ عاد لا يستطيع معهم أنّ يكون مُؤثّراً كثيراً في مجلس النواب، فكتلته ستكون تراجعت بنحو النصف، وهو لن يقدر على جمع جميع النواب السنّة، لأنّ بعضهم من ضمن كتلة “المجتمع المدنيّ”، والبعض الآخر مع “تجدّد”. ويستبعدّ المراقبون أنّ يذهب الحريري إلى التحالف مع المعارضة، وحتّى لو كان يلتقي معها في قضايا أساسيّة، لأنّ خلافه مع “القوّات” لا يزال قائماً، وهو مرفوض من نواب “17 تشرين” الذين بأغلبيتهم قرارهم الرئاسيّ غير متجانس مع معراب والنواب السنّة.
وفي هذا الإطار أيضاً، فإنّه يصعب على أيّ رئيس حكومة في المستقبل أنّ يقبل بترؤس مجلس الوزراء، لأنّ الأوضاع السياسيّة تتأزّم كلّ يومٍ، والتجاذب الرئاسيّ انسحب على تعيين حاكم لمصرف لبنان وتلويح نواب الأخير بالإستقالة، وعلى التعيينات العسكريّة في قيادة الجيش، وعلى الوضع الإقتصاديّ الذي من المتوقّع أنّ يُصبح صعباً أكثر، إنّ حُرّر سعر صرف الدولار.
كذلك، فإنّ لا شيء في البلاد يُوحي بأنّ أيّ فريقٍ مستعدّ للتنازل لصالح المصلحة العامّة، فيما يبقى سلاح “حزب الله” أبرز مشكلة أمام عودة الحريري، ففي خطاب تعليق مشاركته في السياسة، أعلن الأخير أنّ إيران وحلفاءها هم وراء اتّخاذ قراره. ويلفت المراقبون إلى أنّ التقارب السعوديّ – الإيرانيّ لم ينسحب على دول الجوار، وما تُرجم منه حاليّاً، هو وقف العمليّات العدائيّة من قبل الحوثيين على المملكة.
ولهذه الأسباب الكثيرة التي سبق وتمّ ذكرها، فإنّ الظروف المحليّة والدوليّة والعربيّة بشأن عودة الحريري لم تنضج بعد، ويعتبر المراقبون أنّه إنّ رأى أنّ رجوعه ضروريّ، فإنّه سيكون من باب الإنتخابات النيابيّة المقبلة، وحتّى يحين هذا الوقت، هناك 3 سنوات متبقيّة يجب خلالها أنّ يستقرّ الوضع الأمنيّ والسياسيّ والإقتصاديّ في لبنان، وأنّ تنشأ تفاهمات جدّية في المنطقة، تعود إيجابيّاً على كافة الدول العربيّة.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook