آخر الأخبارأخبار محلية

هل ستنتهي مهمة لودريان قبل أن تبدأ؟

في زيارته الأولى كان الموفد الفرنسي الرئاسي جان ايف لودريان مستمعًا أكثر منه متكلمًا. ولكن في زيارته الثانية كان متكلمًا أكثر منه مستمعًا. فما عساه قال لمختلف الأطراف، الذين التقاهم، وهو يعرف سلفً بماذا يفكرّون، وماذا يريدون أن يسمعوه. فكلامه على المستوى السياسي ليس أقل حدّة من كلام السفيرة الفرنسية آن غريو. ولم يتخطّ بالتالي السقف الذي حدّده له اجتماع اللجنة الخماسية في الدوحة، وهو سقف لا يمكن تجاوزه في أي حال من الأحوال، خصوصًا أن البعض رأى في هذا البيان “قصقصة” للجوانح الفرنسية في ما خصّ الملف اللبناني، الذي دخل من جديد مرحلة الجمود الجليدي.

 

  وعليه، فإنه يمكن القول إن مهمة لودريان قد انتهت قبل أن تبدأ، وهي ستضاف إلى سلسلة المحاولات الفرنسية، التي يمكن وصفها بأنها أخفقت في إيجاد حل يرضي جميع اللبنانيين من دون أن تكون منحازة لهذا الطرف أو ذاك الفريق. وقد تكون الحملة المضادة، التي ساقتها أطراف مسيحية، وبمباركة واضحة من بكركي، ضد السياسة الأخيرة التي اتبعها فرنسا في لبنان، والذي تعتمد فيها على تأييد ترشيح رئيس تيار “المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية، باعتباره مرشح “حزب الله” ليس إلاّ.
فمنذ زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لبيروت عقب انفجار المرفأ، والذي يقترب من انطواء سنته الثالثة، لم يتحقّق شيء مما وُعد به اللبنانيون، خصوصًا أن الآمال كانت كبيرة على الدور، الذي كان من الممكن أن تقوم به فرنسا، وذلك نظرًا إلى العلاقات التاريخية التي تربطها بلبنان.
وعلى رغم ما يأخذه البعض على فرنسا فإن ثمة من يرى أن لها دورًا مؤثرًا ستقوم به باريس لجهة إقناع جميع اللبنانيين بأن المسار الذي يسير فيه البعض لن يؤدّي سوى إلى تعميق الخلافات القائمة بينهم، في الوقت الذي يحتاجون فيه إلى من ينظّم لهم طريقة إدارة خلافاتهم، في الشكل الذي تراه فرنسا مناسبًا للجميع، وذلك من خلال دعوتها إلى حوار مفتوح بين جميع المكونات السياسية توصلًا إلى الحدّ الأدنى من التوافق، أقّله على الأمور التي لا خلافات جوهرية عليها، قبل بلوغ مرحلة الخيارات الصعبة، والتي تحتاج إلى من يرعى هندستها تمامًا كما حصل في الطائف يوم توافق اللبنانيون على عدّة إصلاحات داخلية لم تكن لتبصر النور لولا الرعايتين الدولية والعربية. وهذا ما يُفترض أن يحصل عندما يحين وقت هذه الخيارات، وعندما تنضج التسويات، التي يمكن أن يستظّل لبنان بفيئها، وذلك برعاية الدول أعضاء اللجنة الخماسية، التي تضم إلى جانب فرنسا كلًا من الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر. 

 

فلودريان الذي بدأ جولته الثانية أمس، ويستكملها اليوم، يضع أمام الذين يلتقيهم تباعًا ما خلصت إليه اللجنة الخماسية من قناعات، وإن كانت غير متطابقة مع مواصفات المبادرة الفرنسية القديمة، والتي يبدو أن الموفد الفرنسي يحمل معه صيغة منقحة لهذه المبادرة، ولكن من منطلقات مختلفة عمّا سبقها.
وفي رأي بعض المصادر السياسية، التي لا تزال تراهن على ما يمكن أن تقدم عليه فرنسا، سواء من خلال اللجنة الخماسية أو من خلال سعيها الفردي الموازي لعمل اللجنة، خصوصًا لجهة ما يمكنها القيام به من تقريب وجهات نظر اللبنانيين، أقّله في ما يتعلق بالملف الرئاسي، بحيث باتت باريس مقتنعة بالذهاب نحو خيار ثالث عبر مرشح لا يموت معه “ديب الممانعة” ولا يفنى فيه “غنم المعارضة”، وذلك من أجل تمرير هذه المرحلة الدقيقة والحساسة في انتظار اكتمال مشهدية الوضع العام في المنطقة، والذي سيكون لبنان جزءًا أساسيًا في أي تسوية محتملة.    

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى