أمل تحيي ليلة عشوراء الخامسة… الفوعاني: للإستجابة لدعوات الحوار
بعد تلاوة آيات من الذكر الحكيم بصوت القارئ عباس حمود وتقديم من المسؤول الإعلامي لإقليم جبل عامل علوان شرف الدين،
كانت كلمة للدكتور مصطفى الفوعاني جاء فيها:
“ما للضفة تعجّ بالنّحيب يضيق صدرها جَدبًا ما عاد للماء وجه..تآكله اللهيب..والرماح تنهش الأجساد..نهمًا..ثم تنشج دمًا…حارًا..
صلّت الرّمال قبلة النور..وسجدت بين يدي الله …مصباحٌ مُسجّى…يتوضأ بالدماء تحت عرش الرحمن……تلقّفه المدى بخفر غريب…بُترت أنامل المطر.. ها هنا..و الجرح ينزّ ..راعفا..بين أنياب الخذلان..أسبلت أجفانها كربلاء…و استسلمت للسّيوف..تقضم لحم الحقّ..و ترشق أجزاء جسده فوق اللظى ..أسبلت أجفانها كربلاء..وحمائم الطّهر ترشح مسكًا….مكفنة بالنّهج القويم..وغدا الحسين جسدا بين ضفتين وجسرا بين تاريخ وتاريخ ليستقيم الوجود شوقا وميثاقا وقسما في صور وبعلبك :اننا مداد من كربلاء وان باء البسملة افواج مقاومة وشهادة وانتصار وأمل بنصرالله وما بدلنا”.
واضاف الفوعاني مستشهدا بكلام الامام القائد السيد موسى الصدر: “نحن نبكي الحسين ونبكيه كثيرا ، ولكن لا نقف عند حدود البكاء، البكاء يجدد احزاننا ورغبتنا في غضبة على الباطل “…نحن قوة تغيير، قوة تغييرية ابتداء من الفرد، مرورا بالعائلة وبالسوق وبالمدينة والوطن والأمة كلها، ولا يمكن أن نكون قوة تغييرية ناجحة إذا لم نكن متميزين في سلوكنا، ولذلك مجاهدو حركة امل اتخذوا من كربلاء طريقا، ومن الحسين سلوكا، فكانوا الفوج المعاصر لمدرسة عاشوراء”.
وفي رؤية متكاملة رأى الفوعاني أن “الإحياء العاطفي لمناسبة عاشوراء قد أدّى وما زال دوراً أساسياً في حفظها، لكن الأمانة والإعتراف بدور هذا الإحياء تتطلب منع الدخيل من العادات والممارسات التي تحط من شأنية هذا الحدث الإسلامي العظيم، كما أن السيرة وخطباءها قد أدوا دوراً مهماً في حفظ الوقائع، لكن اربابها اليوم يقفون أمام مسؤولية الخطاب الواعي والموضوعي بعيداً عن الأسطَرة وإعمال الخيال غير المنضبط، مما يؤثر سلباً على مُجمل الإحياء العاشورائي، ويقدم مستمسكاً لخصوم المذهب ومعارضيه. وإن منبر عاشوراء يجب أن يبقى محكوماً بالأهداف التي من أجلها قدّم الحسين وصحبه دمائهم في كربلاء، وهي أهداف الاصلاح والحرية والوحدة، وعليه مع التأكيد على الحقيقة التاريخية التي لا جدال فيها والمتعلقة بكون الإحياء العاشورائي كان وما زال شأناً شيعياً، لكن الحق يجب أن يُقال، وهو أن ثورة الإمام الحسين أكبر بكثير من أن تكون عناوينها مختصة بمذهب أو فئة، واليوم أمام هذا الإلتفاف الكبير والتعرف على كربلاء من قبل الغالبية من المسلمين بالإستفادة من وسائل التواصل الحديثة، يُصبح لزاماً العودة إلى أصل المشروع الحسيني الإنساني، مما يحملنا مسؤولية أن يكون منبر عاشوراء، منبر وحدة المسلمين والعرب، وأن يؤكد خطباؤه على قضية العرب والمسلمين المركزية (فلسطين)، والمظلومية التي حلّت بشعبها وطرده من أرضه وإعتبار إسرائيل هي التجسيد الحي لليزيدية المعاصرة كما قال الإمام الصدر. وأن ابناء حركة امل بإعتبارهم الطليعة المناضلة والملتزمة في هذه الأمة، عليهم أن يقدموا أبهى ما لديهم في هذه المناسبة العظيمة، لتكون بحق عناوين جامعة، وهذا ما سار عليه قادتنا العظام، وإن ما يسيء للإحياء العاشورائي إنما يكون في إستحضار الأبعاد الضيقة في علاقتنا بهذا الحدث الملحمي. لذا يقول الإمام السيد موسى الصدر: (الحسين خرج لا حباً بالخروج وقُتل وحارب لا حباً بالحرب والقتل وإنما صيانةً للإسلام) ليمضي الإمام الصدر ويقول: ( الإحتفال بالحسين لا يكفي، الحسين لا يحتاج إلى ذلك، الحسين شهيد الإصلاح، فإذا ساعدنا في إصلاح أُمة جده نصرناه، وإذا سكتنا أو منعنا الإصلاح خذلناه ونصرنا يزيد).
واضاف الفوعاني: “المطلوب في هذه الأيام، وفي ظل الوقائع السياسية وقضايا الإستبداد والظلم والفساد التي تعصف بمجتمعاتنا، العودة إلى خطاب الاصلاح الحسيني وتقديم النص الكربلائي بإعتباره مدونة تحمل كل عناصر مشروع النهوض والتغيير، وأن تقدَّم عاشوراء بإعتبارها أُطروحةً أصيلة تنتمي إلى هوية وثقافة وتاريخ شعوبنا التي وُضعت قسراً أمام استلهام النماذج الوافدة من خارج مداياتها الحضارية وثقافتها”.
واضاف الفوعاني: “ثمة من يريد في هذا العالم ان يفجر الاحقاد من خلال خطة تهدف الى تعميق مشاعر الكراهية، إذ تتجرأ الدنمارك بعد السويد على رعاية ما يسمونه حرية رأي، فيعمدون الى إحراق نسخة من القرآن الكريم، والهدف لا يصب الا في خدمة الصهيونية المتمادية فتنا، وسعيا الى بث الشقاق. ولذلك بالوعي والحزم ينبغي ان نلجأ إلى ضرورة منع هذه التصرفات الرعناء، والتي تستوجب من العالم كله وقفة واحدة، فالاديان وتعاليمها واجبة الاحترام، ولا يجوز التطاول على احد منها تحت مسمى باطل وعنوان متهافت، وينبغي ألا نقع في ردود أفعال وعواطف جياشة لا يستفيد منها الا العدو الصهيوني”.
واكد أن “على الأطراف في لبنان ان تتواضع وان تتواصل وان تستجيب لدعوات الحوار والتوافق، رأفة بالشعب الذي يعاني الآمرين جراء تعنت البعض، وانتظار تسويات خارجية بات من الواضح أن التوافق الداخلي هو الانجع، وهو العنوان الوحيد للولوج الى حلول لمشاكل كثيرة، والحل بالحوار والتوافق، وصولا إلى إتمام الاستحقاق الرئاسي وبعده انتظام عمل المؤسسات وادوارها”.
وختم الفوعاني بالتأكيد على “ضرورة حفظ المقاومة والعيش الواحد والسلم الاهلي، وان نقف جميعا مع فلسطين المحتلة، فهي قضية الارض والسماء، وهي عنوان جمع الصفوف وتوحيد الكلمة والقلوب”.
وفي الختام، كانت السيرة الحسينية العطرة مع خطيب المنبر الحسيني السيد نصرات قشاقش.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook