آخر الأخبارأخبار محلية

الوكالة الوطنية للإعلام – الخطيب وصف القرار الاوروبي ب”المخزي”: هل يريدون فعلا تطبيق اتفاق الطائف أم ان وراء الأكمة ما وراءها؟

وطنية – ادى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب الصلاة في مقر المجلس والقى خطبة الجمعة التي قال فيها فيها: 
{وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ}.
تتحدث هاتان الآيتان المباركتان عن سُنّة من سُنن الله تعالى وهي تقلّب الاحوال الاجتماعية وعدم ثباتها على حال كما اقتضتها ارادته وحكمته القائمة على امتحان الافراد والمجتمعات وكيفية تصرفها في الاحوال المختلفة التي تواجهها في القوة والضعف في الغنى، والفقر في السلامة، والمرض في السلامة، والمصيبة في السلم والحرب الخ …من الظواهر والاوضاع التي تنتابها وتعترضها في الحياة.

 إنّ هذه التقلبات حتمية في حياتها وغير قابلة للجدل، وهذا ما ينسجم مع الغرض الذي حدّده الله تعالى في تعليله للخلق والوجود وكما يثبته الواقع التاريخي في حياة البشر أفراداً وجماعات، كما ذكرنا من حيث اختلاف الاحوال وتقلّبها كسُنّة اجتماعية ثابتة سواء على الأفراد كأفراد أو على الأمم والجماعات، أما على مستوى الأفراد فهم مختلفون من حيث الامكانات والطاقات البدنية والعقلية كما أن أحوالهم غير مستقرة على وضع واحد كما ذكرنا، فتارة يكون واجداً وأخرى مفتقراً وكذلك الأحوال العامة من السلام والأمن والاستقرار وغيرها، هي متغيّرة ومتحوّلة، كما أن الأفراد والجماعات تتبدل وتتغير بأفراد وجماعات أخرى، وهكذا دواليك تستمر هذه التقلّبات والتغيّرات طالما استمرت الحياة التي ستنتهي كحتمية دينية إلى مرحلتين: الاولى، يمكن تسميتها بنهاية مرحلة التقلبات الاجتماعية واستقرارها وحسمها لصالح تحقيق العدالة الاجتماعية ونهاية مرحلة الاختبار الإلهي. وهو ما أجمعت عليه الاديان بغض النظر عمن سيتولى هذه المهمة سواء المخلّص الذي قالت به اليهودية والمسيحية أو المهدي والى جانبه السيد المسيح عليهما السلام كما نقول نحن والذي يبرّر حتمية هذه المرحلة وضروريتها، هو أولاً إعطاء الأمل للمؤمنين بالحق والعدالة وبانتصار الحق حتى لا يقعوا في اليأس ولتبقى قضية العدالة قضية الانسانية تكافح من أجل تحقيقها، وثانياً انه لا بد من نهاية لهذا الصراع بين الحق والباطل الذي تداولا فيه الانتصار والخسارة إلى الجولة الأخيرة التي تقتضي الانتصار للحق والعدالة في نهاية المطاف.
(وَيُحِقُّ اللّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ)، ولأن الحق مرتبط بالله تعالى فلا بد من انتصاره، (وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا).
ولا بد أن ينتهي ما سُمّيَ باطلاً إلى الزوال في الدنيا وإلا لما كان باطلاً، والحقّ يقتضي البقاء والثبات وإلا لما كان حقّاً، فهذه المرحلة مرحلة الإثبات لانتصار الحقّ، والمرحلة الثانية هي نهاية الحياة وقيام الساعة الذي يُسمّى بيوم الحساب وبيوم الجزاء، فإن العدالة الإلهية تقتضي أن يُجزى كل امرئٍ على ما اختاره وفعله في الحياة إن خيراً فخير وإن شراً فشر”.

وتابع :”لذلك، فإنَّ هذا التفسير ينسجم تماماً مع المبدأ العقلي والإيماني القائل بأن للوجود موجداً عاقلاً وهادفاً (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ)، إنّ الذين ينكرون وجود الخالق وان وراء الوجود قوة عاقلة حكيمة تاهوا في تفسيراتهم إلى حدّ انهم أعطوا لأنفسهم من العقل والمعرفة والحكمة ما أنكروه على الخالق العظيم، وكان من نتاج تيههم انهم برّروا الظلم والعدوان وأنكروا الحقّ والعدل، كما لم يستطيعوا أن يرسموا لنا نهاية ولا غاية تنتهي إليها البشرية سوى التيئيس من تحقيق نهاية للمسيرة الانسانية البائسة أو أمل بانتصار الحقّ على الباطل، بل كان من نتاج فلسفاتهم المادية ان الحق هو حق القوة وان من يمتلك القوة المادية فحقّه ان يستخدمها حيث ما تدعوه أهواؤه ومصالحه، فليس هناك من مظلوم وظالم وإنما هناك محق دائماً وهو من يمتلك القوة المادية، أما الضعيف فهو الباطل والقيم الاخلاقية والمعنوية ليست سوى سلاح الضعفاء.
ربما كانت تجارب الأمم والافراد تقول ذلك وان الضعيف حينما أمتلك القوة مارس الظلم والقهر وعَدَّى هؤلاء الاحكام من العلوم التجريبية إلى العلوم الاجتماعية وهي وإن كانت صحيحة من حيث النتيجة والوقوع لكن ذلك لا يعني انها محقة وهذه حقيقة يقررها الله تعالى: (إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى)، إن كان من امتلك ضعيفاً فإنّ الحقّ سبب من اسباب انتصاره، فإذا ما انتصر وامتلك القوة ودعته قوته إلى الاعتداء والظلم فإنه يكون قد سار في طريق الخسران والهزيمة، وهو ما نفهمه من قوله تعالى (وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ).
وهو محل الاختبار والافتتان يقول الله تعالى (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)”. 

تابع الخطيب :”الصادقون هم الذين لم تتغير لديهم المفاهيم بتغير الأحوال وإنما بقيت كما هي ثابتة في كل الأحوال، فالحق هو الحقّ في حال الضعف وفي حال القوة، والكاذبون هم الذين آمنوا بنسبية الحق والباطل، فالحق عند الضعف المادي له معنى يتبدّل مع تبدلّه وامتلاك القوة والقدرة على القهر والغلبة، وبالتالي ليس عند هؤلاء ثبات في المفاهيم.

أيها الاخوة والاخوات، إنّ المنتصر في الواقع هو الحق دائماً ولكن الذين يخسرون هم الذين سقطوا بالاختبار، وهم اثنان الضعيف والقوي اللذان خضعا لموازين القوة واُختبرا بالقوة والضعف وان المنتصر هو من أخضع القوة لموازين الحق والعدل وكان تقيّاً فلم ييأس في حالة الضعف ولم يطغَ في حالة القوة وإن كان الطاغي في حياة الناس هو أن الشعور بالقوة يبطر وهو ما قرره الله تعالى في كتابه العزيز: (إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى).

إنّ الغنى المادي يحتاج الإنسان معه إلى الغنى الروحي، والايمان النظري وحده غير كافٍ ليعصم الانسان عن الانحراف العملي، وهو ما يفسّر الازدواجية التي يُبتلى بها بعض المؤمنين فيؤمن بشيء ويعمل بخلافه، يؤمن بحرمة الظلم ويمارسه، وحرمة الكذب ويكذب، وهكذا من أفعال الفسق والعصيان التي يعود إلى فقدان التزكية للنفس وتهذيبها ومجاهدتها حتى تكون التقوى سمة له في ممارساته وأفعاله، ويكون الله تعالى حاضراً في نفسه وذهنه حاجزاً له عن العصيان والمخالفة، كما يصف أمير المؤمنين المتقين: (فَهُمْ وَالْجَنَّةُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا فَهُمْ فِيهَا مُنَعَّمُونَ وَهُمْ وَالنَّارُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا فَهُمْ فِيهَا مُعَذَّبُونَ)، وقوله (ع): (قَدْ يَرَى الْحُوَّلُ الْقُلَّبُ وَجْهَ الْحِيلَةِ وَدُونَهَا مَانِعٌ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وَنَهْيِهِ فَيَدَعُهَا رَأْيَ عَيْنٍ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا وَيَنْتَهِزُ فُرْصَتَهَا مَنْ لَا حَرِيجَةَ لَهُ فِي الدِّينِ).

إنّ من يمتلك القيم والدين يدع الحيلة رأي العين بعد القدرة عليها لأن دونها مانع من أمر الله ونهيه، أما من لا حريجة له في الدين فينتهز فرصتها، إنّ من الحق المشروع أن يخاف المرء ممن أمتلك القوة ان يستخدمها للاستقواء على الآخرين، ولكن هذه المشروعية مشروطة بعدم وجود المبرّر لها من وجود عدو كالعدو الصهيوني المتربّص على حدود لبنان، وعدم وجود الحكم المؤمن أساساً بمواجهته فضلاً عن امتلاك القوة الرادعة له، الذي أفسح المجال للاعتداء على سيادته وشعبه واجتياحه واحتلال عاصمته وكان سبباً لمقاومة جزء من شعبه أدى لتحرير الجزء الاكبر من أرضه والى ردعه عن الاعتداء عليه، فلمن يترك سلاحه؟ وما هو البديل؟ ومن يردع العدو ويمنعه من معاودة الاحتلال والتهجير لأرضه وشعبه؟ ومن هو الذي يحتاج إلى ضمانات؟ هل من يجاهر بالتطبيع معه أو من تآمر معه وسَهَّل له الاجتياح العسكري لاحتلال عاصمته؟.”

أضاف الخطيب :”إنّ الحل لا يبدأ من نزع سلاح المقاومة، فالمقاومة لن يُنزع سلاحها، وإنما بالتفاهم على جملة أمور أولها انتخاب رئيس جمهورية مقاوم يؤمن بالعداء للكيان الصهيوني وبتأليف حكومة ثم يأتي بعد ذلك التفاهم على استراتيجية دفاعية، يقولون ان هناك هواجس لبعض المكونات فمن شكّل خطراً عليهم؟.إنّ الذين يثيرون هذه الهواجس إنّما يثيرونها لذرّ الرماد في العيون، فقد أُعطوا كل الضمانات الدستورية وتوقّف العدّ وثبتت المناصفة في التمثيل النيابي، وأُعطوا قيادة الجيش والمخابرات والقضاء والبنك المركزي والمناصفة في وظائف الفئة الأولى، فما هو الباقي من السلطة لحاضنة المقاومة التي تقوم بحفظ سيادة الدولة وقوتها أمام العدو.”
وأردف :”وللأسف فإن المصالح الطائفية والشخصية والفئوية أعمت عيون البعض عن الاهتمام بالأمور الوطنية والاستراتيجية ولا يرون شيئاً إلا من خلال مصالحهم الخاصة، فلا العدوانية الصهيونية وتهديداتها ولا أطماعها في الارض والمياه والثروات اللبنانية ولا احتلالها لأرضٍ لبنانية يأخذ حيّزاً من اهتماماتهم الاعلامية أو السياسية كما هو الحال بالنسبة للمقاومة، بل ان البعض يطالب بنزع سلاح المقاومة والتطبيع مع العدو”.

وسأل :هل من المنطقي الاهتمام بالأمور الخاصة وهي غير حقيقية وتقديمها على الأمور الاستراتيجية الآن وفي مواجهة التهديدات الإسرائيلية واحتلالها العملي للغجر ومزارع شبعا والنقاط الثلاثة عشر. إنّ على الدولة القيام بالخطوات اللازمة التي توقف العدو عند حده وتلزم العدو بالخروج من الأراضي اللبنانية المحتلة وعلى القوى السياسية دعمها في هذا الموقف والتداعي للتوافق على الحل الداخلي وفقا لاتفاق الطائف كما يدعون فهل يريدون فعلا تطبيق اتفاق الطائف أم ان وراء الأكمة ما وراءها؟. 
وختم الخطيب : “إنّ الموقف المخزي للبرلمان الأوروبي حول النازحين السوريين يشكّل اعتداء على السيادة اللبنانية وعلى الدولة القيام بالخطوات اللازمة وامثاله في مواجهة هذا القرار وأمثاله فإن لبنان ليس مقراً ولكنه ممراً فليعطوا الحرية للسوريين أن يذهبوا حيث شاءوا ولا أن تكون الدولة اللبنانية هي حارس لمصالح الآخرين على حساب سيادة الوطن وقراره واستقلاله” .

                                                       ================

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى