آخر الأخبارأخبار محلية

بسبب استحقاق الحاكمية.. ما حقيقة التمايز بين بري وحزب الله؟

 
بخلاف خصومهما “المتقاطعين” فقط على إسقاط مرشحهما المُعلَن لرئاسة الجمهورية، رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، “يتقاطع” كل من “حزب الله” و”حركة أمل”، اللذان يشكّلان ما يصطلح على تسميته بـ”الثنائي الشيعي”، على مقاربة “شبه موحّدة” لمعظم الملفات والاستحقاقات، ما يجعل أيّ اختلاف أو تباين يطرأ بينهما، بمثابة “حدث” تُبنى عليه الكثير من المعطيات، ويُعطى أبعادًا قد تكون في الكثير من الأحيان “مضخّمة”.

 
لعلّ هذا بالتحديد ما حصل في الأيام القليلة الماضية، بعد حديث رئيس مجلس النواب نبيه بري عن “تعيينات الضرورة”، التي فُسّرت دعوة “ضمنية” إلى تعيين حاكم جديد “أصيل” لمصرف لبنان، قبيل انتهاء ولاية الحاكم الحالي رياض سلامة، ما دفع كثيرين للحديث عن “تناقض” بينه وبين كلام حليفه، ولا سيما أنّ الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله سبق أن “شطب” مبدأ التعيين من “الخيارات” المُتاحة أمام الحكومة، في ظلّ الواقع الحالي.
 
ومع أنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي حسم الجدل بتأكيده أنّه ليس في وارد طلب التمديد لسلامة، أو تعيين من يخلفه في منصبه، لأنّه لا يريد أن يعمّق الشرخ بين اللبنانيين، أو يرفع من منسوب الانقسام الذي بلغ ذروته، كما قال لصحيفة “الشرق الأوسط”، إلا أنّ ذلك لم يضع حدًا للأسئلة التي فُتِحت على مصراعيها، فهل نحن أمام “تمايز فعليّ” بين الحليفين؟ وهل من أبعاد أو دلالات سياسية له؟ وماذا عن تبعاته المحتملة على أكثر من صعيد؟!
 
منطلقات مختلفة
 
يقول العارفون إنّ “الاختلاف” في الموقف من “تعيينات الضرورة” بين كل من بري و”حزب الله” لا يعبّر في الحقيقة عن “خلاف جدّي” بينهما، كما حاول البعض الإيحاء، بقدر ما ينطوي على “تمايز”، قد لا يتجاوز “المنطلقات المختلفة” التي أسّس عليها كلّ طرف لموقفه، علمًا أنّ الضجّة “المفتعلة” إلى حدّ بعيد، وفق توصيف هؤلاء، حول التباين في الموقف، لا تبدو “بريئة”، وقد تحمل من الأبعاد ما يتجاوز ملف “الحاكمية” واستحقاقها المستجدّ.
 
فبالنسبة لرئيس مجلس النواب، لم يكن المنطلق في تحديد موقفه سوى أنّ “الضرورات تبيح المحظورات”، ما يعني أنّه لا يعتبر التعيينات في ظلّ الوضع الحاليّ أمرًا روتينيًا أو عاديًا، ولكنّه يعتبر أنّها قد تصبح “أمرًا لا بدّ منه”، إذا ما استوجبت الظروف ذلك، كأن يحصل الشغور في موقع الحاكميّة، الذي يدرك الجميع أنّه لا يعني سوى “الخراب الكامل والكارثة الكبرى”، خصوصًا إذا ما اقترن باستقالة جماعيّة لنواب الحاكم، تزيد الأمور تعقيدًا.
 
في المقابل، ينطلق “حزب الله” الذي أطلق موقفه قبل أسابيع طويلة، وقبل بيان نواب الحاكم الذي “خلط الأوراق”، ولو أعاد تكراره بشكل أو بآخر بعد البيان على لسان النائب حسن فضل الله، من واقع أنّ البلاد لا تحتمل المزيد من الانقسام، وأن إقدام الحكومة على التعيين من شأنه أن يعمّق الشرخ، خصوصًا في ضوء الموقف المسيحي الغالب الذي يعترض على مجرّد اجتماع الحكومة في ظلّ الفراغ الرئاسي، ما قد يعرّضه أصلاً للطعن في حال اتخاذه.
 
الأبعاد والتبعات
 
بهذا المعنى، يرى العارفون في التباين الملموس في الرأي بين الجانبين مجرّد “تمايز” قد لا تكون بعيدة عنه بعض الحسابات الخاصة بـ”حزب الله”، في علاقته مع حليفه المسيحي “التيار الوطني الحر”، وهو الذي يرغب في “ترميم” علاقته به، ويرفض الوقوع في فخّ “توتيرها أو تفجيرها”، ولو بدا “التيار” نفسه في مواقف بعض قياديّيه ومسؤوليه كمن يجرّ الحزب تلقائيًا إليه، علمًا أنّ الحزب يتجنّب حتى اليوم الردّ على “الإساءات” التي يتعرّض لها.
 
وفي حين كان لافتًا “تنويه” بعض قياديّي “التيار” بموقف الحزب في هذا الإطار، خصوصًا بعد تصريح النائب حسن فضل الله، الذي وُصِف في بعض الأوساط “العونية” بـ”المتقدّم”، وإن واظبت أوساط “عونية” أخرى على مواصلة “التصويب” على الحزب، يلفت العارفون بأدبيّات الحزب إلى وجوب “عدم تضخيم” الأمر، أو إعطائه أبعادًا مُبالَغًا به، فالحزب “ثبّت” بكلّ بساطة موقفًا كان قد أعلنه منذ شهر أيار الماضي، ولا جديد في ذلك بالمطلق.
 
باختصار، يقول العارفون: “لا خلاف ولا من يحزنون”، وبالتالي فلا تبعات محتملة للتباين، الذي إن صحّ، لن يكون الأول من نوعه، حيث يذكّرون بأنّ “حزب الله” خاض مثلاً بين عامي 2014 و2016، “معركة” العماد ميشال عون الرئاسية، فيما كان بري أول المعارضين لـ”تسوية” انتخابه، من دون أن تتأثر العلاقة الثنائية بينهما، بالنظر إلى التحالف “الاستراتيجي” بين الجانبين، الذي يتجاوز تفصيلاً من هنا أو هامشًا من هناك.
 

بمعزل عمّا إذا كان التباين قد حُلّ أم لا، بنتيجة الاتفاق على طريقة مقاربة ملفّ الحاكمية بعد انتهاء الشهر، قد يكون ما أثير عن “تباين” بين “حزب الله” و”حركة أمل” لافتًا لكثيرين، وربما نافرًا للبعض. الأكيد، وفق المعنيّين، أن “الخلاف” لم ولن يقع، علمًا أنّ “التحالف الاستراتيجي” لم يعنِ يومًا “ذوبان” أحدهما في الآخر، وهو ما أثبتته التجارب بدليل “صمود” العلاقة، وعدم “سقوطها” عند أول تباين، كما حصل مع أطراف أخرى!


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى