آخر الأخبارأخبار محلية

دعوة باريس لحوار بين القيادات اللبنانية قد تضع الطائف على مشرحة البحث والتعديل

مما لا شك فيه أن رياح التصالح الجديدة بين السعودية وايران شكلت تطوراً إيجابياً سينعكس على استقرار دول المنطقة وازدهارها في مرحلة لاحقة، إذا صدقت النيات وتم الاتفاق على تطوير مبادرات التصالح إلى مبادرات لتسوية الخلافات الاقليمية. لكن في خضم الاهتمام الإيراني-السعودي بحل ملف اليمن على وجه التحديد باعتباره الملف الأبرز والأهم لكلا البلدين، فإن لبنان لا يزال يدور في حلقة مفرغة ينتظر ويترقب أن يحين دوره في جدول اهتمامات الرياض وطهران.


يعني كل ذلك، أن مسار الحل في لبنان بعيد، وأن لا انتخابات قبل نهاية الصيف وان عودة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان في النصف الثاني من تموز الحالي لن تساهم في إنجاز تفاهم محلي حول انتخاب رئيس للبلاد، في وقت ترتفع أصوات تطالب بمؤتمر دولي حول لبنان وسط عجز القوى السياسية عن الحوار في ما بينهم، علما أن باريس تبدي خشية من استمرار الوضع على ما هو عليه في لبنان، وتجري اتصالات مع دول عربية من أجل الحصول على دعم لجمع رؤساء الكتل النيابية حول طاولة حوار.

تأتي المطالبة بمؤتمر دولي حول لبنان من قبل القوى المسيحية يتقدمها البطريرك الماروني بشارة الراعي ، بسبب عجز المسيحيين عن مواجهة ما يسمونه نفوذ حزب الله وهيمنته على القرار اللبناني ، وخوفا من ضياع رئاسة الجمهورية ومواقع مارونية أخرى من يد المسيحيين، يقول مدير مركز الابحاث والدراسات السياسية والاقتصادية في السعودية الباحث خالد الحربي لـ”لبنان24″. ويأمل المطالبون بالمؤتمر الدولي أن يتدخل العالم لإنقاذ النظام المهدد بالسقوط مع اعتياد الفراغ في المواقع المارونية الحساسة. وهذه الدعوة لا تأتي من الجانب السعودي خوفا على هوية لبنان، كما أن القوى المسيحية تعلن أن هدف المؤتمر الدولي هو تطبيق اتفاق الطائف وليس تعديله.

إن الدعوة للحوار إذا أتت من الجانب الفرنسي فهي خطيرة وربما مشبوهة، يقول الحربي، لأن حوار هكذا سيجري في ظل ميزان قوى مختل لمصلحة إيران وجماعاتها في لبنان وفي المنطقة، لأن طهران لم تنفذ بعد كل بنود الاتفاق السعودي الإيراني . والخشية أن يبدأ هذا الحوار في فرنسا، إذا حصل، تحت شعار انتخاب رئيس للجمهورية ليتحول بحكم واقع الأمور والاستعصاء القائم، إلى حوار حول طبيعة النظام اللبناني وهوية لبنان ووضع اتفاق الطائف على مشرحة البحث والتحليل والتعديل، مضيفاً: لقد سبق للفرنسيين بالتفاهم مع الإيرانيين أن طرحوا تعديل الطائف وإحلال المثالثة بين السنة والشيعة والموارنة محل المناصفة بين المسلمين والمسيحيين.

إن خطأ المبادرة الفرنسية في توقيتها أنها أتت لتؤكد، بحسب الحربي، دور حزب الله المهيمن من خلال ترشيح حليفه وحليف دمشق رئيس تيار المرده سليمان فرنجية للرئاسة، في مقابل تولي شخصية مقربة من الأميركيين أي السفير نواف سلام لرئاسة الحكومة. لقد ظنت باريس أنها تستطيع إحياء معادلة سابقة حكمت لبنان خلال مرحلة التفاهم الأميركي – السوري – السعودي الذي ترجم برئاسة الرئيس الراحل الياس الهراوي ثم الرئيس إميل لحود للجمهورية في مقابل ترؤوس الرئيس الشهيد رفيق الحريري الحكومة، لكن فات الفرنسيين أن الظروف اليوم تبدلت جذرياً، أو أنهم فهموا ذلك ولكنهم يسعون إلى إعادة إنتاج الظروف نفسها.

ولذلك يمكن القول، وفق الحربي، إن المبادرة الفرنسية تلقت إشارات سلبية، ولكنها في الحقيقة لم تَمُت، وأن نجاحَها يبقى ممكنا إذا دخلت السعودية على الخط وأيدتها بقوة، مع إشارته إلى أن واشنطن لا تهتم لرئاسة الجمهورية بقدر ما تهتم بموقعي قائد الجيش وحاكم مصرف لبنان. ولهذا فإن العقدة اليوم أمام هذه المبادرة هو الموقف من النظام السوري، والتفاهم (الضمني) مع إيران.

الأكيد، أن لبنان ليس أولوية سعودية لأنه تحول في السنوات الأخيرة إلى ورقة إيرانية خالصة، بسبب هيمنة حزب الله وعجز أو تواطؤ أو جهل القوى اللبنانية الأخرى، يقول الحربي. والمفارقة أنه خلال تلك السنوات لم تتوقف المملكة عن دعم لبنان ماليا ، ولكنها حصلت على نتائج عكسية تماما ، فقررت ترك لبنان لأهله ولصراعاته، لانه لا يشكل أي أولوية للأمن القومي السعودي، والتهديد الوحيد هو في موضوع تهريب المخدرات وقد عالجته المملكة وهي تعالجه الآن إلى حد بعيد، مع السلطات اللبنانية ومع السلطات السورية خصوصاً.

أمام كل ذلك، تطرح تساؤلات حول صحة المساعي لجمع حزب الله والسعودية، ولماذا لم يحصل بعد أي لقاء بين حزب الله والسفير السعودي وليد البخاري؟

يقول الحربي: لم تحصل أي مساع جدية لجمع السعودية والحزب لأن الجانبين غير مهتمين. فالمملكة لا تعير اهتماماً للبنان من جهة، وهي تعمل مع الجمهورية الإسلامية على ترتيب ملفات أخرى أكثر أهمية وخطورة. وإذا رغبت المملكة بتواصل ما مع الحزب فسيكون للبحث بأمور إجرائية لا أكثر ، لأن التفاهم السياسي يتم مع الأصيل أي طهران وليس الوكيل. ومن جهة الحزب لم يتلق أي إشارات إيرانية بالانفتاح على السعودية، وهو يعلم أنه لو تم التواصل فسيكون لمسائل إجرائية فقط. ومع ذلك، فإن اللقاء والتواصل قد يحصل، وفق الحربي، في مرحلة لاحقة، أي بعد ترتيب كامل لعلاقات الرياض – طهران، والرياض – دمشق.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى