آخر الأخبارأخبار محلية

لماذا هذا التوقيت الغجري الآن؟

… ويسأل سائل، وفي سؤاله بعضٌ من البراءة السياسية: لماذا أقدمت قوات الاحتلال على ضم الجزء الشمالي من قرية الغجر إلى القسم المحتل من القرية في هذا التوقيت، الذي تُرسم حوله الكثير من علامات الاستفهام  والتعجب؟ ومن بين هذه الأسئلة الكثيرة واحد لا يمكن إلاّ طرحه، وهو: لماذا أقدمت إسرائيل على هذا الإجراء غير القانوني وغير الشرعي قبل نحو شهر من التجديد الدوري لقوات “اليونيفيل” العاملة في الجنوب، مع ما يمكن استتباعه من  استنتاجات تضع هذه المنطقة الحسّاسة جدًّا على فوهة بركان لا يعرف أحد متى سينفجر، خصوصًا أن الوضع على الحدود مع فلسطين المحتلة يبقى مفتوحًا على شتى الاحتمالات الأمنية والعسكرية، التي لن تكون لمصلحة إسرائيل بالطبع، وتبعًا لموازين القوى وموازين الردع؟ 

فأطماع إسرائيل المباشرة وغير المباشرة واضحة وقديمة، وهي تقوم على فرض واقع جديد تستكمله في كل مرّة ترى فيه تل أبيب نفسها محشورة داخليًا وأمام الرأي العام العالمي، الذي لا يرى في الكيان الإسرائيلي سوى دولة غاصبة ومغتصبة لحقوق الشعبين الفلسطيني واللبناني، وإن بدرجات متفاوتة.  

ردّ “حزب الله” على هذا الاجراء لم يتأخر، وهو الذي أكد أن القسم اللبناني الذي ضمته اسرائيل تعترف به الامم المتحدة باعتباره جزءًا من الاراضي اللبنانية لا نقاش فيه ولا نزاع حوله، واعتبر “أن هذه الاجراءات الخطيرة والتطور الكبير هو احتلال كامل للقسم اللبناني من بلدة الغجر بقوة السلاح وفرض الامر الواقع فيها وهو ليس مجرد خرق روتيني مما اعتادت عليه قوات الاحتلال بين الفينة والاخرى.  

فهل يمكن اعتبار ما صدر عن “حزب الله” بمثابة البيان رقم واحد، وهو يحمل انذارًا شديد للهجة لكافة الاطراف بضرورة تحمل مسؤولياتها، والا فستكون له خطوات عملية، لم ولن يكشف عنها الآن، وانما ستكون رادعة وتعيد الامور الى نصابها، لكن المجال لا يزال راهنًا مفتوحًا امام المعالجات الديبلوماسية الهادئة. 

فإسرائيل تعرف مسبقًا أن “حزب الله” لن يقف مكتوفًا أمام هذه الإجراءات الاستفزازية، وأنه ستكون له بالطبع ردّة فعل مرتقبة، ولكن بعد أن يكون لبنان الرسمي قد قام بدوره الديبلوماسي من خلال الاتصالات، التي ستقوم بها الخارجية اللبنانية في الأمم المتحدة، ومع الدول الأوروبية، التي يمكن أن تؤثرّ على القرار الإسرائيلي الداخلي، لكي تتراجع تل أبيب عن هذا الأجراء، الذي يمكن أن يفجرّ المنطقة في غفلة من الزمن، مع ما سيكون لهذا الاهتزاز العسكري والأمني من تداعيات على استقرار المنطقة المقبلة على مرحلة معالجات هادئة للملفات الساخنة. 

ولأن من يدعم اسرائيل من الدول الغربية، وفي طليعتها الولايات المتحدة الأميركية، يدركون خطورة اللعب بـ “النار الجنوبية” في هذه المرحلة المفصلية، سيحاولون الضغط على الحكومة الإسرائيلية للتراجع عن هذا الاجراء المتسرّع والمتهور في آن، إلا إذا كانت تل أبيب تهدف من وراء ما أقدمت عليه “الحركشة”، وذلك من أجل حشر “حزب الله”، كما تظّن، في زاوية عدم قدرته على التحرّك بعدما تراجع نفوذه في البيئة اللبنانية على أثر تضاؤل إمكاناته التأثيرية المباشرة على الساحة الداخلية، وهو الذي يبدو مربكًا أمام عدم قدرته على فرض مرشحه الرئاسي كما فعل في العام 2016. 

أمّا “حزب الله”، ووفقًا لتجاربه السابقة، فيستطيع أن يكسر هذا الطوق الداخلي، وذلك من خلال ما يمكن أن يقدم عليه من خطوات قد تصبّ، تبعًا للمعطيات المتوافرة لدى بعض الأوساط القريبة من مركزية القرار في حارة حريك، في خانة تعزيز مواقعه، خصوصًا إذا تمكّن من فرض واقع جديد قد يحتمّ على تل أبيب الانسحاب من الجزء اللبناني لقرية الغجر. 
فـ “حزب الله”، ووفق هؤلاء المقربين، هو أقوى من أي وقت مضى، وذلك على عكس ما يظنّه العدو.  


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى