آخر الأخبارأخبار محلية

الوكالة الوطنية للإعلام – الخطيب: مسؤولية التفلت الاجتماعي والاخلاقي تقع على الدولة التي أجهض السياسيون جناحها وجعلوها عاجزة عن القيام بواجبها

وطنية –  ادى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب الصلاة في مقر المجلس، وقال في خطبة الجمعة: “بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله الطاهرين وأصحابه المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين والشهداء والصالحين والسلام عليكم ايها الأخوة المؤمنون والاخوات المؤمنات ورحمة الله وبركاته. {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} إنها الآية ما قبل الأخيرة مما تلقاه رسول الله من الوحي القرآني، اما المكان فهو غدير خم في طريق عودة رسول الله lن الحج، في العاشر من ذي الحجة في حجة الوداع وسميت بحجة الوداع لأن رسول الله أبلغ أنه يوشك أن يدعى. وفي الوقائع أن رسول الله وهو مار في طريق عودته من الحج في منطقة تسمى بغدير خم نزل جبرائيل عليه بالآية فدعا بالنزول فيها وجمع الحجيج قبل أن يتفرقوا حيث الغدير مفترق طرقهم. وفي حر الظهيرة فصلى بهم ثم وقف خطيبا وقال: ألست أولى بالمسلمين من أنفسهم قالوا بلى وكررها عليهم ثلاثا ثم أخذ بإبط علي بن ابي طالب  حتى بان بياضها وقال: الا من كنت مولاه  فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاده وانصر من نصره واخذل من خذله وادر الحق معه حيثما دار، ثم أمر أن تنصب له خيمة وبايعه المسلمون واحدا واحدا يقولون له: بخ بخ لك يا علي أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، فنزل قول الله تعالى وكان آخر ما نزل من الوحي”.

أضاف:”عن المفضل بن عمر قال: قلت للإمام جعفر الصادق: «كم للمسلمين من عيد؟ فقال: أربعة أعياد. قلت: قد عرفت العيدين والجمعة، فقال لي: أعظمها وأشرفها يوم الثامن عشر من ذي الحجة، وهو اليوم الذي أقام فيه رسول الله أمير المؤمنين ونصبه للناس علما، قلت: ما يجب علينا في ذلك اليوم؟ قال: يجب عليكم صيامه شكرا لله وحمدا له، مع أنه أهل أن يشكر كل ساعة، كذلك أمرت الأنبياء أوصياءها أن يصوموا اليوم الذي يقام فيه الوصي ويتخذونه عيدا» أيها الاخوة والاخوات، إن معنى الولاية لعلي ولأبنائه المعصومين هي الائتمار بما أمروا به والانتهاء عما نهوا عنه، قال تعالى: “واطيعوا الله ورسوله واولي الامر منكم”، وقال رسول الله : “فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين فنادى مناد: وما الثقلان يا رسول الله؟ قال: الثقل الأكبر كتاب الله طرف بيد الله عز وجل وطرف بأيديكم فتمسكوا به لا تضلوا، والآخر الأصغر عترتي، وإن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يتفرقا حتى يردا على الحوض فسألت ذلك لهما ربي، فلا تقدموهما فتهلكوا، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا. لقد استحق علي هذه القيادة لأنه الاعلم وقد شهد له رسول الله بهذه الشهادة فقال : “علي أعلمكم وعلي أقضاكم وعلي اشجعكم”، وقال فيه يوم خيبر: “لأعطين الراية غدا لرجل (وعنى عليا) يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار يفتح الله على يديه”، لم يقل في غيره واحدة مثلها”.

تابع:”علي الذي خاطب الدنيا التي طلبها غيره وطلقها ، وهو القائل : “وأحذركم الدنيا فإنها منزل قلعة، وليست بدار نجعة، قد تزينت بغرورها، وغرت بزينتها، دارها هانت على ربها، فخلط حلالها بحرامها، وخيرها بشرها وحياتها بموتها، وحلوها بمرها، لم يصفها الله تعالى لأوليائه، ولم يضن‏ بها على أعدائه. خيرها زهيد وشرها عتيد وجمعها ينفد، وملكها يسلب، وعامرها يخرب”. ولم يكن زهده فيها عن عجز عنها وإنما عن قناعة بحقيقة امرها وفي ذلك يقول: “ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه “ثوبين باليين” ومن طعامه بقرصيه،…. وقال: “لو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفى هذا العسل ولباب هذا القمح، ونسائج هذا القز، ولكن هيهات أن يغلبني هواي ويقودني طمعي إلى تخير الأطعمة…. أأقنع من نفسي أن يقال هذا أمير المؤمنين، ولا أشاركهم في مكاره الدهر، فما خلقت ليشغلني أكل الطيبات، كالبهيمة المربوطة همها علفها. لقد عاين أمير المؤمنين الحق في فهمه للحياة فأراد لنفسه ان يكون في القمة التي لا ينالها الا من ارتقى في سلم الانسانية وقيم الحق والجمال وليكون المعلم الاول في هذه المدرسة بعد استاذه الاول محمد الذي ارتقى به في مدرسة المعرفة والاخلاق عن الداني من اتباع الغرائز واللذائذ والشهوات، فعلي الامام للعالمين بهديه يهتدي الخلق ولن ينزل بنفسه إلى أن يكون كالبهيمة المربوطة همها علفها لا تدري ما يفعل بها: “فما خلقت ليشغلني أكل الطيبات كالبهيمة المربوطة همها علفها، أو المرسلة شغلها تقممها تكترش من أعلافها وتلهو عما يراد بها، أو أترك سدى أو أهمل عابثا، أو أجر حبل الضلالة، أو أعتسف طريق المتاهة”.

وقال: “أيها الاخوة والاخوات، ان سلوك علي مرتبط بنهج نبوي معرفي وتفسير منطقي عميق للكون والحياة، و لم ينطلق من قصور رأي أو معرفة ولم تأت معارفه من تجارب استكملها بالتجربة الذاتية، وإنما يقين من علم علمه الله اياه بواسطة نبيه لما كانت لديه الاستعدادات التي تمكنه من فهم واستيعاب ما يلقاه، (علمني رسول الله ألف باب من العلم ينفتح لي من كل باب ألف باب. ويخاطبه رسول الله: “أنت اخي ووارثي وخليفتي ووصي” وما أشبه هذه الالقاب وسواها مما اغدقه على علي الذي آمن بالعدالة مبدأ في الحياة لا يحيد عنه قيد أنملة مهما كانت المبررات لأنه يرى أن المصلحة في الحفاظ على المبادئ أهم من اي مصلحة اخرى يرفض ان يداري أو يواري. ولم يكن علي كغيره يفلسف الظلم والجور والطغيان ويعطيها صفة الواقعية، كهؤلاء الذين ليس لديهم نافذ البصيرة لإدراك عمق الحقائق والمصالح ووقفوا عند سطح الأوهام التي أوحتها لهم الغرائز.
إن عظمة علي في التزام موجبات المبادئ والوقوف عندها لأعظم من نفس المعرفة بها فكم يوجد من عرف ولكن لم يستطع ان يلتزم الذين عاب عليهم الله: ” يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون”. وهم انما يقولون ما يعتقدون ولكنهم خلافه يفعلون ، هؤلاء أخطر نماذج الانحراف على الدين والمجتمع.  فقد ثبت دائما أن عنصر الدين والعقيدة هي من اهم عوامل التأثير في المجتمعات في حالتي السلب والايجاب، ففي حال الايجاب يدعو الإيمان الواعي الى الاخذ بيد المجتمع نحو الصلاح والاستقرار النفسي والاجتماعي والاخلاقي والاعتدال في التفكير ويبعده عن التطرف الذي غالبا ما يكون وليد الجهل المركب حيث يكون جاهلا في الأساس فيتأثر بادعاءات تجار المعرفة بالدين الذين غالبا ما لا يكون لديهم عمق المعرفة بالدين، يعودون الى بعض المؤلفات الحديثية التي تحتوي على الغث والسمين والتي تحتاج في تنقيتها وتقييمها إلى أهل الاختصاص سواء على مستوى الفهم لمضمونها ، أو على مستوى معرفة صحيحها من سقيمها أو من الذين استهوتهم الشياطين يستخدمون الدجل الديني بابا من أبواب الوجاهة والدنيا يبيعون دينهم بدنياهم ويضلون الناس عن الحق يستغلون جهل الجاهلين والفراغ الروحي  للذين ليس لهم من يوجههم التوجيه الديني والفكري الصحيح وينبههم إلى الوقوع في شراكهم  ومن شر هذه المزالق حتى تخرج علينا كل فترة ظواهر خطيرة ذات توجهات انحرافية تأخذ الطابع الديني والعقائدي وتجد لها مقبولية عند بعض الشرائح الاجتماعية مما يستدعي العمل الجاد لمعالجتها ومحاصرتها والمنع من انتشارها وتوسعها بالطرق العلمية والتوجيهية والتربوية اللازمة بعد دراستها والتعرف على أسبابها فقد تكون متعددة، فبالإضافة إلى عامل الجهل الديني والاجتماعي وانعدام الوعي هناك العامل النفسي الناتج عن الازمات التي يعيشها كثير من الشباب وهي متعددة الجوانب  ومعالجتها  اضافة الى الحاجة للعلاج والتوجيه النفسي والديني ومواجهة العناصر التضليلية المتفلتة والتي تعتاش مستغلة المظهر الديني وتستظل أحيانا إما بالعائلة أو العشيرة أو التنظيم، هذا بالإضافة إلى سائر مظاهر التفلت الاجتماعي والاخلاقي مما يوجب اعادة النظر ابتداء من السلطات ذات التأثير التربوي والثقافي والاعلامي والديني بالسياسات المتبعة على هذا الصعيد ،كما ان الجمعيات الأهلية والأسرية الناشطة والحوزات الدينية والعاملين في المجال الوعظي وخدمة المنبر الحسيني يتحملون قسطا من المسؤولية في التنبه من أخطارها ومعالجة اسبابها ومحاصرتها”.    

ختم:”المسؤولية الكبرى تقع على الدولة التي أجهض السياسيون جناحها وجعلوها عاجزة عن القيام بهذا الواجب، وهذا واحد من أخطر الجرائم التي ارتكبت في حق المجتمع اللبناني وتهدد مستقبل الأجيال فيه وكلما تأخر العلاج للمريض فإن إمكانية الاستجابة له تصبح ضئيلة إن لم تكن مستحيلة، لكن من نخاطب وقد صموا الآذان عن السماع وحتى لو سمعوا فهم كالحجارة او أشد قسوة، فعلى اللبنانيين ألا يكلوا من طرقها بما هو أقسى فالحديد لا يلينه سوى النار، نأمل الا يكون هذا هو الحل.   أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا} صدق الله العلي العظيم”.

           =============== ج.س


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى