الوكالة الوطنية للإعلام – وزير العدل في حفل تأبيني للقاضي عبد اللطيف مصطفى الحسيني: نوره سيبقى مشعا وخالدا بيننا نتذكره كلما اشتد الظلام
وطنية – أقيم حفل تأبيني للقاضي الدكتور عبد اللطيف مصطفى الحسيني، بدعوة من نقابة المحامين في بيروت، في قاعة المؤتمرات في بيت المحامي، برعاية وحضور نقيب المحامين في بيروت ناضر كسبار. والقيت كلمات لكل من وزير العدل في حكومة تصريف الاعمال القاضي هنري خوري ، الوزير السابق رشيد درباس، والنقيب كسبار ، الرئيس الاول لمحكمة التمييز شرفا القاضي الدكتور غالب غانم، نقيبة المحامين في الشمال ماري تيريز القوال ، القاضي شكري صادر ونجل الفقيد المحامي نائل الحسيني. في حضور وزير التربية القاضي عباس الحلبي،وزير الثقافة محمد مرتضى ممثلا بشوقي ساسين،رئيس مجلس القضاء الاعلى سهيل عبود، مفوض الحكومة لدى ديوان المحاسبة القاضي جوزيف خميس، النائب العام المالي علي ابراهيم،قضاة ومحامين واصدقاء الفقيد وعائلته.
كسبار
النشيد الوطني ونشيد النقابة والقى النقيب كسبار كلمة قال فيها: “أهكذا، وفي أسرع من وجع النفس، يسكت الصوت العالي، ويسكن العصب الثائر، ويهدأ الذهن المتوقّد، ويقف القلب الكبير. أهكذا تنتهي فصاحة النطق، وغزارة الفضل، وثبات الجأش، ونزاهة النفس؟. ويصبح القاضي الدكتور عبد اللطيف الحسيني نعياً، ووجعاً يتمدد في وجع ويزيد عليه؟. أهكذا، وفي لحظة يصمت الروض الغرد، وتسكن الدنيا اللاعبة، ويقبح الوجود الجميل؟
ليت الموتَ، كان معتكفاً كما كان القضاء العدلي، لكان الحبيب عبد اللطيف الحسيني حيّاً بيننا.
نخسرهم يوماً بعد يوم ونحزن على فراقهم. وكما كتب لي الإعلامي الرصين جورج غانم: “كل يوم تودع رفيقاً أو عزيزاً أو زميلاً. مثل الواقف حاجباً على باب الحزن”. حزنك طويل كشجر الحور على ما قاله الماغوط.
كان القاضي عبد اللطيف الحسيني كثير الإطلاع، وافر الحرمة، كريماً ممدوحاً، متصالحاً مع نفسه ومع اللآخرين. تعب كثيراً في عمله في القضاء، وتنقل في مراكز كثيرة في بيروت وبعبدا والشمال. وأعطى من علمه ووقته. وتقاعد. مخفي مسرحية “بترا” يصدح صوت نصري شمس الدين: “مبارح أنا ودعتهم كانوا شباب …” ويسأل: “كيف بدقيقة الناس بيخلصوا”؟. إلا أن الجواب أتاه فوراً من السيدة فيروز: “أتاري الأحبة عا غفلة بيروحوا وما بيعطوا خبر”… نعم. ما إن إرتاح الرئيس الحسيني من مشقات العمل حتى خطفه الموت من بيننا، وهو الذي كان يعلم ان الحياة لا تساوي شيئاً ولكن شيئاً لا يساوي الحياة كما يقول فولتير:
“La vie ne vaut rien mais rien ne vaut la vie”.
بهذه الشجاعة، وهذا التسليم لمشيئة الله، وهذا الإرتفاع عن الآن، والإستعداد للأبد، ترك الدنيا وكأنه يذكر كلاماً لجان درومسون “Qui veut la vie, accepte la mort”
نقدم مجدداً تعازينا الحارة للجسم القضائي، ولعائلته ومنهم زميلنا الأستاذ نائل ولأصدقائه ومحبيه.
ونتمنى للرئيس العزيز أن يلاقي عند ربه ما لم يلاقيه على الأرض من محبة ووئام ووفاق بين البشر. ونختم قائلين: البحارة الكبار لا يموتون. إنهم فقط لا يرجعون. رحمه الله”.
الخوري
والقى الوزير الخوري كلمة قال فيها: “عبد الله الواحد لطيف المعشر بشوش الوجه حسيني جمع في شخصه صفات حميدة يعترف بها كل من عرفه صدق فيه القول ان لكل امرئ من اسمه نصيب. نلتقي اليوم لنحيي معا ذكرى وفاة القاضي الدكتور عبد اللطيف الحسيني الذي نفقد برحيله قامة كبيرة من القضاء اللبناني لحقت بقامات خسرتهم العدالة ولبنان يرحلون الواحد تلو الاخر تاركين في نفوسنا فراغا سحيقا قد تملاه الذكريات الجميلة التي قضيناها سوية في زمن العدلية الذهبي. فقد كان الزميل المرحوم عبد اللطيف الحسيني مثالا لما يجب ان يكون عليه كل قاض بتواضعه ودماثة اخلاقه وغزارة علمه وترفعه وتحفظه عن كل ما قد يمس صورة القضاء وهيبته. ذو شخصية جامعة في احلك الظروف التي مرت على لبنان راكم الصداقات والود اينما عمل قد لا تجد له عدوا بسبب رافته ولين معشره احبه كل من عرفه واحترمه كل من تعرف عليه وترحم عليه كل من سمع باسمه لانه جافى الظلم في كل مسيرته القضائية منذ بدايتها وحتى اخر المراكز التي تبواها كرئيس اول لمحاكم الاستئناف في الشمال ثم مفوضا للحكومة لدى مجلس شورى الدولة. وفي هذه المناسبه الاليمة ننحني امام حكمة الخالق عز وجل ان كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام ونساله ان يمد القضاة بالقوة والعزيمة ليكملوا سيرة ومسيرة من خلدوا اسماءهم وخلدوا القضاء امثال الزميل المرحوم عبد اللطيف الحسيني. ضوء جديد غادرنا الى ديار الحق لكن نوره سيبقى مشعا وخالدا بيننا نتذكره كل ما اشتد الظلام وداعا ايها الضوء المسافر لروحك الرحمة ولكم من بعده طول البقاء”.
غانم
وأما غانم فقال من جهته: “في هنيهة خاطفة من هنيهاتت الزمن الهارب وفي قبضة عام واحد ها هم يرحلون قامة بعد قامة من افراد الكوكبة المعهدية الثلاثينية واصدقاء العقود الخمسة ورفاق المواسم القضائية الرحراحة. سامي منصور ورشيد مزهر وعبد اللطيف الحسيني كنت بهم غنيا لان المرء غني باخيه ومعتزا لان المناعة والحكمة والاكف البيض هي بعض علاماتهم ومطمئنا لانهم عرفوا كيف يحرسون امانات الحق فارحمهم يا الله وارحمني. آخر الاحبة في طقس الغياب القاضي والدكتور والاستاذ الجامعي والرئيس الاول الاستئنافي وعضو مجلس القضاء الاعلى ومفوض الحكومة لدى مجلس شورى الدولة ونائب رئيس مكتبه ومواكب هذه الدرجات من روافد واحمال ووجوه ونجاح اخر الاحبة الراحلين عبد اللطيف الحسيني عرف كيف يصون هذه المواقع ويعضدها ببذله وحسبه ويزيدها جلالا بلقب شريف تحذر اليه عن الاسلاف الاعلين المباركين كنا نخاطبه به مرارا تدليلا او احتفاءا ولفرط ما هو سيد في علائقه الانسانية والتزامه القضائي حمل اللقب بشجاعة الموقف. بالحرص على عداله القرار وعدالة العقوبة اذا اقتضاها المقام وبابعادها عن حميا الهوس ومزالق التطرف كان sénèque الروماني يتوجه الى نيرون وهو اظلم من ظلم بقوله ان العقوبة العادلة هي تلك المتوازنة لا المفرطة او المتهورة. وحمى اللقب بعليا الفضائل. بالتوفيق ما بين داعي الود والدماثة وداعي المسافه والمهابة. بالموازنة ما بين مقتضى الوداعه ومقتضى الاباء. بصد كل هوى ينال من عزة القاضي. باجتناب التخطر والتباهي والغطرسة. فالغرور درب الى السقوط كما جاء في العهد القديم. ويا ايها الناس ان وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور على ما جاء في الآية المباركة فاطر/5. ومن اغتر غرر به ومن تغاوى تهاوى.
ذات عثرة كادت تجعل التشكيلات القضائية عصية بعد ان تنازت تنازعتها الشهيات والاشراك سحابة سنوات خمس ضمنا مجلس القضاء الاعلى مطلع العام 2009 فانجزنا بمشاركة سائر الزملاء مشروعها الذي سرى في طريقه كما يسري الماء في منحدر او كما يصعد السهم في افق نقي الطوالع. وكانت لعبد اللطيف بمناسبته مساهمات ومزايا هيهات ان تنسى. ليان لا يغلق ابوابا ولا يصطنع عقبات. انسام مصالحة وصلاح اشاعها في الارجاء وحملها طوال عمره القضائي. راي سديد يفسح محل للتبادل والتفاعل. اقتناع بان الهيئة الموكلة اليها هذه المهمة هي سلطة دستورية مستقلة متراصة لا فرع من سلطة ولا مجموعة جزيئات وتشظيات طائفية. وكان ان زكت المراجع الرسمية المختصة انذاك ما قمنا به وهي حالة صارت تسجل في خانة النادر او البعيد المنال. فمثل هذه المواسم بات مالوفا وممضا ان تنشب معارك ضارية وتستعر نيران في الاوساط السياسية والقانونية والشعبية حول مدى صلاحية السلطة التنفيذية في جعل التشكيلات تبصر النور. اجواء شقاق. قلاع في وجه قلاع. اسهم كلامية واسهم نارية. براعات تقوض مؤسسات. طفيليون يحاولون اللعب بمناقلات القضاة كما يلعبون بحبات سبحاتهم.. الخاسر الكبير هو القضاء الخاسر الاكبر هو الناس الطيبون المغلوبون على الامهم وامالهم واموالهم وكراماتهم!. يا رفيق العقود الخمسة منذ ايام القضاء الابكار حتى الشطر الاخير الذي سلمنا به الامانة وحافظنا على العروة الوثقى التي تربطنا بماضينا العزيز… انتمينا الى القضاء يوم كان في اعلى الذرى يضارع وينافس ارقى الانظمة القضائية ويوم كان الاشقاء العرب يلوذون بمعهده ويستنيرون باجتهاد اعلامه.
نهلنا من الروح الاستقلالية الحصينة لدى الاباء القضائيين كما ينهل العطاش من الماء النمير وايقنا ان استقلال القضاء لا تعوزه قوانين فضفاضة لان امضى الاسلحة هو الكامن في الداخل وفي ثنايا القرار وعلى شق القلم… الف مادة قانونية تعالج قاعدة الاستقلال وتشبعها تنظيرا ونحتا لا تعادل تصميم قاض قرر ببساطة صد الراغبين في تسخير ضميره وزعزعة مناعته وحياده. خضنا غمرات القضاء اوان الصفاء واوان الضوضاء في الايام الرخية وفي الايام العصيبة ومارسناه تحت خيام القواعد والمناقب التي التزمنا بها وهي قواعد ومناقب لا تتبدل بتبدل الاحوال. جانبنا اهل الود المزيف وارباب اصطياد الفرص. ولم ننسى، أواه… ان بيروت كانت ام الشرائع ومرضعتها وفوق ذلك لن ننسى انها كانت ذات يوم ليس بالبعيد كعبة العلماء وربة الشعراء ورئة الاحرار وملتقى العرب ومشتكاهم وقبلة الهيامى بالشرق الجميل. وكانت عصية على المحاكاة فهي تحتذى ولا تقلد تغبط ولا تنال منها عين ترشق بالسهام فلا تطال علياء روحها. تحمل اغمار عمر فوق اغمار وتظل في الريعان تبدل مناديل حزنها حينا بعد حين وتحافظ على زهوها واعراس قلبها تتغاوى على شاطئ الازرق الفتان ولا تنافسها حورية بحر.
يا صديقي الغالي استذكرت ما استذكرته بصيغة الجمع حتى استعيد حقائق وماثر ومسرات واحيانا مكابدات عشناها معا لكنني اعود الى عزلة المفرد والى طوايا الزات فاراهما طافحين بالاسى على غيابك قاضيا علما ونفسا كبيرة وصديقا طابت وطالت معه المودات”.
القوال
والقت نقيبة المحامين في طرابلس ماري تريز القوال كلمة قالت فيها: “في عالم القضاة مقولة يرددها جلهم ان الواحد منهم ياتي الى طرابلس من غير رضى ويغادرها على كره. ذلك ان في المدينة بل في الشمال كله سحرا انسانيا ينسكب على القلوب والخلجات فاذا القادم من بعيد نزيل قربى وصاحب دار وفرد من عائلة صغيرة تضم من القضاة ما دون الخمسين ومن المحامين اكثر بكثير فينعقد ما ينعقد من الاخوة والصداقات على مرضاة الحق واحترام التحفظ. انه الاجتهاد الاول الذي يكتبه كل قاض ياتي الى الشمال والمصنف الاخير الذي يحمله معه او يتركه خلفه حين يغادر للتقاعد او الى مناصب اخرى. هذا الكلام يا سادتي ليس لي لكنه خلاصة ما سمعته من الرئيس عبد اللطيف الحسيني صبيحة التقينا مصادفة على مدخل نقابة المحامين في طرابلس منذ مدة غير بعيدة دار الحديث بيننا وقوفا عند البوابة الخارجية اذ كان يستعجل الرجوع الى بيروت لانشغالات لم يبح بها. لوددت حين بلغني نعيه لو انني اكثرت من الاصرار عليه يوم ذاك بالبقاء فلقد مضني ان ينقضي في شبه طرفة عين موعدنا الاخير غير المرتقب وان كانت ستبقى محفورة في البال طويلا تلك الدماثة المنسكبة من شفتيه انسكاب العدالة من توقيعه على القرارات والاحكام ومضبطات الاتهام. في تشرين الثاني من العام 2010 ان انتخبت الى عضوية مجلس النقابة بجانب النقيب الحبيب بسام الدايه وكان الرئيس الحسيني قد غادر رئاسته الاولى في طرابلس مخليا مركزه لخلفه الرئيس الصديق رضا رعد والرئيس الاول عندنا مع النقيب هما اللذان يرعيان علاقات القضاء بالمحاماة في كل ما يعتريها فما كان لي والحالة هذه ان اعيش شخصيا ابعاد تلك العلاقة معه على صعيد العمل النقابي لذلك لن اشغل هذا المنبر باداء شهادة عنه بالسماع لا يبيحها القانون اصلا في الوقت الذي سمعتم فيه شهادات عيان اجمعت على مناقبه. انا هنا لامر واحد فقط ان أرش على ذكراه شيئا من ماء الزهر الطرابلسي وبعضا من شذى الارز في اعالي جرحه المفتوح على جانبي قرنته السوداء حيث اتشح الابيض بالاحمر منذ ايام ومسحة زيت من كورة بها الزيتون صومعة الدهر وانحناءة ظل باك من الضنية الى المنية وخضرة من اقاصي عكار المنسية في حضن الحرمان وغمامة صيف من سماء اهدن وغصة ليمون من البترون انا هنا بكل هذا الميراث الشمالي يعلن باعلى حناجر الوفاء ان عبد اللطيف الحسيني كان واحدا من اهل تلك الارض في قيد عاطفته ان لم يكن في قيد نفوسه في هواه ان لم يكن في هويته وان لبنان اذ يفقد وجوها قضائية مثله بالموت او التقاعد او الاستقالة يخسر وجهة التعافي والخلاص ولاعلن ايضا اننا في الوقت عينه مؤمنون بان في السلطة القضائية اغلبية عظمى من ذوي العلم والاخلاق والمناقب عليهم يعول الناس كلهم لان المهابة لا تزال تقطر من صمتهم وصبرهم على ضنك الوطن. فيا ايها العزيز الراحل حزن غيابك يحتل منعطفات الكلام ولا يترك لشكاة اخرى ان تزاحمه الطريق. لذلك ساصمت عن ماسينا الكثيره تلك التي لا تنفع فيها الخطابات بل الاعمال لكن من اين ناتي بالعمل والزمن الراهن للتعطيل؟. على هذه الارض مقعد في القضاء سرت الى اعلى ناشرا حسنياتك اللطيفة حيثما حللت الان انت على مقعد صدق عند مليك مقتدر فسلام عليك وروح وريحان”.
درباس
وتحدث الوزير والنقيب السابق رشيد درباس فقال: “بين الحسن والرضا كان الحسيني اللطيف واسطة عقد ووشيجة ود وسلاسة قيادة وتمام قلادة. اثناء ممارسة مهنة المحاماة عاصرت رؤساء أول لمحكمة استئناف الشمال هم اديب نصيف الفريد الحاج يوسف جبران وجان باخوس ونديم عبود وميشال تركية رحمهم الله وكذلك الرؤساء فؤاد ضاهر وارز علم وحسن الحاج ورضا رعد متعهم الله بالصحة والعافية فكانوا كلهم من سياق واحد يقومون على حسن انتظام المحاكم بوداعة وليونة وصمت معبر فلم يكن ايهم يحتاج الى مصاحبة صنج او منصات صخب. من الصميم من هؤلاء ذلك اللطيف الذي رحل عنا بلطفه المعهود فلم ينزل ولم يؤشر بل باغتنا بانطفائه من غير ان تنطفئ له ابتسامة فكانه المعني بقول الجواهري:
يزم فم فما تفضي شفاه/ ويخفي السر لولا المقلتان
على مؤقيهما مرح ولطف/ وانساناهما بك متعبان
تفيض طلاقة وتذوب رفقا/ ووحدك انت تدري ما تعاني
عندما تولى الفقيد العزيز الرئاسة الاولى كنت ازوره بشكل متواصل لنتبادل الرؤى حول قصر العدل الجديد الذي كان رسمه يتصدر غرفة مكتبه فيما الورشة تتراوح بين تعثر وانطلاق. ثم ذهب الى مفوضية الحكومة في مجلس الشورى، من غير ان تتاح له فرصة الانتقال الى الصرح الذي كان له في فضل اسهام والذي دشنه فخامة الرئيس ميشال سليمان بحضور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير المالية محمد الصفدي ووزير العدل شكيب قرطباوي انذاك فقطف الرئيس رضا رعد ثمار مساعيه ومساعي سلفه وانتقل الى القصر الجديد ولم يغادره الا عند التقاعد. لابد من التذكير في هذا السياق ان الزميل العزيز النقيب سمير الجسر اثناء توليه لوزارة العدل كان يشرف على الصغيرة والكبيرة سواء في المخططات او التنفيذ مع المهندس المرحوم ريمون روفايل.
استجابة لتوجيهات الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي كنت ازوره في نهاية وكالتي كنقيب قلت له ان قصر عدل طرابلس في حالة مزرية فلم يدعني اكمل وقال اتعهد لك بقصر باذخ ولكن عليك ملاحقة الوزيرين الطرابلسيين نجيب ميقاتي وسمير الجسر المسؤولين عن ذلك. اما عدالة عبد اللطيف الحسيني فلم يكن تحقيقها ينتظر قصر عدل جديد اذ كانت تجدد نفسها بنفسها في كل ملف يعرض امامه ولو متهالك الغلاف هلهال الاوراق ذلك انه استمد نضارة رسالته من نضارة قيمتها فما كان ينظر الا الى الحق الخالص كما تكشفه الادلة والمستندات. وما كان يخرج مرة عن موجبات الحياد والتحفظ والموضوعيه بل يغلفها دائما بحميمية الاستقبال واناقة التوديع فاذا اتهم او منع المحاكمة او اسقط الملاحقة او اعاد الاعتبار كان كمن يكتب ما يكتب بحبر من معاني اسمه.. لطيف حسن. يا ايها الاخ الغالي في تكريمك تتداعى الذكريات وتمتلئ النفوس باستذكار العدالة والتمسك بها على الرغم من جراحها الكثيرة لانه ينبغي لنا القول من باب حسن الظن على الاقل ان ما نراه في جسدها عرض زائل بمقدار ما هو طبيعي. فالجسم الذي يصاب بفقدان المناعة يعبر عن وهمه بظواهر عديده يجب الا يطول امدها وان يتماثل الجسد الى الشفاء منها فور استتباب مناعته. كل من في هذه القاعة من اهل العدالة وكل من ارتدى الاسود صرفا او موشى بالابيض والرمادي والاحمر والارجوان مسؤول عن صيانة العدالة بل ان الشعب اللبناني بأسره هو المالك الحقيقي لهذا المرفق رقبة وانتفاعا مسؤول عنه ومؤتمن عليه يمارس مسؤوليته بتحصين ملكه كي لا يتسوره احد من خارج او يعبث به احد من شاغليه وبذلك ان لنا ان نسترد العدل من فضائح الشاشات الى رصانة الملفات نحتمي بالتحفظ وهو الموجب ضد كل سالب كما يقول غالب وهو الرصانة والحصافة والوقار.
يا ابا نائل كرمتني العائلة فدفعتني الى مستوى هذه الحضرة ورفعة هذا المنبر. فكل الشكر لهم والعرفان لسعادة النقيبين ناضر كسبار وماري تيريز القوال ومعالي وزير العدل هنري الخوري المحترم والرئيس الاول شرفا الدكتور غالب غانم ورئيس مجلس الشورى سابقا العزيز شكري لانهم تكرموا علي بميزة المصاحبة في وداع واحد من اعز الاصحاب. ايها السيد المحبوب والمهاب ما البشر الا مرور منهم من جعلوا خطواتهم نسقا ودليلا ورسم طرق ومنهم من تركوا وراءهم حفرا واخاديد وكثير تعرجت مسيرتهم ضلالة او تضليلا ومنهم من مر كانه لم يات ابدا. ورغم هذا
السر ان تحيا كمن ليس يموت كالشجر المعمر الصموت
ابعد مما تدرك العصور
اعمق مما تحفر القبور
لا ان تمر في الحياه مرا
اتفه ما تفعله المرور.
اما انت فكنت شجرا معمر الظل والصوت والصمت من اولئك الذين خففوا الوطء ومشوا على الارض هونا فاذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما”.
صادر
وتحدث القاضي صادر عن الصديق ورفيق الدرب في معهد الدروس القضائية والتدرج حيث عرف بالفكاهة وروح النكتة الذي ينتظر زملاءه على هفوة او غلطة ليتمسك بها اسبوعا… وروى الكثير من الطرائف التي حصلت. واعتبر انه كان سلسا وطيبا يكن له الجميع الود… وختم عبد اللطيف الحسيني لم يمت. عبد اللطيف الحسيني عبر الطريق وينتظرنا جميعا.
الحسيني
واخيرا القى كلمة العائلة نجل الفقيد المحامي نادر الحسيني موجها الشكر الىمن رعا واقام الحفل وحضر وخص وزير العدل ونقيب المحامين في بيروت.
======= ز.ع.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook