آخر الأخبارأخبار دولية

غضب ومواجهات في صفاقس التونسية وعمليات طرد متواصلة للمهاجرين

تشهد مدينة صفاقس بجنوب شرق تونس اشتباكات دامية بين سكان محليين ومهاجرين أفارقة، أدت إلى سقوط قتيل تونسي مساء الإثنين الماضي. الدعوات التحريضية ضد المهاجرين في المدينة الساحلية ازدادت خاصة بعد تشييع القتيل، في وقت طالبت فيه هيئات مدنية ومنظمات غير حكومية السلطات بتهدئة الأوضاع وضمان أمن المهاجرين والتونسيين على السواء.

نشرت في: 05/07/2023 – 19:14

لم تهدأ وتيرة العنف في مدينة صفاقس بجنوب شرق تونس منذ مطلع الأسبوع الجاري… فبعد تشييع التونسي الذي قتل خلال اشتباكات مع مهاجرين أفارقة، عادت دعوات الانتقام لتملأ صفحات مواقع التواصل التونسية، ما أثار المخاوف من تجدد العنف.

وكان الضحية، من مواليد 1982، قد قتل يوم الإثنين الماضي طعنا خلال اشتباكات اندلعت بين عدد من أبناء المدينة –التي أصبحت معبرا نحو أوروبا وخصوصا إيطاليا- ومهاجرين أفارقة (جنوب الصحراء)، على خلفية التوترات الشديدة التي تشهدها تونس عموما وصفاقس خصوصا بسبب قضية الهجرة.

وقال فوزي المصمودي المتحدث باسم المدعي العام للمدينة إن الضحية (40 عاما)، تعرض للطعن في ساعة متأخرة من مساء الإثنين بمنطقة ساقية الدائر، خلال مشاجرة بين سكان محليين ومهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء. وأضاف “تم توقيف ثلاثة مهاجرين يشتبه في تورطهم بجريمة القتل هذه ويعتقد أنهم يحملون الجنسية الكاميرونية حسب المعلومات الأولية”.


12:08

 

وأظهرت مقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي عناصر شرطة وهم يطردون عشرات المهاجرين من منازلهم وسط هتافات سكان المدينة، قبل تجميعهم في سيارات الشرطة.

وأظهرت مقاطع أخرى مهاجرين على الأرض وأيديهم على رؤوسهم ومحاطين بعدد من السكان بانتظار وصول الشرطة لتسليمهم.

وكتب الموظف بقسم الإسعاف بمستشفى صفاقس لزهر ناجي على صفحة “سيب التروتوار” (اخلي الرصيف) على فيس بوك “ليلة دامية تقشعر لها الأبدان… كبار وصغار ونساء… منهم من سقط من سطوح المنازل ومنهم من ضُرب بالسيوف… ليلة دامية ومنعدمة الإنسانية”.

اعتداءات طالت طلابا أفارقة

وخلال تشييع جثمان الضحية، أطلقت مجموعة من المشاركين شعارات غاضبة على غرار “سننتقم لموته”، كما انتشرت على مواقع التواصل المحلية دعوات لطرد المهاجرين وعدم توظيفهم أو تأجيرهم المنازل.

الحسابات المحلية نقلت أيضا صورا وفيديوهات لأعمال العنف المتجددة ليلة الثلاثاء في عدد من أحياء المدينة.

وزارة الداخلية أعلنت عن تعزيز الأمن بالمدينة عقب الاشتباكات، التي أدت إلى وقوع أضرار كبيرة بالممتلكات.

مدير منظمة “آفريك إنتيليجانس” (Afrique Intelligence) غير الحكومية المعنية بالدفاع عن حقوق المهاجرين، فرانك بوتديجي، أكد في منشور بحسابه على فيس بوك استمرار العنف في صفاقس، متحدثا عن اعتداءات جسدية طالت طلابا أفارقة كانوا في طريقهم للجامعة. ودعا بوتيدجي السلطات التونسية لمضاعفة الإجراءات الأمنية في صفاقس “لضمان سلامة التونسيين والأجانب” على حد سواء.

وقال الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة غير حكومية) رمضان بن عمر لوكالة الأنباء الفرنسية، إن الشرطة نقلت العديد من المهاجرين إلى مبنى “معرض صفاقس” بانتظار نقلهم إلى مكان آخر.

ونُقل مهاجرون آخرون إلى منطقة قريبة من الحدود الليبية بحسب بن عمر الذي لم يتمكن من تحديد العدد الإجمالي للمهاجرين المطرودين من صفاقس.

“الوضع مأساوي ومرشح للتفاقم”

وكان المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية قد علق على هذه الأحداث، معتبرا أن “الوضع في صفاقس مأساوي ومرشح لسيناريوهات أبشع”.

وفي منشور بصفحته على فيس بوك، قال بن عمر إن خطاب الكراهية انتقل “من الافتراضي إلى الواقع الميداني بتصوير المهاجرين كتهديد صحي وأمني نتيجة غياب الدولة وانفلات الخطاب الإعلامي نحو التهييج”، وحذر من أنه “في غياب الدولة تتعمد مجموعات منفلتة إخلاء منازل المهاجرين بالقوة وما ينتج عن ذلك من عنف”.


 

وفي تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية، اعتبر بن عمر أن التوتر الحالي في صفاقس كان “متوقعا… حذرت من الوضع المأساوي واللاإنساني للمهاجرين الذي تفاقم بسبب خطاب الكراهية ضدهم، وهو ما يفسر هذا العنف”.

توترات متزايدة

يذكر أن الأحداث الأمنية الأخيرة وقعت عقب أشهر من التوترات المتزايدة في المدينة، التي تحولت إلى نقطة انطلاق أساسية لقوارب المهاجرين القاصدين للسواحل الأوروبية.

ويشكو سكان صفاقس من تجاوزات وأعمال شغب وفوضى يقوم بها مهاجرون في المدينة. بالمقابل، يقول المهاجرون الأفارقة إنهم يتعرضون لمضايقات عنصرية من بعض السكان. تراكم الأحداث أدى إلى خروج المئات من التونسيين الشهر الماضي للتظاهر في صفاقس احتجاجا على وجود الآلاف من المهاجرين في مدينتهم، مطالبين السلطات بترحيلهم.

وازداد العنف ضد المهاجرين بشكل ملموس خاصة بعد خطاب ألقاه الرئيس قيس سعيّد في 21 شباط /فبراير الماضي، انتقد فيه الهجرة غير الشرعية واعتبرها تهديدا ديموغرافيا لبلاده. واتهم سعيد في خطابه “جحافل” المهاجرين بارتكاب أعمال عنف وجريمة و”ممارسات غير مقبولة”.

اقرأ أيضاتصاعد العنف في صفاقس بعد مقتل تونسي في اشتباكات مع مهاجرين

وعقب أعمال العنف التي اندلعت مساء الأحد الماضي في صفاقس، توجه سعيّد الثلاثاء إلى مقر وزارة الداخلية، حيث تحدث عن الوضع في صفاقس قائلا إن تونس “لا تقبل أن يقيم على أراضيها من لا يحترم قوانينها، ولا أن تكون دولة عبور (باتجاه أوروبا) أو أرض توطين لمواطني دول أفريقية معينة”، حسب بيان صحفي صادر عن رئاسة الجمهورية.

وأضاف الرئيس “شبكات إجرامية” تقف وراء الهجرة غير الشرعية، هدفها زعزعة “السلم الاجتماعي في تونس”.

“الاتحاد الأوروبي يتحمل مسؤولية أزمة الهجرة”

وسجلت مؤخرا زيادة كبيرة في أعداد المهاجرين المغادرين للسواحل التونسية. كما سجل ارتفاع أيضا بأعداد الضحايا من المهاجرين الذين غرقت قواربهم أثناء محاولتهم الوصول للسواحل الأوروبية، خاصة قبالة صفاقس.

وكالة حرس الحدود الأوروبية “فرونتكس” كانت قد سجلت زيادة بنسبة 1100% منذ مطلع العام في عمليات العبور من تونس باتجاه أوروبا، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

في هذ الإطار، أعلنت السلطات التونسية الأحد الماضي عن إحباط 65 عملية هجرة غير نظامية، وضبط أكثر من ألفي شخص أثناء محاولتهم الإبحار إلى أوروبا.

وفي بيان على صفحتها بفيس بوك، قالت الإدارة العامة للحرس الوطني في تونس إن “وحدات إقليم الحرس البحري في الوسط (المناطق البحرية في صفاقس وقرقنة والمهدية) تمكّنت من إحباط 47 عملية اجتياز للحدود البحرية خلسة، وإنقاذ 1,879 مجتازا من بينهم 1,858 من جنسيات دول أفريقيا جنوب الصحراء و21 تونسيا”.

كما تمكنت “وحدات تابعة لإقليم الحرس البحري في الساحل (شرق – المناطق البحرية في نابل وسوسة والمنستير) من إحباط 18 عملية إبحار خلسة ونجدة وإنقاذ 189مجتازا تونسيا وحجز 14 زورقا بحريا ومركبا و3 كاياك (زوارق صغيرة)”.

وتتعرض تونس لضغوط أوروبية متصاعدة لممارسة المزيد من الرقابة على شواطئها ومنع قوارب الهجرة من المغادرة. لذا، تعهدت دول أوروبية بتقديم دعم مالي لتونس لتحقيق ذلك الهدف. وخلال زيارتهما الأخيرة لتونس، أعلن كل من وزير داخلية فرنسا جيرالد دارمانان ونظيرته الألمانية نانسي فيزر تقديم مساعدة بقيمة 26 مليون يورو لدعم تونس في خفض أعداد المهاجرين إلى أوروبا.

من جهته، حمّل رمضان بن عمر، الاتحاد الأوروبي مسؤولية أزمة المهاجرين في تونس “نتيجة سياسات إغلاق الحدود”. وطالب بفتح “مسارات آمنة لنقل المهاجرين واللاجئين العالقين في تونس”، ودعا الدولة لتشكيل خلية أزمة من أجل إدارة إنسانية للأزمة وليست إدارة أمنية… أزمة التنمية في صفاقس لا علاقة لها بالمهاجرين، بل بسياسات همشت الجهة وتحاول إلهاء المواطنين عن مطالبهم في سياسات اقتصادية واجتماعية تحقق إنقاذا اقتصاديا بالجهة“.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى