آخر الأخبارأخبار محلية

بانتظار لودريان.. أيّ تأثير لاحتجاجات فرنسا على حراكها في لبنان؟!

 
مع عودة الموفد الرئاسي الفرنسي، وزير الخارجية الأسبق جان إيف لودريان، إلى باريس، بعد زيارة “استطلاعية” إلى لبنان، وقبل أن يقدّم تقريره الختامي حول اللقاءات التي أجراها والانطباعات التي كوّنها، وأن يقترح بالتالي التوصيات ذات الصلة، “اشتعلت” الأجواء في مدن فرنسية عديدة، على وقع اضطرابات وأعمال شغب عمّت أرجاء البلد، على خلفية مقتل فتى برصاص شرطي خلال عملية تدقيق مروري، ما أثار جدلاً واسعًا.

 
انشغل الفرنسيّون بالاضطرابات التي تكاد تخرج عن السيطرة، مع تسجيل أعمال شغب لا تنتهي يوميًا، توازيًا مع إحراق آلاف الآليات العسكرية، وإضرام النار في عشرات آلاف حاويات النفايات، وإحراق آلاف المباني، ونهب المتاجر والمحال، ومهاجمة مراكز الشرطة، التي تواجه بسجلّ عالٍ من التوقيفات التي ضربت معدلات قياسية وغير مسبوقة، وكلّ ذلك على وقع الوساطات السياسية ومحاولات التهدئة على أكثر من صعيد.
 
ووسط هذا الانشغال الفرنسيّ، تُطرَح على المستوى اللبناني علامات استفهام “بالجملة” حول تأثيرات الأزمة المستجدّة على المبادرة الفرنسية المفترضة في لبنان، خصوصًا أنّ الوزير لودريان كان قد غادر بيروت على “وعد” بالعودة بعيد منتصف شهر تموز الجاري، فهل تبقى المواعيد على حالها أم تتأثّر بما يجري في الداخل الفرنسي، علمًا أنّ الرئيس إيمانويل ماكرون ألغى نشاطات بالجملة لمواكبة التطورات الدراماتيكية، إن جاز التعبير؟
 
الحراك الفرنسيّ “مستمرّ”
 
على أهمية وحساسيّة الأحداث الجارية في فرنسا، والتي بدأت وتيرتها بالانخفاض، بما يمهّد لتراجع زخمها إلى حدّ بعيد، يستبعد العارفون أيّ “تأثير” لها على الدور الفرنسيّ في لبنان، ولا سيما في ضوء ما يُنقَل عن المطّلعين على الشؤون الفرنسية حول وجود “فرز” في المهام داخل الإدارة، ما يعني أنّ المستشارين المكلّفين بمتابعة المستجدّات الطارئة ليسوا نفسهم أولئك المهتمّين بالشأن اللبناني على سبيل المثال.
 
ويشير العارفون في هذا الصدد، إلى أنّ الوزير جان إيف لودريان المكلّف من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمتابعة الأزمة اللبنانية عن قرب، كان منكبًّا على كتابة تقريره فيما كانت الأجواء “مشتعلة” في الضواحي والمدن الفرنسية، وبالتالي فإنّ مهمّته لم تتأثر بالأحداث التي جرت، ولا سيما أنّ الرجل ليس وزيرًا حاليًا، ولا حتى مستشارًا معنيًّا بالحراك الداخلي، وهي مهمّة يتولاها أطراف معنيّون آخرون من مستشاري الرئيس.
 
بهذا المعنى، يؤكد العارفون أن الحراك الفرنسي “مستمرّ” على ما هو عليه، من دون أن يتأثّر بالمستجدّات التي طرأت في الداخل الفرنسي، ما يعني أنّ زيارة لودريان لا تزال “مجدولة” في المبدأ في موعدها المحدّد، ولو أنّ توقيتها الدقيق لم يُعلَن بعد، علمًا أنّ عوامل أخرى قد تؤثّر في طبيعة هذه الزيارة وأجندتها، من بينها حراك “أصدقاء لبنان” المعلَّق مع اجتماعات “الخماسية”، فضلاً عن التطورات على الساحة اللبنانية نفسها.
 
رهان في غير محلّه؟
 
لا يعني ما تقدّم أنّ على اللبنانيين “النوم على حرير” بانتظار عودة لودريان، ولو أنّ البعض بات يتصرّف فعلاً على هذا النحو، إلا أنّ العارفين يشيرون إلى أنّ وزير الخارجية الفرنسي الأسبق يصرّ على أنّ مثل هذا “الرهان” في غير محلّه، لأنّه لن يستطيع فعل شيء إن لم يبادر اللبنانيون لخطوات ملموسة بالدرجة الأولى، وذلك دائمًا وفق الشعار الذي كان أول من رفعه في وجه اللبنانيين: “ساعدوا أنفسكم لنساعدكم”.
 
صحيح أنّ المطّلعين يتحدّثون عن سلسلة “خيارات” يضعها لودريان في الميزان، على أن يناقشها مع إدارته بعد تسليمها تقريره، من بينها “تحديث” المبادرة الفرنسية القائمة على “المقايضة”، أو “تنقيحها” بما يلغي فكرة “الغالب والمغلوب”، ومن بينها أيضًا الذهاب إلى حوارات ثنائية بين مختلف الأفرقاء، إن تعثّر الحوار “الجامع” الذي سبق أن ألمح إليه، وصولاً إلى حدّ إمكان طرح “طبيعة النظام” برمّته على النقاش.
 
إلا أنّ هؤلاء يشيرون إلى أنّ “الرهان” على أن يخترع لودريان “البارود”، إن جاز التعبير، ليس في محلّه، فالكرة لا تزال في ملعب اللبنانيين بالدرجة الأولى، ما يعني أنّ الدور الفرنسي، معطوفًا على أدوار سائر الأطراف المعنيّين بالشأن اللبناني، وفي مقدّمهم المملكة العربية السعودية ودولة قطر، إضافة إلى الولايات المتحدة، لن يكون أكثر من “ميسّر أو مسهّل أو وسيط”، ما يعني أنّ “الكلمة الفصل” تبقى للبنانيين أنفسهم.
 
كثيرًا ما ربط اللبنانيون استحقاقاتهم بأحداث ومستجدّات إقليمية ودولية، لا علاقة مباشرة لهم بها في الغالب. هكذا، قيل مثلاً إنّ الرئيس لن يُنتخَب إلا بعد إبرام الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران، تمامًا كما يقال إنّ الإفراج عن الاستحقاق ينتظر “كلمة سرّ” من هنا أو هناك. وبمعزل عن الحراك الفرنسي وتأثّره بما يجري، قد يكون على اللبنانيين أن يدركوا أن المبادرة بيدهم وحدهم، وهنا بيت القصيد!  

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى