زيارة لودريان: حذرٌ من الوحول اللـبنانية
كتب نقولا ناصيف في” الاخبار”: خلّفت مهمة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى لبنان، غير المنتهية بعد، الكثير من اسباب طرح علامات استفهام وملاحظات حيال ما يُنتظر من جولتها المقبلة. ليست مشكلتها في الجدية الموصوف بها الزائر مقدار النتائج المتوخاة بعد انتهاء الفصول التالية. في نهاية المطاف اتى وغادر كأن شيئاً لم يحدث.
لم يكن خافياً على مسؤولين وقيادات لبنانية ان يسمعوا من لودريان اهتماماً بحوار وطني لم تتحمس له السفيرة آن غريو كلما فوتحت به قبل مجيئه خصوصاً. تحدثت اكثر من مرة عن عدم رغبة بلادها في الغرق في «الوحول» اللبنانية، في اشارة صريحة الى الانقسامات الداخلية العميقة. فضّلت اكثر من مرة ايضاً – اذا كان لا بد من حوار اولي – ان لا يتناول برنامجاً سياسياً تفصيلياً يُرغَم الرئيس على تنفيذه او يقترحه هو لقاء انتخابه. اظهرت لمَن تحدث اليها المامها بالنطاق المحدود للصلاحيات الدستورية للرئيس اللبناني بما لا يمكنه من وضع برنامج وفرض تطبيقه. لكنها قالت بأن المستحسن «خريطة طريق لاربعة او خمسة عناوين عريضة يتوافر الاتفاق عليها». فرّقت بين البرنامج وخريطة الطريق، ولاحظت ان الآليات الدستورية تسهّل الثانية وتعرقل الاول.ما اثار اهتمام غريو قولها امام محدّثيها ان مشكلة الحوار الوطني تكمن في مشكلات ثلاث متلازمة: جدول اعماله يصعب توحيده عند الافرقاء جميعاً وكلٌ يدير ظهره للآخر، لا مرجع موثوقاً به يدير الحوار بعدما نأى الرئيس نبيه برّي ثم البطريرك الماروني ماربشارة بطرس الراعي بنفسيهما عن قيادته كلٌ لاسباب مختلفة. قالت غريو ان المكان الطبيعي المفترض للحوار هو مجلس النواب «الا ان رئيسه يعدّ نفسه طرفاً ولا يستطيع ان يكون حكماً فيه». ثالثة الاثافي التي تحول دون التئام طاولة الحوار تقيم، في حسبان السفيرة، في ان اللبنانيين «غير قادرين» – في معرض تأكيد انهم «غير صالحين» – على الحوار.
لم تبُن تماماً المعايير التي اعتمدها الموفد الفرنسي في لقاءاته القيادات المسيحية ما خلا البطريرك الماروني: ان يستقبل النائب السابق سليمان فرنجية في قصر الصنوبر ويتغديا معاً، ويزور رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في البياضة ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في معراب وقائد الجيش العماد جوزف عون في اليرزة، ويدعو رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل الى قصر الصنوبر وكذلك نواباً ومرشحين. ان يخرج كلٌ من هؤلاء بانطباعات وتأويلات لا تماثل الآخر. ان يعدّ بينهم زيارة اليرزة الاهم والحاسمة كأنها كرّست قائد الجيش مرشحاً اول اكثر من ذي قبل، او يفصح مرشحون عن ارتياحهم الى ما سمعوه عزز ثقتهم بأنفسهم وبحظوظ التوصل في وقت ما الى مرشح ثالث، او تتباين ردود الفعل حيال الموقف الفرنسي من دعم ترشيح فرنجية.لم يسمع اي من هؤلاء تزكية لودريان – ولا هي مهمته – اي مرشح، بيد ان بين الخارجين من اللقاءات مَن لم يلمس تخلي فرنسا عن فرنجية، ولا التعبير في المقابل عن حماستها العلنية على نحو موقفها المعروف. بعض هؤلاء لفتته عبارة لودريان، وهو يصف جلسة 14 حزيران، بأن التصويت كأنه استفزاز للمبادرة الفرنسية واستهدافها، على ان ما حدث – في استنتاج هؤلاء – ليس كافياً لاطفائها، والمقصود بذلك التراجع عن تأييد فرنجية.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook