آخر الأخبارأخبار محلية

لبنان وسوريا أمام تمرُّد فاغنر.. ماذا يعني ذلك بالنسبة لهما؟

من دون أيّ مُنازع، أضحى يوم الرابع والعشرين من حزيران عام 2023 علامة فارقةً في تاريخ “الدبُّ الروسي” الذي مُني بصفعة “التمرّد” المُسلّح الذي نفذته جماعة “فاغنر” العسكريّة الخاصَّة بقيادة يفغيني بريغوجين السبت الماضي.  


في الواقع، فإنَّ ما جرى هناك كان كفيلاً بتغيير الكثير من المعادلات على الرغم من أنّ التمرّد لم يدُم سوى لساعات. ووسط ذلك، تأتي الكثير من التساؤلات عن الأحداث التي ستفرض نفسها لو سقط نظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والأساس هنا هو التالي: من هي الدول التي ستتأثرُ بشدّة في حال حصلَ الإنقلاب الفعلي على السلطة؟ كيف يمكن أن يكون وضع الشرق الأوسط في حال سقوط نظام بوتين؟ ماذا عن سوريا ولبنان؟ حتماً، كلها أسئلةٌ مشروعة، ومن خلالها يُمكن النظر إلى عُمق الأمور وإستراتيجيات المنطقة أكثر فأكثر.  

 

بالنسبة للشرق الأوسط، لا يُمكن لأغلب الدول فيه وتحديداً العربيّة أن تكون مُناوئة لروسيا وتحديداً للقيادة فيها، خصوصاً عندما يتعلّق الأمر بـ”إنقلابٍ عسكري”. فمن جهة، قد تُعارض دولٌ كثيرة غزو روسيا لأوكرانيا، فالأمرُ بديهيّ تماماً بالنسبة لدول تنبذُ الصراعات والخلافات، لكن الموقف قد لا يكونُ نفسه عندما يكون هناك تمرّد مسلح يمكن أن يُطيح بدولة ونظامٍ وشعب. حقاً، الأمر هذا قد لا تقبلهُ أيّ حكومة لأنها ستضعُ نفسها مكان روسيا للحظة واحدة، وستكون حينها بحاجة إلى دعمٍ دولي لبقائها خصوصاً في وجهِ “تمرّد” مسلح قد يُهدّدها. أما ما لا يمكن نسيانه هو أنّ هناك علاقات مُتجذرة بين مختلف الدول في الشرق الأوسط مع موسكو، فالتاريخ يفرض نفسهُ هنا، والموقف الطاغي لا يكونُ بدعم تمرّد بقدر ما يكون نداءً لتسوية واضحة تحقنُ الدماء في دولةٍ كُبرى سيؤثر انهيارها على العالم بأكمله. 


على صعيد لبنان وسوريا، ستكون إنعكاسات الصّدام الروسي – الروسي كبيرة في حال إستمراره. فعلى صعيد دمشق أولاً، التبدلات ستكونُ كبيرة، وإن سقطَ نظام بوتين، ستدخل الدولة في سوريا بمأزقٍ جديد لناحيه خسارة “حليف عالمي” دعمه طوال 12 عاماً من الحرب. عملياً، في حال تدهورت قدرة بوتين على الصمود ووصل “رئيس جديد لروسيا” كما قالت مجموعة “فاغنر” في بداية تمرّدها، عندها ستُصبح سوريا أمام خيارات عصيبة.. فماذا سيحدثُ بالقواعد العسكرية الموجودة لديها؟ ماذا سيفعل الجنود الرّوس هناك؟ ما هي الخطوات التي يُمكن أن يبادر إليها هؤلاء في حال خُيّروا بين الإنشقاق عن دولتهم أو الإلتزام معها؟ هنا، لا يمكن إغفال هذا الأمر بتاتاً سواء في سوريا أو غيرها، وما ظهر هو أنَّ هناك عنصر صمودٍ كبير في صفّ روسيا. لو كان الإنقلابُ فعلياً وكبيراً ومُخططاً له على نحو دولي واسع، لكانَت الإنشقاقات حصل في الممثليات الدبلوماسية بشكل بارز، ولكان الجيش الروسي شهد على التشرذم الداخلي وهروب عناصر منه باتجاه “فاغنر”. إلا أن هذا الأمر لم يحصُل بتاتاً، فما فعلته موسكو هو أنها جذبت إليها عناصر المجموعة المُتمردة رسمياً، والدليل على ذلك إعلانها أن المجال مفتوحٌ لهؤلاء بتوقيع عقود مع وزارة الدفاع، أي الإنضمام رسمياً إلى الجيش، وبالتالي فرطِ تلك المجموعة تدريجياً ودمجها مع الدولة.  


على صعيد لبنان، فإنّ تدهور نظام روسيا سيتركُ من دون أي نقاش، إنعكاسات أساسية عليه. ضمنياً، فإنّ المشكلة لا ترتبطُ بمدى ارتباط لبنان بموسكو، فالعلاقة تاريخيّة قائمة نعم، لكنه لا تأثير واضح لتلك الدولة في سياسات الداخل اللبناني، والدليل الأكبر على ذلك هو عدم وجود أي خطوة من موسكو للتدخل في لبنان لاسيما على صعيد أزماته السياسية. السبب الأساس في ذلك قد يرتبطُ بعدم وجود أرضية أساسية لموسكو هنا، لكن في الوقت نفسه، يمكن أن يكون سقوط نظام بوتين أساساً لتكريسِ خارطة جديدة للمنطقة سيتأثر بها لبنان حُكماً وبشكلٍ مباشر. 


في خلاصة القول، لا يمكن أبداً التغاضي عمّا حصل في روسيا، وكما قيل، الضربة التي مُنيَ بها نظام بوتين كبيرة، وقد أضحى هناك جهدٌ يتركز على ضرورة تحشيد العمل لإعادة الثقة محلياً ودولياً.. فهل سينجح بوتين في ذلك؟ ما هي وسائله لهذا الأمر؟ وهل سيعني إنهاء التمرّد سلمياً ومن دون معاقبة منفذيه، مجالاً لتمرّد آخر يصعبُ السيطرة عليه لاحقاً؟ الأيام والسنوات المقبلة كفيلة بتقديم الإجابة… 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى