آخر الأخبارأخبار محلية

كلّ السبل تفضي إليه ولا حلّ من دونه.. متى تنضج ظروف الحوار؟!

فيما تبدو كل الطرق “موصَدة” أمام إنجاز استحقاق الانتخابات الرئاسية، على طريقة “التحدّي” المهيمنة حاليًا، مع عدم قدرة أيّ فريق على “فرض” مرشحه، المُعلَن أو المُضمَر، طالما أنّ الفريق الآخر يمتلك بالحدّ الأدنى “سلاح” النصاب الذي يشهره في وجه الآخر، لا يخفى على أحد أنّ كل السبل تفضي إلى الحوار، الذي لا بدّ من المرور عبره من أجل التوصّل إلى حلّ، إن توافرت الإرادة الحقيقيّة لذلك.

Advertisement

 
في هذا السياق، تتزايد الدعوات إلى الحوار من أكثر من طرف، خصوصًا من جانب مؤيدي رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، وقد صدرت آخر الدعوات عن كتلة “الوفاء للمقاومة” التي شدّدت في بيانها الأخير على وجوب “تداعي اللبنانيين للحوار”، بغية التوصل إلى جوامع مشتركة تضع حدًا لأزمة الشغور الرئاسي في البلاد، متلاقية في ذلك مع ما قاله فرنجية نفسه، ومع الدعوات المتكرّرة لرئيس مجلس النواب نبيه بري في هذا الإطار.
 
لكن، إذا كان الفريق الآخر بمعظم مكوّناته مدركًا لضرورة حصول هذا الحوار في نهاية المطاف، من أجل وضع حدّ للشغور الرئاسي، طالما أنّ الخيارات الأخرى لا تبدو مُتاحة، فإنّ المشكلة الجوهرية تكمن في غياب الاتفاق على “أرضية واضحة” للحوار، في ظلّ “تشكيك بالنوايا” الكامنة خلفه، ما يوحي بالنسبة إلى كثيرين أنّ “ظروف” الحوار لم تنضج بعد، وسط “رهانات” لا يبدو أنّها انتهت على متغيّرات داخليّة أو خصوصًا خارجيّة.
 
الحوار “إلزامي”
 
يؤكد المحسوبون على “الثنائي الشيعي” أنّ الحوار “إلزامي” لمعالجة الخلل الحاصل في انتخابات الرئاسة، بل إنّهم يحمّلون “المعاندين على رفضهم” للحوار مسؤولية تعطيل الاستحقاق، ولا سيما بعدما أضحى واضحًا أنّ العملية “الديمقراطية” لا تتيح انتخاب رئيس بالأكثرية المطلقة وبحضور ثلثي النواب، خصوصًا أنّ الفريقين يلوّحان بتعطيل نصاب الجلسات، إذا ما شعرا باحتمال الخسارة، ولو كان ضئيلاً جدًا.
 
يذكّر هؤلاء بأنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري كان أول من دعا إلى الحوار، قبل أن تصل الأزمة إلى هذا الحدّ، وقبل أن يعلن حتى رسميًا تبنّيه ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية للرئاسة، لكنّه كان يُقابَل برفض بعض الأفرقاء، ولا سيما “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” اللذين يبدو أنّهما “تقاطعا” على رفض الحوار قبل أن “يتقاطعا” على ترشيح جهاد أزعور، أو بالأخرى على محاولة إسقاط سليمان فرنجية.
 
وإذا كان تقاطع “التيار” و”القوات” على رفض الحوار بدأ يتراجع، في ظلّ تمسّك “القوات” بموقفها الرافض للأمر “نظريًا”، باعتبار أنّ “الوقت وقت انتخابات”، وأن لا حاجة “لتفاهمات عشائرية”، في حين يبدي “التيار” موافقة “مشروطة” بإعلان “الثنائي” التخلّي عن ترشيح سليمان فرنجية، فإنّ الواضح وفق المحسوبين على بري إنّ التجاوب مع مبادرته كان يمكن أن يقلّص من “الوقت الضائع” ويعجّل بالحل، لو حصل في الوقت المناسب.
 
بين الشروط والهواجس
 
في المضمون، يقول العارفون إنّ ظروف الحوار لم تنضج، لأنّ الاختلاف لا يزال قائمًا على التفاصيل، حيث تكمن “الشياطين” إن جاز التعبير، فـ”شرط” باسيل التخلّي عن فرنجية سلفًا، مرفوض من قبل “الثنائي” الذي تقول أوساطه إنّ مجرد انفتاحه على الحوار يجب أن يُعتبَر “بادرة حسن نيّة”، على أن يُبنى على الشيء مقتضاه، متى يُعقد ويتناقش المتخاصمون، بعيدًا عن “شروط مسبقة” من شأنها أن تفرغه من مضمونه.
 
ويقول المؤيدون لثنائي “حزب الله” و”حركة أمل” إنّ الكرة في ملعب الفريق الآخر الذي ينبغي عليه أن يلاقي “اليد الممدودة” والذهاب إلى الحوار، بنيّة التوافق بعيدًا عن وسائل الضغط والترهيب، علمًا أنّ فرنجية نفسه دعا إلى الحوار، بل قال إنّه سيكون جاهزًا للانسحاب إذا ما اتفق الجميع على مرشح “بديل” يكون قادرًا على الإنقاذ، لكن “المريب” برأي هؤلاء أن يكون مطلوبًا سحب المرشح الأوفر حظًا من البازار من دون أيّ اتفاق.
 
في المقابل، يبرّر المعارضون لفرنجية “الشروط المسبقة” التي يضعونها على الحوار، من خشية، أو ربما “ريبة” لديهم، من أن يكون الهدف من الحوار “إحراجهم” للقبول بفرنجية، عبر “الترغيب أو الترهيب”، حيث يعتبر هؤلاء أنّ “الممرّ الإلزامي” للحوار يجب أن يكون “حرق” كلّ الأسماء المتداولة حاليًا، إن جاز التعبير، والبحث عن “خيار ثالث” من نقطة الصفر، وإلا نكون أمام “حوار من أجل الحوار” من شأنه التعقيد، لا الحلّ.
 
يدرك الجميع أنّ الحوار ضرورة، وأنّ كل الطرق ستفضي إليه عاجلاً أم آجلاً، وأنّ لا مناص منه في نهاية المطاف مهما عاند المعاندون. وإذا كان التأخير المستمرّ في الذهاب إلى هذا الحوار ناجمًا عن رغبة لدى البعض بتحسين شروطهم التفاوضية، أو عن رهان لدى البعض على متغيّرات إقليمية لصالحه، في ظلّ المبادرات الخارجية التي عادت لتنشط، يبقى الأكيد أنّ المزيد من المماطلة ليس سوى “جريمة مضاف” تُرتَكَب بحقّ الوطن، كلّ الوطن!


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى