آخر الأخبارأخبار محلية

دار الفتوى ومعادلة الإعتدال

كتب احمد الايوبي في” نداء الوطن”: تمكّن رجال دار الفتوى من إرساء معادلات جديدة ترتبط بالإنتماء الوطني والحرص على السلم الأهلي من دون التخلّي عن الحقوق وحتى عن المواقف الرافضة لظلم أهل السنّة في لبنان والمنطقة.أعادت دار الفتوى التوازن بشكل تدريجي، وبرز في صفوفها علماء تصدّوا للظلم بحقّ شبابها وعالجوا مظاهر التطرّف وعملوا على محاربتها، وعلى رأسهم أمين الفتوى في بيروت الشيخ أمين الكردي الذي تحوّلت مواقفه إلى بوصلة لتحديد الموقف، وهو الذي رفع السقف وتوجّه لكلّ المعنيين بضرورة إنهاء خرق القانون والتمييز في الأمن والقضاء.وفي طرابلس شكّل شيخ قرائها الشيخ بلال بارودي ظاهرة متقدمة في تقديم رؤية متوازنة للعلاقة بين المجتمع المسلم والدولة، والتمسّك بالشرعية وبالجيش والمؤسسات الأمنية بالتوازي مع رفض هيمنة «حزب الله» وسلاحه غير الشرعي على البلد، والعمل الدؤوب لاستعياب الشباب ومنع انجرارهم وراء مغريات وتضليل التطرّف والمتطرِّفين.ساهمت إنتخابات الإفتاء الأخيرة في ضخّ دم جديد في مفاصل دار الفتوى، وخاصة في طرابلس والشمال وعكار، وهذا ما أدّى إلى تعزيز منطق الاعتدال، وتلاقى مع العنصر الأبرز الآخر الذي ساهم في إطفاء ظاهرة التطرف، وهو السياسة التي اعتمدها قائد الجيش العماد جوزاف عون في إنهاء سياسات خرق القانون وإجراء تغييرات واسعة في ضباط المخابرات، وخاصة في الشمال، مع فتح حوارات معمّقة مع مفتيَي طرابلس وعكار الشيخين محمد إمام وزيد بكار زكريا، ومع القيادات الإسلامية العلمائية مثل هيئة علماء المسلمين والمدنية، وهذا ما خلق أجواء من الاستقرار والأمان والثقة المتبادلة بين هذه الأطراف وقيادة الجيش.من خلال الإنفتاح والتعاون بين قيادة الجيش ودار الفتوى توقّف الاستنزاف داخل البيئة السنيّة، وبدأنا نشهد الفشل تلو الآخر في استقطاب الشباب السنّي نحو هاوية التطرّف، وكذلك بدأت تسقط محاولات بعض الأجهزة تركيب الملفات، كما حصل مع مجموعة المنكوبين التي أوقفها الأمن العام بتهمة التخطيط لقصف جبل محسن بالطائرات المسيّرة، وبرّأها القضاء بعد أشهر من الاحتجاز التعسفي.التحوّل المهمّ الآخر هو تعزيز إيمان أهل السنّة باعتماد النضال السياسي كوسيلة للمواجهة رغم كلّ ضغوط الدعوات للاستسلام واستنفار التطرّف مقابلها، وهذا ما أدّى إلى بروز نواب سنّة سياديين شكّلوا رأس حربة في تحديد أطر المواجهة وتأكيد أنّ السنّة سياديون وليسوا متطرفين، وهم يأخذون دورهم في كتلة «تجدّد» أو كمستقلين مثل النائبين بلال الحشيمي وإيهاب مطر.لا بدّ من الإشارة أيضاً إلى أنّ تجربة العشائر في مواجهة «حزب الله» نقلت إطار المواجهة من التهالك والاستسلام الذي يسمح للمزايدين ببثّ التطرّف، إلى الصمود الميداني والسياسي دون السماح لأحد برمي تهمة التطرّف مع تنسيق رفيع المستوى مع الجيش ودار الفتوى.الخلاصات الهامّة لهذا الملفّ هو تسجيل التحوّلات التي شهدتها الساحة السنية بعد كلّ هذه التجارب، وأهمّها أنّ الفقر لا يكفي وحده لصناعة التطرّف، وأنّه بوجود الوعي عند عموم الشباب السنّي بأنّ استخدام العنف هو الوسيلة الأسرع للسقوط في فخّ الخصوم، لم يعد سهلاً استدراج أعداد كبيرة من الشباب نحو هذه الأفخاخ، وأنّ رجال دار الفتوى تمكّنوا من تأمين التوازن في الحالة السنيّة التي باتت محصّنة من محترفي صناعة الإرهاب إلى حدٍّ كبير.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى