هذه هي العقدة التي تواجه مهمة لودريان
Advertisement
سأل لودريان: كيف يمكن الخروج من المأزق الرئاسي، وكيف يمكن التعامل بواقعية مع المعطيات السياسية المحلية والخارجية في ضوء ما تمخّضت عنه جلسة 14 حزيران، وفي ضوء ما تسعى إليه مجموعة الدول الخمس؟
عن هذا السؤال لم تكن الأجوبة بمعظمها مطمئنة بالنسبة إلى السائل، الذي كان يريد أن يسمع أجوبة واضحة ومحدّدة. لكنه لم يسمع ما كان يعتقد أنه سيسمعه. كان يريد أن يلمس من كلا طرفي الصراع الرئاسي، أي محور “المعارضة” بكل أطيافها، ومحور “الممانعة” بكل تلاوينها، استعدادًا متبادلًا للقبول بالتنازل عمّا يعتقده كل طرف على حدة حقًّا مشروعًا يمكنه من خلاله تمرير مشروعه السياسي، الذي ينتفي كل منهما لقواسم مشتركة يمكن أن تشكّل وحدة حال لمرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية في حال السماح بحصولها، وهذا ما هو مستبعد في الوقت الحالي، وذلك نظرًا إلى تمسك كل من المحورين المتقابلين بمرشحه.
فمحور “الممانعة” يعتبر أن مرشحه الرئاسي يتمتّع بمواصفات سياسية غير متوافرة في مرشح “المعارضة”، والذي لا يرى فيه الشخصية المناسبة لهذه المرحلة المصيرية التي يمرّ بها لبنان، والتي تتطلب، وفق أقطاب هذا المحور، شخصية كسليمان فرنجية “المنفتح على الجميع، والقادر على ترميم علاقات لبنان بدول الخليج، والذي له علاقات وصداقات تمكّنه من إيجاد حلّ لأزمة النازحين السوريين، فضلًا عن تاريخه التسامحي، الذي من شأنه أن يسهم في إعادة وصل ما انقطع بين مكونات المجتمع السياسي في لبنان”.
في المقابل يبدو أن “المعارضة”، التي توحدّت حول اسم الوزير السابق جهاد ازعور، غير مستعدة، كما محور “الممانعة”، للتخلي عن مرشحها، التي ترى بدورها فيه المواصفات المطلوبة، التي تمكّنه من نقل لبنان من حال التعثّر الاقتصادي إلى مرحلة استعادة عافيته التنموية، وهو الأمر الأكثر الحاحًا من أي أمر آخر، خصوصًا أن خبرته في هذا المجال معروفة، وهو الذي عمل من خلال منصبه المتقدم في صندوق النقد الدولي على حل أكثر من خمسين ملف لخمسين دولة كان اقتصادها متعثّرًا. فبالأحرى بمن كان قادرًا على حلّ مشاكل الآخرين أن يساهم في إيجاد حلول ناجعة لبلده الذي يعاني ما يعانيه، ولكن شرط التسليم من قِبَل الجميع، وبالأخص من أقطاب محور “الممانعة”، بما تستلزم عملية الإنقاذ من تضحيات جماعية، يبدو أن ظروفها لم تنضج بعد.
وما دام كل طرف متمسكًا بما يعتقده الأفضل للبنان، رئيسًا ومشروعًا سياسيًا، فإن الأمور باقية على حالها. فلا المسعى الفرنسي قادر لوحده على أن يخترق جدار الفراغ الرئاسي، ولا أي مبادرة خارجية أخرى تستطيع أن تفرض أي تسوية على اللبنانيين ما لم يكن لديهم الحدّ الأدنى من التفاهم على أفضل طريقة لإخراج بلادهم من هذا الكابوس، الذي لا نهاية حتمية له، أقّله في الظاهر.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook