آخر الأخبارأخبار محلية

لا حول لهم ولا قوة… زيجات فاشلة وأطفال مضطربون!

حين يصل شخصان إلى مرحلة الطلاق بعد زواج أثمر عن أبناء، فلا بدّ من أن الأمور وصلت إلى خواتيمها السلبية. أما في لبنان، فأشارت أحدث الأرقام إلى أن نسب الطلاق ارتفعت إلى 26.5 % خلال عام 2022، ما دقّ ناقوس الخطر فيما خصّ العائلات المتهالكة المصير، والأبناء الذين لا حول لهم ولا قوّة، “فيضرسون” حكماً.

“لم أفكّر سوى في مشاكلي وأهملت إبني”
إنفصلت لارا عن زوجها بعد زواج دام 10 سنوات، أثمر عن إنجابها لابنهما غدي، البالغ من العمر اليوم 7 سنوات.
“شاهد غدي نزاعات عنيفة حصلت بيني وبين والده قبيل انفصالنا بشكل نهائي، ولم أظنّ يوماً أنه سيصبح عنيفاً بهذا الشكل بعدما كان طفلاً هادئاً وسعيداً، نوعاً ما”.
وروت لارا لـ”لبنان 24″ أن ابنها بات اليوم عنيفاً معها في البيت، فيضربها إذا عارضته في أي شأن، كما بات يضرب زملاءه في المدرسة ويصرخ بشكل هستيري كلّما غضب قليلاً.
وقالت: “لم أعلم بادئ ذي بدء أن ما شاهده غدي من صراعات بيني وبين والده هو السبب في حالته اليوم، إلا أن صديقة لي وهي أخصائية نفسية لفتت نظري إلى هذا الأمر فقررت أخذه إلى جلسات علاجية”.
وختمت لارا بالقول: “بتّ اليوم على بيّنة من عبارة الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون، إذ أنني في السابق لم أفكّر سوى في مشاكلي مع طليقي وأهملت إبني الصغير الذي تشوّهت طفولته بسبب ممارسات خاطئة شاهدها وسمعها”.
أفكار انتحارية وغيرها..  
“من الأفضل أن ينفصل كل من الأب والأم في حال وجود العديد من المشاكل،إلا أن هذه الخطوة لا تلغي الإمكانية الكبيرة في معاناة الأولاد من التبعات السلبية”.
من هذه النقطة إنطلقت د. كارول سعادة، الاخصائية في علم النفس العيادي والاستاذة الجامعية، مشيرة إلى أنه خاصة في الفترة الأولى التي تتبع الإنفصال التام بين الأهل، يعاني الأطفال من القلق.
وشددت في حديث لـ”لبنان 24″ على أنه خلافاً للقلق، يعاني الأطفال الذين شهدوا انفصالاً عنيفاً لأهلهم من مشاكل سلوكية كالعنف تجاه الآخرين، فضلاً عن خلق أفكار انتحارية خاصة بالنسبة للمراهقين واللجوء إلى المخدرات واحتساء الكحول والإنعزال، اضطرابات النوم، الغضب العارم، التهور، انعدام التركيز، عدم احترام القوانين وغيرها،  وهذه من علامات الإكتئاب، مشيرة إلى أن الطفل لا يستطيع التعبير عن مشاعره مثل الشخص الراشد.
واعتبرت أن المشكلة قد تتفاقم عند الأطفال لكون الطفل متمحوراً حول ذاته، لذا قد يعتبر في أحيان عدّة أنه السبب في انفصال أهله، وما يزيد الأمر سوءاً هو استخدام أحد الطرفين الأطفال كسلاح للحصول على ما يريد ولتصفية الحسابات وممارسة الضغط النفسي على الآخر.
من هنا، أضاءت سعادة على أهمية توضيح الأهل لأولادهم أن لا علاقة لهم بالطلاق الحاصل، وأن حبّهم لهم لن يتغير تحت أي ظرف كان، خاصة وأن الطفل الأصغر سناً يميل إلى إلقاء اللوم على نفسه بشكل أكبر ما ينعكس على تغيرات في سلوكه.
وأشارت إلى أنه في أيّ انفصال أو طلاق يحصل، يميل الأطفال بشكل عام إلى فكرة أن عودة والديهم لبعضهما البعض ممكنة وقد تحصل في أي وقت، خاصة حين لا يكون الأهل صريحين مع الأولاد فيضطرون لعيش كل المناسبات العائلية بشكل مغاير عمّا اعتادوا عليه حين كانت العائلة متكاملة، ومن هنا ضرورة المتابعة النفسية.
إنعكاسات نفسية وجسدية
إلى ذلك، أوضحت سعادة أن السلوكيات المضطربة قد لا تظهر بشكل آنيّ وسريع قائلةً: “نصادف في جلسات عيادية أشخاصاً يتحدثون عن أمور مكبوتة بسبب طلاق والديهم بعد مرور أكثر من 15 سنوات على ذلك، تؤثر على علاقاتهم العاطفية والزوجية وحتى مشاكل في تربيتهم لأبنائهم”.
كما ذكرت أن دراسات عدّة بيّنت أن انعكاسات الطلاق ليست فقط نفسية بالنسبة للأولاد إنّما هي أيضاً جسدية، فيتأثر نمو بعض الأطفال خاصة الأصغر سناً، بينما يعاني آخرون من إضطرابات الطعام مثل الآنروكسيا والبوليميا، وانخفاض المناعة وزيادة فرص إصابتهم بالمرض.
وبالنسبة للأعمار، أشارت سعادة إلى أن من هم دون الخمس سنوات لن يفهموا بالطبع طبيعة المشاكل الحاصلة، بل سيشعرون حتماً بغياب أحد الوالدين ما سيخلق لديهم شعوراً بأنه جرى تركهم.
إلى ذلك، أضاءت سعادة على أنه في لبنان، قد لا يستطيع كل أب وأم التوجه نحو المحاكم والمحامين للطلاق، بسبب الكلفة العالية التي تترتب عن المعاملات وكافة التفاصيل المادية الأخرى، ما يخلق تأثيراً مباشراً على الأطفال الذين سيكبرون في منزل مليء بالنزاعات، على أسس غير صلبة وحافلة بالقلق والخوف ما سيدمر نفسيتهم بسبب العنف اللفظي والنفسي والجسدي الذين يشهدون عليه.
 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى