آخر الأخبارأخبار محلية

استقطاب سياسي حاد.. لماذا يتصاعد الحديث عن مخاوف أمنية؟!


منذ أيام، وعلى وقع الاستقطاب السياسي الحاد المحيط بملف الانتخابات الرئاسية، وما خلقته من انقسام عمودي يبدو حتى الآن بلا أفق، يتصاعد الحديث في البلاد عن مخاوف أمنية حقيقية، حتى إنّ بعض المتابعين للشأن العام حذّروا من عودة “سيناريو الاغتيالات” الذي شهدته البلاد في مرحلة ما بعد العام 2005، في أعقاب “زلزال” اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، والجرائم التي تلته.

Advertisement

 
صحيح أنّ ظروف اليوم تختلف جذريًا عن ظروف 2005، على كلّ المستويات، لكنّ “الانقسام العمودي” الذي تعيشه البلاد في ملف الانتخابات الرئاسية، والذي يكاد يصل لتكريس صيغة “غالب ومغلوب”، يشكّل بالنسبة للبعض “سببًا موجبة” للخوف من “تفجير أمني” قد يعيد خلط الأوراق، خصوصًا بعدما توزّعت القوى السياسية على معسكرَين يوازيان في “الجوهر” منطق ما كان يُعرَف بفريقي “8 و14 آذار”.
 
وإلى المقارنة بالـ2005، ثمّة من يعتبر انّ “التشبيه الأقرب” قد يكون بمرحلة أيار 2008، التي سبقت “تسوية” انتخاب الرئيس السابق ميشال سليمان رئيسًا للجمهورية، بعد “فراغ” استمرّ لأشهر، وهو ما قد ينطبق على الواقع اليوم، باعتبار أنّ “التسوية الرئاسية” قد لا تأتي سوى على وقع “سخونة ميدانية”، فهل تبدو الطريق “معبّدة” أمام مثل هذا السيناريو؟ وهل بات احتمال “التفجير الأمني” قائمًا بالفعل؟!
 
مخاوف أمنيّة “مشروعة”
 
قد لا يكون تصاعد الحديث عن مخاوف أمنية، بالوتيرة التي يحصل فيها “بريئًا”، خصوصًا بغياب أيّ مؤشّرات تدل على “انفلات أمني”، وفي ظلّ جهد واضح تبذله الأجهزة الحكومية والأمنية على اختلافها لمنع أيّ “لعب بالنار”، ولكنّه مع ذلك لا يأتي من فراغ، في بلد أضحى فيه “الترابط الكامل” بين الوضعين السياسي والأمني تحصيلاً حاصلاً، حيث أثبتت التجارب أنّ اللجوء إلى الشارع يبقى “تكتيكًا” تلجأ إليه قوى عدّة لتحقيق المكاسب.
 
من هنا، فإنّ المخاوف الأمنية التي تتّسع رقعتها في الأيام الأخيرة، تبدو “مشروعة”، بحسب ما يقول المتابعون، بالنظر إلى حالة الاستقطاب السياسي الحادّ الذي أفرزته أزمة الانتخابات الرئاسية، والتي توحي كلّ المعطيات المرتبطة بها بأنّها متّجهة نحو “المجهول”، مع تمسّك كل فريق بمقاربة لا تلتقي مع الآخر، ورفض الفريقين تقديم أيّ “تنازلات”، ما يُخشى معه أن تخرج الأمور عن السيطرة في أيّ لحظة، على وقع “تعبئة” الرأي العام.
 
أكثر من ذلك، ثمّة من يتحدّث عن “سيناريو وحيد” قد يتيح الخروج من “المأزق الرئاسي”، يكمن عمليًا في التوصل إلى “تسوية” قد لا تكون متاحة إذا لم يسبقها “توتير” على الأرض، سواء كان على شكل تفجيرات واغتيال كما حدث سابقًا، أو على شكل تظاهرات تخرج عن السيطرة وتتوسّع إلى اشتباكات، ليصبح بموجب ذلك الحوار المرفوض اليوم بين الأفرقاء، أمرًا لا غنى عنه، من أجل إطفاء نار الفتنة، إن جاز التعبير.
 
لتجنّب سيناريو “الفوضى”
 
هكذا إذًا، يمكن ربط الحديث المتزايد عن المخاوف الأمنية، بالاستقطاب السياسي الذي يرتفع حدّة، خصوصًا على صعيد ملف الانتخابات الرئاسية، بالنظر إلى الترابط بين الأمن والسياسة، إلا أنّ المعنيين يؤكدون أنّ الأمر “مُبالَغ به”، فالوضع الأمني “مضبوط إلى حدّ بعيد”، في ظلّ “استنفار” يسجّل في صفوف الأجهزة الأمنية والعسكرية لمنع أيّ إخلال محتمل بالأمن، أو سعي أيّ “طابور خامس” لتفجير الوضع بشكل غير محسوب.
 
وفي حين يقلّل العارفون من شأن ما وُصِفت بـ”رسائل أمنية” في الأيام الأخيرة، بيد أنّها اعتُبِرت “مفتعلة” إلى حدّ بعيد، وأبعد ما تكون عن مفهوم “الرسائل” الحقيقية، وكأنّ هناك من أراد “تضخيمها” عن سابق تصوّر وتصميم، يشددون على أنّ المطلوب من المسؤولين والسياسيين أن يتلقّفوا التأهّب الأمني الواضح بـ”يقظة سياسية” لا بدّ منها، عبر التعاطي مع الأزمة السياسية بحكمة ورويّة، بما يمنع أيّ مخططات “مشبوهة”.
 
ويشدّد هؤلاء على أنّ المطلوب لتجنّب سيناريو “الفوضى” أو “التوتير الأمني” بسيط، وهو وقف أسلوب “التحدّي والاستفزاز” في مقاربة استحقاق بحجم رئاسة الجمهورية، والعمل على العكس من ذلك، على تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف، من أجل التوصل إلى “حد أدنى” من التفاهم يقوم على أساس احترام هواجس ومخاوف كلّ القوى، وعدم السعي لفرض أيّ مرشح، بما يسمح للرئيس العتيد بأن يحكم في أجواء إيجابية.
 
يقول العارفون إن التفجير الأمني، ولو كان بنظر البعض، “بطاقة عبور” مرشح رئاسي من هنا أو هناك، أو “طريق تحرير” الاستحقاق الرئاسي من الفراغ، قد يكون “أخطر” ممّا يظنّ البعض، ولا سيما في ظلّ الوضع المتردّي الذي يعيشه اللبنانيون على كل المستويات، في ظلّ الانهيار الاقتصادي والاجتماعي الشامل، ما يفرض مقاربة من نوع آخر، تبعد “شبح” الانفجار الأمني، ولو كان على شكل “إشاعات” ليس إلا!


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى